آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » جرائم وإرهاب إسرائيل هي عقيدة توراتية

جرائم وإرهاب إسرائيل هي عقيدة توراتية

د. عبد الحميد فجر سلوم

بعد أن أدركت إسرائيل أن الموقف العربي من مذبحة غزة لا يتجاوز حدود البيانات والتصريحات والخطابات ومناشدة دول العالم والأمم المتحدة، تشجّعت لِتكرار ذات المذبحة ولكن هذه المرة في لبنان، وذلك في ظل موقف دولي منافق، ودعم مُطلق من الولايات المتحدة الأمريكية، وعجز عربي كامل.. واستخدام ذات التكتيك والبروباغندة الإعلامية من أنها لا تستهدف الشعب اللبناني وإنما حزب الله، وكما فعلت في غزة من أنها لا تستهدف أهل غزة وإنما منظمة حماس، وذلك لعزل هذه المقاومات عن جماهيرها ومؤيديها، مع أنها لم تستثني بشرا ولا حجرا ولا شجرا، ولا حتى موظفي المنظمات الدولية وعمال الإغاثة، والغالبية الساحقة من ضحاياها هم من المدنيين والنساء والأطفال.. فيا رُخص الدّم العربي!.

الإجرام الإسرائيلي، والإرهاب الإسرائيلي، في لبنان وغزّة والضفّة والجولان السوري المحتل، ليس مسألة عابرة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية.. فهي من صُلبِ العقيدة التوراتية التي انطوت عليها أسفار العهد القديم والتي تحدّث عنها الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي في كتابه(جذور الإرهاب اليهودي في أسفار العهد القديم). وهي تأمر بقتل الأطفال والنساء والأسرى.

في الأسفار العدد 31 :17﴿فَٱلآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا)..ولذلك العالم يعرف أن إسرائيل ككيان قامت بالأساس على المجازر والوحشية والإرهاب والقتل والتهجير.

وفي رواية الكاتب المغربي (حسن رياض) بعنوان (أسفار يعقوب الأربعة) يتناول تاريخ جذور التطرُّف والعدوانية بالفكر الديني اليهودي، وتحريف التعاليم السماوية لتبرير التسلُّط والاستعلاء والعنصرية على الشعوب الأخرى بذريعة(شعب الله المختار) وتبرير كافة الوسائل لتحقيق الوعد الخرافي التاريخي للشعب اليهودي بالأحقية الدينية على أرض كنعان(فلسطين) وما جاورها من النيل إلى الفرات، وهذه حسب معتقداتهم أرض الميعاد التي وعد الله فيها إبراهيم:

“فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلًا: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.” (سفر التكوين 15: 18).

**

لن نستشهد بما كتبهُ وأرّخهُ الكُتّاب والمؤرخون العرب عن الإرهاب اليهودي وتزوير التاريخ، كما د. عبد الوهاب المسيري في كتابه “مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي”، وهو (صاحب الموسوعة الشهيرة:اليهود واليهودية والصهيونية) ، والدكتور رشيد الخالدي (وهذا يحمل الجنسية الأمريكية) في كتابه(حرب المائة عام على فلسطين من 1917 حتى 2017 . والدكتور إدوارد سعيد في كتابه( القضية الفلسطينية والمجتمع الأمريكي) وهو يحمل أيضا الجنسية الأمريكية، ولا غيرهم من كبار المؤرخين العرب.. ولا مؤسسة الدراسات الفلسطينية، أو مراكز البحوث الفلسطينية والعربية، حتى لا يُقالُ وشهِدَ شاهدٌ من أهله، وإنما سنشير إلى ما كتبهُ المؤرخون والأكاديميون الغربيون، بل حتى بعض الإسرائيليين بهذا الصدد.

