محمد خواجوئي
طهران | سلّطت الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، الضوء على التطورات الحاصلة في لبنان، تزامناً مع ازدياد حدّة العدوان على هذا البلد، والذي يحتل حالياً بؤرة اهتمام القيادة الإيرانية. وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول لبنان، مساء الأربعاء، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن «العدوان الإسرائيلي على لبنان لا ينفصل عن الوضع في المنطقة»، وإنه «من دون وقف إطلاق النار في غزة، ما من ضمانات للسلم»، محذّراً من أن «الوضع في المنطقة قابل للانفجار». ونبّه إلى أن «عدم اتخاذ إجراء في هذا الشأن سيؤدي إلى كارثة شاملة غير مسبوقة»، متّهماً إسرائيل بتنفيذ «تكتيك مدروس لإجبار الشعب اللبناني على النزوح من أرضه». وعن الدعم الإيراني لـ«حزب الله»، قال الوزير إن الأخير «يتّخذ قراراته بنفسه، وهو قادر على حماية نفسه ولبنان والشعب اللبناني بمفرده بالكامل». كما حذّر عراقجي، خلال لقاء جمعه إلى نظيره البريطاني، ديفيد لامي، من التداعيات الكارثية للعدوان الإسرائيلي على لبنان، إذ كتب عبر حسابه في منصة «إكس»، أنه قال لنظيره: «من أجل تفادي الخطر غير المسبوق والمتمثّل في وقوع كارثة من العيار الثقيل في المنطقة، فإن الهجمات الإسرائيلية يجب أن تتوقّف على الفور». وأضاف: «إن واجباً قانونياً وأخلاقياً يُثقل كاهل داعمي ومزوّدي إسرائيل، لذلك يتعيّن عليهم تحمّل مسؤوليتهم قبل فوات الأوان».وبعد يوم واحد من تحذير الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، من «تحوّل لبنان إلى غزة أخرى» على يد إسرائيل، وقوله إن «حزب الله غير قادر على القيام بهذا العمل بمفرده، والوقوف بمفرده أمام كيان تدافع عنه وتدعمه الدول الغربية والأوروبية وأميركا»، تحدّث المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أول من أمس، بنبرة مختلفة، إذ رأى أن «حزب الله في لبنان والمقاومة الفلسطينية هما المنتصر النهائي» في الحرب مع إسرائيل. وفيما أشار إلى الهجمات التي تطاول لبنان، قال: «نعم، يوجّهون ضربة، وكان ذلك خسارة بالنسبة إلى حزب الله، لكن هذه الخسارة لم تكن لتنهك حزب الله. إن الاقتدار والقوة والصلابة التنظيمية والإنسانية لحزب الله، هي أكبر بكثير من أن يتلقّى ضربة أساسية من خلال هذه الاستشهادات».
وفي اليوم الأخير من زيارته إلى نيويورك، أول من أمس، التقى الرئيس الإيراني، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، وذلك على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة. كما دعا بزشكيان، لدى لقائه نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فرنسا، إلى الاضطلاع بدور أكثر تأثيراً لوقف جرائم إسرائيل في غزة ولبنان. وتطرّق، خلال اجتماعه بـ«كبار المفكّرين الأميركيين»، إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان وعلاقتها بإيران، ليقول إن «الكيان الصهيوني يسعى في ظلّ نقل الاشتباكات إلى لبنان، مجدداً، إلى جرّ إيران إلى المواجهات في المنطقة. إنّنا نمارس ضبط النفس أمام هذه المؤامرة، لكن ونظراً إلى شدّة واتساع نطاق جرائم الصهاينة، فإن المشاعر العامة قد جُرحت بشدّة سواء في داخل إيران أو المنطقة، وربّما يخرج الوضع عن السيطرة بشكل ما».
أعرب بعض علماء الدين الشيعة في مدينة قم عن دعمهم الحازم لـ«حزب الله» أمام الاعتداءات الإسرائيلية
في هذا الوقت، أعرب بعض علماء الدين الشيعة في مدينة قم، بمن فيهم ناصر مكارم شيرازي وعبد الله جوادي آملي، في رسائل منفصلة، عن دعمهم الحازم لـ«حزب الله» أمام الاعتداءات الإسرائيلية، ودعوا الجميع إلى نصرة جبهة المقاومة. أمّا السيد حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، والذي يُعدّ من الوجوه الدينية والسياسية في إيران، فقد أثنى في رسالة إلى الأمين العام للحزب، السيد حسن نصرالله، على «جهاد الإخوة والأخوات اللبنانيين النشامى»، معلناً استعداده لمواكبة المقاومة في وجه «الكيان الصهيوني غير الشرعي».
من جهتها، كتبت صحيفة «فرهيختكان» الأصولية، في تحليل للتطورات الأخيرة في لبنان، أنه «يبدو أن الكيان (الصهيوني) وأميركا لا يملكان في الوقت الحاضر القدرة على حسم الموقف في لبنان، لكنهما سيحاولان اكتساب هذه القدرة في غضون الأشهر المقبلة. وراهناً، سيقتصر فعل الكيان على الحرب المحدودة لإضعاف المقاومة. وإذا تمكّنت الجبهة الغربية – الصهيونية من تحقيق هذين الهدفين، فإنها ستتجه في الأشهر المقبلة حتماً نحو تحقيق هدفها المتمثّل في السيطرة على لبنان؛ السيناريو الذي سينسحب على سوريا أيضاً، وسيتم لاحقاً وضع قمع المقاومة العراقية على جدول الأعمال». أما سعد الله زارعي، في صحيفة «كيهان» الأصولية، فرأى أن «تكتيك إسرائيل الحالي يتمثّل في التغطية على إخفاقها رغم مضيّ عام على بدء الهجوم على غزة، في حين أن المقاومة تتطلّع، في مناخ أفضل، إلى هزيمة سياسات الكيان. إن وحدة اللبنانيين، بعد بدء جولة جديدة من الأعمال الشريرة للكيان الإسرائيلي، أظهرت أن مكانة حزب الله باتت أقوى».
وكتبت صحيفة «أرمان ملي»، من جهتها، في مقال للدبلوماسي السابق أحمد دستمالجيان، أن «حزب الله قوّة متماسكة للغاية وصاحب خبرة وتجهيزات جيدة جداً، ويمكن أن يكون دوره حاسماً ومصيرياً. إن حزب الله قد انتهج إلى الآن سياسة ضبط النفس من أجل تفادي توسيع نطاق الحرب وسفك الدماء في المنطقة. لكن إن تقرّر أن يتجاوز الكيان الصهيوني الخطوط الحمر، فإن جميع المنشآت الصناعية والاقتصادية والعسكرية للكيان، ولا سيما في الشمال، يمكن أن تتحوّل إلى أهداف… الكيان الصهيوني لا يحتمل هكذا ضربات لأنه متورّط في حرب على مدى عام، وقد أصيب عسكريوه بالإنهاك، ويبدو أنهم أصيبوا بالإرهاق من الناحية النفسية أيضاً. ولهذا السبب، يعارض وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، استمرار الأزمة مع لبنان، لأنه يعرف الوضع المزري الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي».
سيرياهوم نيوز١_الأخبار