آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » مقاومتنا صارت رمزاً عالمياً: لا للفاشية وأباطرة النفط!

مقاومتنا صارت رمزاً عالمياً: لا للفاشية وأباطرة النفط!

علي عواد

 

حالما انتشر الخبر، اندلعت الاحتجاجات في مدن العالم، من إيران والعراق إلى فنزويلا وكوبا وكشمير، نعى الناس استشهاد رجل رأوا فيه رمزاً لتحدّي القمع والقهر. رجل بُنيت حوله الأساطير السياسية والعسكرية. برحيله، لم تخفت شعلة العزم والإرادة، بل ازدادت توهجاً. بينما كانت إسرائيل تأمل من إزاحة نصر الله فرض رؤية اليمين العالمي على منطقتنا، أدى الاغتيال إلى نتيجة عكسية. اشتعلت الاحتجاجات عالمياً واكتشف الملايين حول العالم نصر الله ورسالته المناهضة لسياسات الهيمنة. هكذا، بسرعة، صار القائد الشهيد رمزاً قلّ ما تأتي به البشرية خلال العصور

 

ما كان غير متوقعاً بالنسبة إلى أرباب الفاشية وأباطرة النفط، هو مدى تأثير استشهاد السيد حسن نصر الله خارج لبنان والمنطقة المجاورة. اندلعت الاحتجاجات على مستوى العالم، وسرعان ما أصبحت عملية اغتياله نقطة التقاء لمعارضي الهيمنة، خصوصاً السياسات الأميركية الفاشية والإسرائيلية في الشرق الأوسط. تجمّع المتظاهرون في طهران وبغداد ورام الله وحتى في فنزويلا وكوبا وكشمير، ليعبّروا عن تضامنهم مع الشعب اللبناني. وبدأت موجة غير مسبوقة من الاهتمام بشخصية القائد الشهيد على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً بين مستخدمي الإنترنت في الغرب. بينما كان يُعتبر نصر الله لمدة طويلة رمزاً معروفاً في الشرق الأوسط ومجتمعات المقاومة، فإنّ كثيرين حول العالم لم يكونوا على دراية كاملة بتاريخه.

 

 

(كمال شرف)

 

خلال أيام قليلة، ظهرت عشرات المقاطع المترجمة لخُطَب نصر الله، التي كانت مقتصرة في السابق على الجمهور الناطق بالعربية، على منصات مثل «تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس». هذه الخطابات، التي غالباً ما كانت تركّز على مناهضة الاستعمار والدفاع عن حقوق المظلومين، أثارت اهتمام مستخدمين جدد وأصبحت مادة للنقاش بين المتابعين. بدأ الناس يكتشفون جوانب جديدة في شخصية نصر الله؛ ليس فقط القائد عسكري أو السياسي، بل كخطيب بليغ يستخدم المنطق والحقائق. هذا الاكتشاف أدى إلى تعاطف متزايد مع قضيته بين مناهضي الإمبريالية حول العالم، ما أسهم في توسيع قاعدة الدعم والتضامن معه ومع القضية.

امتد الحداد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، إذ عبّر قادة أميركا اللاتينية سريعاً عن تضامنهم مع نصر الله و«حزب الله». أدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الغارة الجوية الإسرائيلية التي أودت بحياة نصر الله، واصفاً إياها بأنها جزء من أجندة إمبريالية أوسع تهدف إلى قمع الحركات المناهضة للاستعمار حول العالم. بالنسبة إليه، كانت المقاومة التي يمثلها «حزب الله» أكثر مجرد قضية إقليمية، بل جزءاً من نضال عالمي ضد الظلم. من جانبه، وصف الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل عملية الاغتيال بأنها «جريمة جبانة مستهدفة»، وحمّل إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية الكاملة. بالنسبة إلى فنزويلا وكوبا، وهما دولتان لديهما تاريخ طويل في مقاومة التدخل الأميركي والإمبريالية، كان استشهاد نصر الله محاولة جديدة من القوى العظمى لإسكات أصوات المقاومة. أوضحت الاحتجاجات والتصريحات التضامنية من هذه الدول كيف فُهم نضال نصر الله ليس فقط كقضية لبنانية أو شرق أوسطية، بل كجزء من حركة عالمية ضد الهيمنة الإمبريالية. في إيران، الحليف الرئيسي لـ «حزب الله»، أعلنت الحكومة عن خمسة أيام من الحداد. وفي ساحة فلسطين في طهران، تجمّع الآلاف ليس فقط للحداد، بل لبعث رسالة تحدٍ. شعارات مناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة ملأت الأجواء. وبالمثل، اندلعت الاحتجاجات في العراق، حيث نزل المتظاهرون إلى شوارع بغداد متعهدين بمواصلة مقاومة التأثير الإسرائيلي في المنطقة. لم يكن اغتيال نصر الله مجرد حدث محلي لهؤلاء المتظاهرين؛ بل كانت لحظة ذات أبعاد عالمية.

