آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » قراءة في ميدان الحرب على جبهة لبنان.. هل سنشهد الحرب البرية؟

قراءة في ميدان الحرب على جبهة لبنان.. هل سنشهد الحرب البرية؟

كمال خلف

يتواصل التصعيد بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل ويدخل مستوى غير مسبوق، لكنه بذات الوقت ما زالت تحكمه الضوابط ولم يدخل الطرفان مرحلة الحرب المفتوحة الشاملة، وفي ضوء هذا التصعيد يمكن تثبيت النقاط التالية التي توضع صورة الميدان وما يجري الان على الجبهة اللبنانية.

الموقف الميداني الراهن

  • تعتمد إسرائيل في عدوانها على لبنان حتى اللحظة على عدة عناصر:

ـ الأول: الكثافة النارية والغارات الجوية ضد اهداف عسكرية ومدنية، وتعتمد في ذلك على عقيدة الصدمة والترويع لخلخلة صفوف المقاومة ونسقها في الميدان تحديدا في منطقتي الجنوب والبقاع شرق لبنان، ويطبق الجيش الإسرائيلي العقيدة الامريكية بحذافيرها كأسلوب منهج عمل وتقوم عقيدة الصدمة والترويع حسب صاحبها هارلن اولمان على المحددات التالية:

 1 ـ القوة النارية الساحقة وهذا ما تحاول إسرائيل القيام به منذ اليوم الأول عبر عدد كثيف من الغارات.

 2- شل تصور الخصم لميدان المعركة وتدمير إرادة القتال لديه وهذا الأسلوب لجأت اليه إسرائيل عبر تفجيرات البيجر في كل المناطق اللبنانية والذي أوقع عشرات الشهداء وآلاف الجرحى في دقائق وعلى الفور تنفيذ عمليات اغتيالات متتالية وسريعة وثم الانتقال الفوري الى القصف العنيف والمركز على قرى وبلدات الجنوب .

 3 ـ السرعة والانتقال السريع في التنفيذ دون ترك مسافة للخصم، وهذا تماما ما حاولت ان تقوم به إسرائيل خلال كل الأيام الماضية من العدوان.

واضح ان إسرائيل طبقت تلك العقيدة بكامل حذافيرها، ولكن من خلال أداء المقاومة اللبنانية لا يبدو ان إسرائيل قد جنت ثمار هذه العقيدة، الثابت ان حزب الله حافظ على منظومة القيادة والسيطرة، واستوعب الهجمة المكثفة، وحافظ على قدرة السيطرة في الميدان والتحكم بوتيرته، ويتضح ذلك من خلال اختيار الأهداف وتوظيف القدرات العسكرية بشكل متدرج، والتحكم بالمديات ومسافات الاستهداف بالعمق.

ـ الثاني: توظيف المعلومات الاستخبارية في المعركة بشكل فوري، الواضح ان إسرائيل امتلكت قاعدة واسعة من المعلومات قد تكون

جمعتها خلال السنوات الماضية عن حزب الله وقادته وتحركاتهم، والتفوق التكنولوجي في مجال الاتصالات والاختراق السيبراني، هذا العامل امن لإسرائيل النجاح في عمليات الاغتيال للقادة. هي بدون ادنى شك ضربات قاسية للمقاومة، لكنها بذات الوقت لم توقع التأثير المتوقع من إسرائيل على بنية الحزب العسكرية وادائه في الميدان.

ـ الثالث: العنصر الثالث المهم الذي تعتمد عليه إسرائيل حتى الان في المعركة هو الدعاية، وظفت من اجل ذلك إسرائيل إمكانات هائلة لبث روح الإحباط واليأس لدى جمهور وبيئة المقاومة، وفضاء هذه الحملة الدعائية يتركز أولا في بعض الاعلام العربي الذي يتعاون بشكل مباشر واحيانا مستتر مع هذا الهدف الإسرائيلي، وثانيا فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أنشأت إسرائيل آلاف الحسابات الوهمية بأسماء عربية من ناحية، وتعاونت مع جهات عربية لتوظيف حسابات لشخصيات معروفة او نشطاء لصالح الدعاية الإسرائيلية، وتقوم هذه الدعاية على مبدأ الاستهزاء بالمقاومة والتشكيك بجدوها، والشماتة بشهدائها وبيئتها، بالمقابل تعظيم قدرات إسرائيل وترويج سرديتها واكاذيبها على انها حقائق، وشن هجمات منسقة على من يدعم او يساند المقاومة او ينشر تأييدا لها او انتقادا لجرائمها.

الحرب البرية واحتمالاتها وظروفها

هذه العناصر الثلاثة التي تعتمد عليها إسرائيل في الميدان حتى الان، ومع هذه العناصر المتواجدة في ساحة المعركة تلوح بالهجوم البري على لبنان لاحتلال المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني. ويمكن تثبيت بعض النقاط المهمة في هذا المضمار

أولا: مازال الهجوم البري على لبنان مجرد تهديد وتهويل الحسابات الإسرائيلية العسكرية مازالت مترددة حول الاقدام علـى مناورة برية، هي تلوح به ليل نهار . الثابت حتى الان ان الحشد العسكري البري في الشمال ليس مقنعا للقول ان هجوما بريا وشيكا سيقع .

