الذاكرة ملكة عقلية وقدرة لا يستهان بها وذات أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان في حياتة وتعاملاته وتعلمه، وفقدانها يولد اضطرابات سلوكية لديه، لكن هناك مفهوم يرتبط بالذاكرة وفق ما ذكرته الموجهة التربوية الدكتورة وصال علي في لقائها مع «الثورة» وهو النسيان، فالنسيان ظاهرة معقدة، ظاهرة بيولوجية نفسية، نظراً لفقدان المعلومات التي كانت مخزنة مسبقاً بالذاكرة، ويمكن أن يحدث فجأة أو تدريجياً وهو أمر طبيعي ولا داعي للخوف حسب رأيها حين نجد صعوبة في تذكر الأشياء (أين وضعت المفاتيح أين وضعت الدفتر؟ ويصبح خطراً على الطالب عندما يؤثر على حياته اليومية فلا يستطيع تذكر أي شيء).
عوامل مؤثرة
أما العوامل المؤثرة في النسيان فهي ثلاثة أشياء رئيسية من أهمها: عدم الانتباه، فعندما لا ينتبه إلى الموضوع المحدد خلال الدرس أو الحياة اليومية فهو يؤدي إلى النسيان، كما يحدث خللاً في تخزين المعلومات، وهنا نعرف آلية عمل الذاكرة، من خلال التعلم بالعيون ولمس الأشياء باليد، وتدخل المعلومات عبر الحواس إلى ذاكرة قصيرة الأمد عندما يكون هناك انتباه تنتقل إلى الذاكرة طويلة الأمد حتى تثبت المعلومات، كونها بحاجة إلى تكرار وفهم تقنيات رئيسة من حفظ وغيرها، كون التكرار المتباعد يساعد على تخزين المعلومات واسترجاعها في الوقت الذي نريد.
ولفتت الدكتورة علي إلى وجود خلل باسترجاع المعلومات عندما لا يكون هناك فهم وتكرار يعتمد على الحفظ، وهو أمر أساسي للنسيان.
ومن الأسباب المؤدية للنسيان، ذكرت علي: قلة النوم، الغذاء غير الصحي، عدم شرب المياه بشكل كاف، وجود مشكلات في الغدة الدرقية، نقص فيتامين ب١٢، الاكتئاب، ضربة على الرأس، تلف بأجزاء الدماغ، السحايا، التوتر، القلق.
ذاكرة الطفل
وحول كيفية تطوير ذاكرة الطفل تقول الدكتورة علي: قبل أن نتعرف على كيفية تطوير ذاكرة الطفل علينا أن نعرف ما هو الطفل.. مبينة أن الطفل: هو من عمر مولده إلى سن ١٨ سنة نقول عنه طفلاً، والمرحلة العمرية للطفل من ٦ إلى ١٢ عاماً تشهد ميزات عديدةخلال هذه الفترة، من أهمها قدرته على التميز والحفظ وسرعة التشكيل، والقدرة على التميز بين الخطأ والصواب وبين الألوان.
وأما القدرة إلى الحفظ فلديه ملكات عقلية نظيفة كما يقال يجب أن نستقبل هذا الشيء ونعمل على تطويره وتقوية ذاكرته، أما القدرة على التقليد فهو يقلد والديه لذلك يجب أن يكون الوالدين قدرة لأطفالهم.
ولفتت إلى ناحية القدرة على سرعة التشكيل لأن لديهم مهارات عالية ما يطلب منهم من عمل يستطيعون إتقانه بالسرعة وفق التشكيل المطلوب.
أما كيف نطور ذاكرة الطفل فيتم ذلك عن طريق عدة أمور يجب علينا اتباعها أهمها: أخذ قسط كاف من النوم ثمان ساعات على الأقل، ممارسة التمارين الرياضية اليومية تساعد على تنشيط خلايا الجسم وخاصة خلايا الدماغ، تناول الغذاء الصحي السليم وتناول الشوكولا الداكنة والمكسرات والبروكلي والطعام الغني بفيتامين ب١٢، استخدام تقنيات الدراسة التي تساعد على الفهم وليس الدراسة بحفظ عن طريق المراجعة والتكرار المتباعد، استخدام الخرائط الذهنية التي تساعد على ربط المعلومات بالفهم، واستخدام العواطف لربط المعلومات بصور وأرقام.
