حلّت هذه الأيام الذكرى العاشرة لانهيار نظام معمر القذافي في ليبيا، ولعبت فرنسا دورا رئيسيا في إسقاطه ورئيسه، ولم تجني الثمار التي كانت تنتظرها شأنها شأن مصر، فيما تعد تركيا من أكبر الفائزين.
وسقط حكم معمر القذافي إبان موجة الربيع العربي، ووضع المنتفضون حدا لنظام حكم البلاد 42 سنة منذ ثورة الفاتح سنة 1969، وكان الرئيس القذافي يعد من أقدم الحكام في العالم.
ولعبت فرنسا دورا رئيسيا في إسقاط نظام معمر القذافي صاحب الكتاب الأخضر، فقد استغلت انتفاضة الليبيين ضد الظلم السياسي وتزعمت الغرب في تطبيق مخططاتها، بسبب قلقها من استراتيجية الرئيس الليبي الراحل في الاتحاد الإفريقي وإقناعه الحكام الجدد في القارة بتقليد الاتحاد الأوروبي في الوحدة وبالخصوص إلغاء الحدود وإصدار وحدة نقدية.
وكان القذافي يرغب في توحيد كلمة القارة الإفريقية لمواجهة الصراعات الدولية على القارة وأطماع الدول الكبرى مثل الصين وفرنسا وبريطانيا.
وبعد عشر سنوات، أصبحت فرنسا الخاسر الأكبر في ليبيا وفي شرق البحر البيض المتوسط، وكانت فرنسا تتخوف من منافسة جارتها بريطانيا التي شاركتها في مخطط الإطاحة بنظام معمر القذافي، وتفاجأت بلاعبين جديدين، الأول وهي مصر والثاني تركيا.
ويرتبط أمن مصر بليبيا كثيرا خاصة في الظروف الحالية التي يوجد فيها نظام جاء الى السلطة بطريقة تثير الجدل ويتعرض لهجمات إرهابية في سيناء، تخوف من تحول شرق ليبيا الى مصدر خطر، ونجحت باريس في احتواء مصر من خلال التنسيق الثنائي والتنسيق مع أطراف أخرى منها الإمارات العربية المتحدة.
ولم تأخذ فرنسا في الحسبان اللاعب الثاني وهي تركيا، علما أن التقارير الدبلوماسية والاستخباراتية الفرنسية تتحدث منذ بداية القرن الحالي عن رغبة حزب العدالة والتنمية بزعامة طيب رجب أردوغان استعادة النفوذ العثماني في المتوسط، اعتبرت هذا الطموح تهديدا مباشرا للمصالح الفرنسية.
وتسربت تركيا الى ليبيا بالتدريج، وأصبحت الشريك الرئيسي للتيار الحكومي المناهض لفرنسا والإمارات العربية، وناورت ضد القرارات الأممية والأوروبية، وسلحت هذا التيار الموالي لها بالسلاح والعتاد وباقي الدعم اللوجيستيكي في مختلف لقطاعات.
وأصبحت فرنسا الضيف غير المرغوب فيه في ليبيا، وتبخرت صفقات إعادة البناء وكان حلم اقتسام والسيطرة على موارد الطاقة من نفط مجرد سراب أو سحابة صيف.
وفي حين تتحسر الخارجية الفرنسية على ضياع ليبيا، تعيش فرنسا على انعكاسات الملف مثل محاكم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي على الأموال المشبوهة التي توصل بها من طرف القذافي لتميول حملته الانتخابية الرئاسية سنة 2007.
(سيرياهوم نيوز-رأي اليوم19-2-2021)