فالمؤرِّخ الإسرائيلي(المناهض للصهيونية) إيلان بابيه، تحدث في كتابه (التطهير العرقي في فلسطين) عن الروايات الزائفة للتاريخ، فيشير إلى أن مسؤولي الاحتلال قادوا حملات تشويه ممنهجة لطمس تاريخ النكبة، قائلا: “لو حدث هذا في القرن الحادي والعشرين، لكان سُمِّي تطهيرا عِرقيا”. وكان هو المؤرخ الأول الذي يُطلِق مصطلح “التطهير العِرقي” على المجازر التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين خلال فترة النكبة بين عامي 1948 و1949.. ثم بدأ استخدام هذا المصطلح ينتشر عالميا.. ويَنقل عن لسان دافيد بن غوريون قولهُ عام 1938(أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئا غير أخلاقي). ويُضيف: تُعَدُّ “نكبة 1948” مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ليس فقط لأنها شهدت حملات الطرد الجماعي للشعب الفلسطيني من أرضه، ولكن لأن التاريخ كما كتبه الصهاينة حول تلك الفترة لا يشبه أيًّا مما نعرفه نحن عن ظهر قلب، بدءا من إنكارهم وجود شعب على أرض فلسطين، ووصولا إلى ادعائهم أن الفلسطينيين هربوا طوعا إبان حرب  1948 .

المؤرِّخ الأمريكي توماس سواريز في كتابهِ (دولة الإرهاب)وهو من أهم الكتب، يدحض بالوثائق والأدلة التاريخية كل ما يشاع عن “دولة إسرائيل الديمقراطية”، ويفضح “الأسس العنصرية” التي قامت عليها الدولة الصهيونية الساعية لإنشاء وطن يهودي نقي العِرق، ولن ترضى بغير السطو على أرض فلسطين كاملة حلا لهذا النزاع. ويكشف حقيقة الإرهاب الصهيوني الذي مُورِس في حق الفلسطينيين، بدايةً من صَبغِ المشروع الصهيوني بصبغةٍ توراتية لتشريع أحقيتهم في أرض فلسطين، مرورا بتجريم “المقاومة الفلسطينية” ووضعها داخل إطار “معاداة السامية”. ولخدمة أغراضهم أعادوا استخدام اللغة العبرية من جديد بعدما كانت ميّتة لسبعة عشر قرنا.

كتاب (الصراع العربي الإسرائيلي) للصحفي وأستاذ علم الاجتماع الأرجنتيني (بيدرو برييجر) المتخصص بالقضية الفلسطينية يناقش الفرق بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، والطرق الملتوية التي استخدمها الصهاينة حتى يحوِّلوا الأقلية اليهودية في أرض فلسطين إلى أغلبية.. كما يرصد برييجر عملية “التهويد” التي تعرضت لها أكثر من 500 مدينة فلسطينية بعد تدميرها، وذلك للحيلولة دون عودة سكانها، ومن ثم يتعرض للقوانين التي سنَّتها الدولة الصهيونية لمنع الفلسطينيين الذين نزحوا خلال الحرب من العودة، وهي القوانين التي طُبِّقت حتى على الغائبين الذين غادروا منازلهم في فترة المواجهات العسكرية لإيجاد ملاذ في بيت أحد الأقارب حتى ولو كان على بُعد عدة كيلومترات، مُنعوا من العودة.

المؤرخ الإسرائيلي (آدم راز) في كتابه (نهبُ الممتلكات العربية في حرب 1948) يروي عمليات النهب والسلب الممنهجة التي تعرضت لها ممتلكات الفلسطينيين خلال فترة النكبة بين عامي 1948 و1949، ويكشفُ كيف تورطت مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي في عمليات السطو هذه بمباركة السلطة وعلى رأسهم دافيد بن غوريون.

المؤرخ الألماني فرانز شيدل صاحب كتاب (الإرهاب اليهودي) ينقل عن مناحيم بيغن قولهُ عشية العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 (ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبدا عندما تقتلون أعداءكم، ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية)..

عشرات المؤرخين والكتاب الغربيين تحدثوا عن الإرهاب الصهيوني الراسخة جذورهُ في العهد القديم (التوراة)..