ظهرت عشرات المقاطع المترجمة لخُطَب نصر الله على منصات مثل «تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»

 

حتى في الهند، البلد الذي يسعى جاهداً إلى أن يصبح «الصين الجديدة» وإنشاء ممر عبر إسرائيل إلى أوروبا كما أوضح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في الصورة التي رفعها في قاعة الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي، اندلعت الاحتجاجات رداً على اغتيال نصر الله. في كشمير، المنطقة المتنازع عليها، تجمّع المتظاهرون في شوارع سريناجار معبرين عن غضبهم ضد إسرائيل ومتضامنين مع القضية المناهضة للإمبريالية. ورغم الطموحات الجيوسياسية المتنامية للهند وتحالفها الإستراتيجي مع القوى الغربية الفاشية، كشفت هذه الاحتجاجات عن التوترات العميقة والمقاومة الداخلية، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية المسلمة التي رأت في وفاة نصر الله جزءاً من نضال أكبر ضد الإمبريالية والسيطرة الأجنبية. حفّز اغتيال نصر الله الجماهير في المنطقة وخارجها على التعبير عن دعمهم لنضاله، بل وتضاعف تأثيره السياسي والدعائي بعد وفاته.

هذه التطورات وضعت نتنياهو في موقف حرج، إذ لم تؤدِ العملية إلى إضعاف «حزب الله»، بل عزّزت من شرعية مقاومته وأعطت دفعة جديدة لقضيته. بالإضافة إلى ذلك، أسهمت هذه العملية في تأجيج التوترات الإقليمية والعالمية، ما قد ينعكس سلباً على الطموحات الإسرائيلية في الاستقرار الإقليمي والتحالفات الدولية.

في عالم اليوم، يظهر تحالف متين بين الفاشية وصناعة النفط، إذ تتلاقى المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لتشكيل سياسات قمعية تخدم القوى الكبرى وتدعم الأنظمة الاستبدادية. تعتمد الفاشية الحديثة على السيطرة المطلقة على الموارد الطبيعية، وبالأخص النفط. وفي الوقت نفسه، تستفيد شركات النفط الكبرى من الحماية التي توفرها الأنظمة الفاشية والغاصبة للأراضي، إذ تضمن لها استغلالاً غير محدود للموارد من دون تدخلات تُذكر في مسائل مثل حقوق الإنسان أو البيئة. هذا التحالف بين النفط والفاشية يتجلى بشكل خاص في دعم الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط، والتي توفر الاستقرار للأسواق العالمية على حساب الحريات الفردية والديموقراطية لدى شعوب منطقتنا. صار هذا التعاون اليوم يشكل تهديداً مزدوجاً؛ إذ يعزز استمرارية الأنظمة القمعية من جهة، ويسهم في تفاقم أزمة المناخ العالمية من جهة أخرى.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

فقط الجسد غيّر عنوانه … نجوم سوريون تضامناً مع نبأ استشهاد السيد حسن نصر الله

مصعب أيوب   بعد أن زلزل المنطقة نبأ استشهاد الأمين العام لحزب اللـه السيد حسن نصر اللـه وأعلنت الجمهورية العربية السورية الحداد ثلاثة أيام تضامناً ...