آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » حكم تاريخي في بريطانيا: معاداة الصهيونية «فلسفة جديرة بالاحترام»

حكم تاريخي في بريطانيا: معاداة الصهيونية «فلسفة جديرة بالاحترام»

رضا صوايا

 

 

 

بعد أكثر من 100 عام على «وعد بلفور» والدور الذي لعبته بريطانيا في إقامة الكيان الإسرائيلي وحرمان الشعب الفلسطيني من أرضه وتشريده، وبعد المحاولات الحثيثة للوبي الصهيوني حول العالم وكل داعميه لشيطنة أي انتقاد لإسرائيل وتحديداً بعد عملية «طوفان الأقصى»، وربط حتى رموز كالكوفية ومطالبات بسيطة تدعو إلى مجرد وقف إطلاق النار في غزة على أنها معادية للسامية، انتصرت محكمة في بريطانيا لحرية الرأي والتعبير، بقرار تاريخي قد تكون له ارتدادات واسعة تتخطى حدود الجزيرة. نصّ القرار على أن الآراء المناهضة للصهيونية بصفتها أيديولوجيا توسعية قائمة على الفصل العنصري والتطهير الإثني والإبادة، هي آراء «جديرة بالاحترام في مجتمع ديموقراطي».

تعود قضية البروفسور ديفيد ميلر، أستاذ مادة علم الاجتماع السياسي في جامعة «بريستول» إلى عام 2019، حين ألقى محاضرة تناول فيها الرابط ما بين الإسلاموفوبيا والصهيونية، واعتباره الأخيرة كأحد المسببات الأساسية لصناعة رهاب المسلمين. محاضرة لم تمر مرور الكرام لدى اللوبي الصهيوني الذي تحرك على مستويات عدة، السياسية منها عبر الإيعاز إلى النواب البريطانيين المرتبطين به لإثارة القضية في البرلمان، والطالبية عبر «اتحاد الطلبة اليهود» وهي مجموعة طالبية موالية لإسرائيل وتتمتع بنفوذ كبير ومؤثر، ومن أهدافها المعلنة تقديم التزام دائم تجاه إسرائيل ومكافحة الحملات التي تنتقد الصهيونية ودولة «إسرائيل».

لم تثمر الحملة حينها، رغم ضراوتها، كون الجامعة اعتبرت أن ميلر لم يعبّر عن كراهية تجاه اليهود. لكن الترهيب ومحاولات القمع لم تثنيا البروفسور. بعد عامين، وصف ميلر الصهيونية في رسالة إلى جريدة الطلبة في الجامعة، على أنها «كانت وستظل دائماً أيديولوجيا عنصرية وعنيفة وإمبريالية تقوم على التطهير العرقي». واعتبر في الرسالة أيضاً أنّ الجمعية اليهودية في الجامعة هي «مجموعة ضغط إسرائيلية». على إثر هذه المواقف، فصلت الجامعة ميلر مبررة قرارها بأن تصريحاته كانت «مسيئة لكثيرين، وخاطئة وغير مناسبة». قرار استأنفه ميلر أمام محكمة العمل التي أصدرت حكماً في شهر شباط (فبراير) المنصرم اعتبرت فيه أن ميلر تعرض للتمييز عند فصله، وأن آراءه حول الصهيونية محمية بموجب القانون وجديرة بالاحترام في مجتمع ديموقراطي.

وقبل أيام، نشرت المحكمة قرارها، المكون من 120 صفحة، الذي يعد مضمونه صفعةً في وجه الصهيونية. إذ لم يعتبر أن انتقادها فقط مشروع، بل ربط بين الفكر المناهض لها و«المعتقدات الفلسفيّة».

 

اعتبرت المحكمة أنّ «ما قاله ميلر لم يكن معادياً للسامية»

 

هكذا، تبددت جهود عقود لربط مناهضة الصهيونية بمعاداة السامية والإرهاب، إذ نصّ القرار أن « رغم أن عدداً من الناس قد يختلفون بشدة وبقوة مع تحليل ميلر للسياسة والتاريخ، إلا أن آخرين لديهم المعتقدات نفسها أو معتقدات مماثلة. وجدنا أنه قد أثبت أن المعايير أوفيَ بها، واعتقاده يرقى إلى اعتقاد فلسفي».

وفي نكسة أخرى للوبي الصهيوني ومساعيه إلى فرض قناعاته على المستوى العالمي، وجدت المحكمة أنّ «الصهيونية تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين وليس لها تعريف عالمي». وعوض ترهيب وقمع كل فكر مناهض للصهيونية، خلصت المحكمة إلى أنها «نستنتج أن رواية المدعي في ما يتعلق بطبيعة الصهيونية هي على الأقل متماسكة ومقنعة. المدعي أكاديمي ذو خبرة في الصهيونية والحركة الصهيونية. وقد أشار في أدلته إلى عدد من الأعمال الأكاديمية التي تدعم وجهة نظره حول طبيعة الصهيونية. وبطبيعة الحال، نحن لا نؤيد هذا التحليل أو نعلق عليه بأي شكل من الأشكال، بخلاف استنتاج أنه على الأقل يمكن الدفاع عنه ومتماسك». إذاً وعوض الإدانة المسبقة والجرمية، باتت إدانة الصهيونية «مقنعة» و«يمكن الدفاع عنها». مفردات ليست ببسيطة ولا عابرة في مجتمعات حاولت أن ترفع الصهيونية إلى مصاف المحظور غير القابل للمس. وفي ذروة البروباغندا الصهيونية التي تحاول الربط بين مناهضة الصهيونية والمخاطر الجسدية المحدقة باليهود جراء هذا الخطاب، قالت المحكمة إنّ «ما قاله ميلر تم قبوله على أنه قانوني، ولم يكن معادياً للسامية ولم يحرض على العنف ولم يشكل أي تهديد لصحة أي شخص أو سلامته».

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...