ولذلك ما يرتكبه نتنياهو من جرائم فظيعة بحق شعب فلسطين ولبنان، ليس سوى امتدادا للإرهاب الصهيوني الذي سبقهُ إليه بن غوريون، وموشيه شاريت، ومناحيم بيغن، وإسحاق شامير، وآرييل شارون، وشيمون بيريز، وإيهود أولمرت، وغيرهم من رؤساء حكومات إسرائيل مُستندين على الفكر التوراتي، كما أسلفنا. وإن كان نتنياهو وحكومته اليوم هُم الأعنف والأكثر وحشية، فإنما لأنهم فهموا العقلية العربية أكثر، ومدى تخاذُل العرب وتراجُع الاهتمام بالشأن الفلسطيني، وما وصل إليه التشرذم والتفتُّت العربي، وتلاشي المشاعر والعواطف العربية التي كانت في أوج قوتها في الخمسينيات والستينيات وحتى أوائل السبعينيات خلال حرب 1973 .. ولكنها أخذت بالتلاشي والاضمحلال بعد زيارة السادات للقدس، وما تبعها من اتفاقات وتطبيع وخروج مصر من معادلة الصراع، ثم ما حصل من صراعات عربية بعد احتلال صدام للكويت والاستعانة بالولايات المتحدة وغيرها لتحرير الكويت..

**

ومن هنا فإنني أُنبِّه كمواطن عربي وعروبي ومُتابع لإرهاب وإجرام وأطماع إسرائيل، أنه إن خرجت إسرائيل من هذه الحرب (كاسِبة) لا سمح الله، فهذا يعني أن الطريق بات مفتوحا أمامها مستقبلا لتحويل الخرافة التوراتية إلى حقيقة: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.”

ولذلك نرى هذا الإصرار والرفض المطلق لنتنياهو وحكومته المتطرفة في عدم الموافقة على قيام دولة فلسطينية، والسعي لتهجير أهل غزة إلى سيناء، وأهل الضفة الغربية إلى الأردن، وهذا تحدثوا عنه علنا في عدة تصريحات.

ولذلك أيضا رفضَ نتنياهو حتى خطة الرئيس الأمريكي بايدن لقيام هدنة في غزة وحديثهِ عن مشروع حل الدولتين، وهذا بالنسبة لِبايدن سوف يُمكِّنُ من إنشاء تحالف شرق أوسطي مما يُطلقون عليه الدول العربية المعتدلة في وجه محور إيران. بينما نتنياهو يعتقد أن هذا التحالف يمكن أن يقوم دون أن يقدم أي تنازلات للشعب الفلسطيني، وحجتهِ أن هذه الدول تحتاج إلى حماية إسرائيل لها في وجه إيران ومقابل ذلك فهي لا تكترث بقضية الشعب الفلسطيني إلا بالخطابات والبيانات، ولذلك كلها طبّعت مع إسرائيل أو في طريقها لذلك، دون أن تقدِّم إسرائيل تنازلا واحدا لصالح القضية الفلسطينية، حتى لو كان التوقف عن بناء مستوطنة واحدة جديدة.

لا سبيلا أمامكم أيها العرب سوى أن تشبكوا أياديكم ببعض لوقفِ هذه المخططات الصهيونية الخطيرة، وحتى لا يأتي زمنا تقولون فيه: إنما أُكِلنا يوم أُكِل الثورُ الأبيض. فأرض الميعاد بالنسبة للصهاينة من النيل إلى الفرات هي هدفٌ مستقبلي يعيش في عقولهم ويسري في دمائهم، وإن استمرّ هذا التخاذل والتشرذم العربي، فهُم في طريقهم لتحقيق ذلك. والصهاينة لا أمانة لهم، ولا ميثاقا.. فاحذروا.. إحذروا..

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

من هي الفرقة الناجية..؟

  يافع منصور لا تكاد تخلو قناة دينية اليوم من الحديث عن الفرقة الناجية وكل يسحب البساط إليه. ولهذا أقول كلمتي وجوهر اعتقادي بالفرفة الناجية. ...