ـ ثانيا: تلعب عدة عوامل دورا مؤثرا في قرار الحرب البرية، هي ميدان فيه الأفضلية لحزب الله والمقاومة، فهي الأرض التي اعدها حزب الله لسنوات كميدان للمعركة الكبرى، أي ان إسرائيل ستدخل ميدان حزب الله المعد سلفا لهذه المواجهة والمحصن بالانفاق والكمائن ووسائل قتالية

 لا يلعب التفوق الجوي الإسرائيلي فيها دورا كبيرا، انما المنازلة بين الدروع والاليات والقاذفات المضادة للدروع.

التضاريس كذلك عامل مؤثر في الميدان البري، الجنوب اللبناني منطقة جبال وتلال واودية وغابات، وهي بيئة مثالية لحرب العصابات والمقاومة، ولا تعطي افضلية قتالية لتوغلات الجيوش النظامية والاليات الثقيلة، وهي تختلف كل الاختلاف عن غزة المنبسطة والتي واجه ومازال يواجه الجيش الإسرائيلي فيها مقاومة شرسة ولم يحقق فيها اهداف الحرب.

عامل الطقس أيضا لا يمكن اغفاله، فتأخر الهجوم البري الإسرائيلي لبضعة أسابيع، يعني ان الجيش سيدخل جنوب لبنان بطقس ماطر وارض رخوة تبطيء من حركة الدبابات والاليات، واذا ما حل الضباب في الوديان والغابات فانه سيكون عامل مساعد للمقاومة، وسيزيد من معاناة القوات المتوغلة.

ـ ثالثا: من الصعب تصور ذهاب الجيش الإسرائيلي الى عدوان بري على لبنان، مع التقارير التي تتحدث عن إعادة حماس والمقاومة الفلسطينية تنظيم صفوفها في غزة، وزيادة فعالية العمليات ضد القوات الإسرائيلية المتواجدة في غزة، سوف يحتاج الجيش الإسرائيلي لارسال تعزيزات في الأيام القادمة الى غزة لمنع تمدد المقاومة الفلسطينية وزيادة فعاليتها، فكيف سيقاتل على جبهة مصيرية وحرب طاحنة في لبنان، وهو يواجه صعوبات وحربه في غزة ترتد عليه.

ـ رابعا: هناك احتمال ان يلجأ الجيش الإسرائيلي الى مناورة برية محدودة للغاية وعلى بقعة صغيرة على الحدود ومحسوبة بدقة كي يرفع من معنويات الجمهور الإسرائيلي ويرفع منسوب الضغط على المقاومة، أي يحدث بعض الثغرات ويتوقف ليقول نتنياهو نفذوا الشروط او سوف نستمر.

ماذا عن الأهداف وافشال الأهداف

وضع نتنياهو هدفا معلنا وهو إعادة مستوطني الشمال، لكن تحت هذا العنوان ثمة اهداف مستترة أخرى أولها فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، وان يكون مطلق اليد في غزة دون ضغوط من جبهة لبنان، ليكمل الحرب هناك ويحقق الأهداف التي لم يتحقق منها شيئا، والتي سوف يستفيق الجمهور الإسرائيلي عليها لاحقا ويقول لنتنياهو اين هي ؟ والهدف الاخر هو ضرب مفهوم وحدة الساحات الذي أرق إسرائيل منذ سنوات حتى قبل السابع من أكتوبر، وهذا هدف استراتيجي بعيد على مستوى الإقليم ككل .

بالمقابل هدف المقاومة اللبنانية منع عودة المستوطنين، حتى مع مواصلة إسرائيل ضرب المدنيين في لبنان وتهجيرهم لصنع معادلة العودة مقابل العودة . وهدف المقاومة في لبنان ربط الساحة في لبنان بغزة بشكل مصيري أولا للحفاظ على معادلة وحدة الساحات، وثانيا لان هزيمة المقاومة في غزة تعني اضعاف موقع حزب الله الاستراتيجي في المنطقة . وبمقابل محاولات إسرائيل فك ارتباط لبنان بغزة، جاءت ردة الفعل من خلال زيادة نشاط الجبهة في العراق وتفعيل ارسال المسيرات والصواريخ باتجاه ايلات، وتفعيل جبهة اليمن وتكرار ضرب تل ابيب بالصواريخ، هي ليست اسنادا عسكرية من الجبهات العراقية واليمنية فحسب، بل هي افشالا للهدف الإسرائيلي بفصل الساحات وتأكيدا واصرارا على تثبيت المعادلة .

وسط كل ذلك يظل هامش الدبلوماسية ضعيفا وسخيفا لحد ما، فالولايات المتحدة تثرثر ولا تفعل شيئا لايقاف حرب نتنياهو على غزة وهي تعرف ان هذا هو مفتاح منع التصعيد وتوسع الحرب، المبادرة الامريكية القائمة على الوقف المؤقت للقتال، مرهونة باقتناع نتنياهو بما قاله له الجنرالات في إسرائيل قبل ان يذهب الى نيويورك، وهو ان عليه ان يوافق كي يحتفظ بالنقاط التي جمعها الجيش في الفترة الماضية. اما المجتمع الدولي فيمارس عادته بالبكاء على الضحايا دون ان يسمح للعدالة بعقاب المجرمين .

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...