آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » انذارات الذكاء الصنعي

انذارات الذكاء الصنعي

 

بقلم:د.نبيل طعمة

 

مؤشراتها تشق طرقها بقوة ضمن الدول والمجتمعات والأفراد، بإرادة منها أو بدونها، محدثة التغيير القسري بعزم وتسارع مذهل، ومن لا يحاول، أو يجتهد، لامتلاك نظمها وإجادة التعامل معها والتصرف الواقعي أمام انتشارها فإنه سيخرج نظرياً وعملياً من محاورها التي من أهمها أسواق الانتاج والعمل، ومن لا يصنع الفارق، في نفسه أولاً ولمحيطه ثانياً، فإنه سيسقط لا محالة، فكيف بالمجتمعات والدول والاقتصاديات والسياسات، فالعالم يتحرك إلى الأمام متخذاً من تنوع الخيارات التي يناقشها أهدافاً له، ومن ثم يعتمد الأفضل منها، وأجزم أن أفضلها هو الاعتماد على التكنولوجيا التي تُستخلص من الذكاء الصنعي، وهنا لا أدعو لاستبدال الإنسان بالآلة؛ إنماً لتوسيع عقل الإنسان الفاعل الذي عليه استثمار عقله في الآلة كي يصل إلى أفضل منتج يتمتع بالجودة، وإلا فاستبداله بالآلة يكون أكثر من ضرورة، وهنا ندرك أن المُنتج للتكنولوجيا لا يسمح للمستهلك بإنتاجها، ولكن طالما أن لهذا المستهلك عقلاً فهو يستطيع تفكيكها، أو على أقل تقدير يفهم نظم إدارتها كي يدافع عن وجوده، وإلا فإنها ستسحقه..

إن الإيمان بضغط التكنولوجيا القوي على النظم السياسية التي تمتلك إرادة التوجيه للمحاور الاقتصادية والاجتماعية بضرورة التأقلم مع تسارع مخرجاتها الواضحة والمشفرة، هذه التي باتت تخترق كل شيء، وفي مقدمتها العقول ومن ثم الأدوات والمواد، وانتهاء بالحدود، والتي أصبحت جزءاً هاماً، وغدت جزءاً من الحروب وأهمها السيبرانية، وما شهدناه في عمليات اختراق أجهزة التواصل (البيجر والتوكي ووكي والهواتف النقالة وأجهزة التحكم) وتفجيرها عن بعد، ما هو إلا إثبات على قوة ونجاعة هذا الاستثمار في هذا النوع من الذكاء الصنعي؛ الذي أخذ يشق سبيله للسيطرة على كل شيء، وأهمه إخضاع الإنسان، مبدعه، لمشيئته، وعلى الرغم من كل ميزاته الإيجابية إلا أنه يشكل من الخطر والتهديد مالا تمثله المخرجات النووية التي تستخدم في تدعيم أشكال الحياة، وفي الوقت نفسه تحقق الإبادة الكلية للبشر والشجر والحجر، ومن أهم الإنذارات التي تشير إلى عدم امتلاك مبدعيه المسؤوليات الأخلاقية، وهذا ماحدث عندما شهدنا على تفجير أجهزة البيجر والتواصل الاجتماعي، إذ بكبسة زر مات الآلاف من البشر بدون ذنب.

أخذ الجيل الجديد من التكنولوجيا الواردة من الذكاء الصنعي  يشق طريقه ويستثمر في الحروب الاقتصادية والسياسية، وأخطرها حروب التكنولوجيا السيبرانية التي بدأت تستهدف الإنسان؛ وحتى أدواته الانتاجية التي تدفع بنا للمفاضلة بين معطيين، الأول الذهاب لامتلاك المنظومة الفكرية العلمية والعملية للتكنولوجيا في عمليات الإدارة والإنتاج والتبادل وإجادة استعمالها، وهذه في اعتقادي هي المناسبة لمجتمعاتنا، أو الاستسلام للآليات الجديدة القادمة من الذكاء الصنعي الذي يعتمد استبدال الإنسان بالآلة أو بأدواته التي يخرجها ويرمي بها إلى مجتمعاتنا حيث يتحكم بها من بعد، هذان المعطيان أصبحا متوافرين وعلى شعوبنا أن لا تخطئ الخيار؛ بل أن تسرع في توسيع مداركها بغاية استيعاب الحاصل العالمي.

لا شك أن التكنولوجيا وتتابعاتها العلمية والمشفرة، وأهمها ما وصلت إليه بفضل الذكاء الصنعي، نسفت الماضي وأخذت تمحو وجوده من ذاكرتها، والدليل أن من لا يمتلكها ويستوعب قدراتها والتعامل معها لن يكون له وجود، حتى وإن كان موجوداً، هذا جزء يسير توجهه إنذارات  الذكاء الذي يتقوى من بين جنبات التكنولوجيا ويلقي بأجزاء بسيطة، أو الفتات منه، إلى المجتمعات الواقعة ضمن منظومة دول العالم الثالث أو الدول النامية، أو تلك الباحثة عن النمو والحضور أو إثبات الحضور، حتى اللحظة لم يتمكن مجتمعنا من إدخال التكنولوجيا الخدمية إلى تعاملاته بشكل علمي، وهناك محاولات مازالت خجولة نتاج ضعف دخل الفرد أولاً، وتباطؤ أجهزة الدولة التي ترمي بأسباب تأخرها عن اللحاق بالركب العلمي العالمي بضعف كوادرها وعدم وجود برامج علمية تربوية تتبنى مواضيع تكنولوجية تهيئ الأجيال للتعامل معها.

التحولات التكنولوجية غدت أكثر من هائلة، فإن هي رقمنت الآلة وشفرتها فلا تستغربوا، كذلك إن وصلت إلى رقمنة الإنسان وتشفيره، ومن لا يحاول أن يعتمد على الذكاء الصنعي واستيعاب المتغيرات وتأثيراته حكماً هو متأخر ومتخلف ولن يكون له حياة، فاليوم تنذره، ولكن غداً إن لم يمتلكها ستقضي عليه.

(سيرياهوم نيوز1-الازمنة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

منصة ذكاء اصطناعي جديدة تستخدم الذكريات لتقديم إجابات فيها نوع من «الذكاء العاطفي»

تطور شركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الناشئة منصة ذكاء اصطناعي تستهدف التركيز على نقاط محددة، حتى تستطيع تقديم إجابات أكثر دقة عن أسئلة المستخدمين، حسب ما ...