دور الأطعمة
وعن دور الأطعمة التي تؤثر إيجاباً على ذاكرة الطفل أشارت الدكتورة علي إلى أن للطعام دوراً كبيراً ومهم على صحة الطفل وعاداته الغذائية مدى الحياة، فالتغذية الصحية تساعد على تحسين قدرة الطفل على التعلم وأداء واجباته المدرسية والنفسية كما أظهرت العديد من الدراسات كي يعمل الدماغ بكفاءة يحتاج إلى وجبة غذائية متكاملة ومتوازنة من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، مما يزيد في تركيز الطفل وذكائه وقدرته على التعلم والكثير من الدراسات التي أكدت أهمية وجبة الإفطار للأطفال في تحسين الأداء والانتباه والتركيز، فالغذاء يؤثر على النواقل العصبية وهو مصدر الفيتامينات والمعادن، في حين الاستهلاك المرتفع للسكريات والحلويات والوجبات السريعة خلال مرحلة نموه يضعف الوظائف الإدراكية، بالإضافة إلى ذلك الإهمال والتفكك الأسري ما يزيد من التأثير السلبي على تطور الأطفال.
وأوضحت أن أهم الأطعمة التي يجب أن يتناولها الطفل في تنمية الذاكرة: اللبن، كونه مصدراً جيداً للفرد، وهو عنصر غذائي هام لنمو الدماغ والوظيفة الإدراكية، وأيضاً الخضراوات الورقية مثل السبانخ والخس، فيما الدهون والفيتامينات فإنها تحمي الدماغ وتحوي على الفيتامينات الضرورية لخلايا الدماغ، التوت: مضاد أكسدة، في حين الجوز هو من أفضل الأغذية الهامة للطلاب فهو يعزز عمل الذاكرة ويرفع مستوى التركيز ويحسن الحالة المزاجية وينمي مهارات التفكير، كما أن البروكلي مفيد جداً.
وكذلك البقوليات والفاصولياء، التي تشمل على مجموعة من العناصر الغذائية المفيدة للدماغ بما يشمل المغنيزيوم والزنك والألياف ومضادات الأكسدة، وهناك الأسماك الدهنية مثل سمك السلمون فهي مصدر لأحماض أوميغا 3 الدهنية اللازمة لنمو الدماغ ووظائفه ليساعد الأطفال على تحسين مهاراتهم العملية.
دور الأسرة
ومن تأثير العوامل الأخرى على ذاكرة الطفل، ذكرت الدكتورة علي كيف أن الأسرة تلعب دوراً محورياً وأساسياً في دعم الطفل وتحفيزه من خلال تأمين البيئة التعليمية المناسبة المحفزة على الإبداع والابتكار، ويكون ذلك من خلال عدة أمور أهمها: تعلم احتياجاته وقدراته وعدم المبالغة بالتوقعات وإبعاده عن المشكلات الأسرية، التقبل والاهتمام، وعدم مقارنته بأقرانه وبإخوته، لأنه لكل طفل قدرات تختلف عن الآخر، مساعدة الطفل في تنظيم الوقت، إلى جانب متابعة دروسه والتسميع بصوت عال يساعد على تذكر المعلومات في الوقت المناسب من خلال استخدام الورقة والقلم وتدوين الملاحظات والعناوين الرئيسة ومن خلال مراجعة المعلومات والتكرار المتباعد.
العمل على تأمين الغذاء الصحي المتوازن، والاستقرار الأسري الذي يجعله متوازناً نفسياً وينشط ذاكرته وتساعده على التركيز وعلى أداء أفضل، استثمار الوقت ومدى كمية الانجاز اليومي، إضافة تقديم الدعم للأبناء من خلال الحوار مع الأطفال مساءً للتعرف على المشكلات ومساعدتهم في حلها، ضرورة النوم المبكر والاستيقاظ المبكر.
وعن ماهية الأنشطة التي تطور من ذاكرة الطفل بينت الدكتورة علي دورها الأساسي في صقل شخصية الطفل وزيادة الثقة بنفسه وتنمية معارفه ومهاراته، وتطوير ذاكرته التي تساعد على التركيز النشاط هو الذي يوصلنا إلى مستويات التفكير العليا تصنع الإبداع والابتكار، منها أنشطة رياضية- موسيقية- فنية- ثقافية- ألعاب ذهنية- الأرقام والألغاز، مثال: استكمال النشيد نذكر له بيتين ونطلب منه أن يكمل، وبعد رواية المعلمة للقصة ماذا فهم منها من خلال تقليد أصوات الحيوانات أو مواصلات، وأن يعرف ما اسم هذه الوسيلة أو ما اسم هذا الحيوان.
نصائح
وتنصح الدكتورة علي الأهل للمحافظة على تطوير ذاكرة الطفل كما ذكر آنفاً، لناحية الغذاء الصحي المتوازن، وأن يكون كل من الأم والأب قدوة لأبنائهم، مع ممارسة الرياضة المتوازنة، إضافة لإبعاد الطفل أثناء الدراسة عن الأمور التي تشتت الانتباه، استخدام أسلوب التكرار.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة