الرئيسية » كلمة حرة » تباشير خيّرة من حكومة نيّرة

تباشير خيّرة من حكومة نيّرة

 

 

عبد اللطيف شعبان

 

تتبعت في الأيام الماضية بعض ما نشره الاعلام عن ماتم تدارسه في اجتماعات مجلس الوزارة الحديثة العهد وما انعكس عنها، وقد تبين لي أننا أمام تباشير خيّرة من حكومة نيّرة قارئة بتمعن لمجريات الأمور الوزارية لسنوات مضت، ولديها تصورات لما يجب أن يتم من مجريات جديدة لمعالجة بعض السلبيات التي نجمت نتيجة بعض تشريعات أو قوانين أو قرارات أو تعليمات أو ممارسات سابقة غير موفقة، بالتوازي مع التحضير والعمل المتواكب لتحقيق الجديد في ضوء الممكن والمفيد.

ففي اجتماع لمجلس الوزراء تم التطرق لوجود بعض التناقض وضعف الكفاءة في بعض القرارات والتوجهات الخاصة بالبنية الإدارية والوظيفية خلال السنوات الماضية، ما يستوجب مراجعة دقيقة لمثل هذه القرارات والتوجهات وقياس أثرها ومنعكساتها على الوزارات والجهات العامة، مع الحرص على ألا يتم الوصول إلى العدالة في شغل الوظيفة العامة والقيادات الإدارية على حساب الكفاءة والإنتاجية الوظيفية، على قاعدة أن رأس المال البشري هو من أهم ثروات البلد التي يجب الحفاظ عليها، وليتمعن المتابع في أهمية ما تدارسه الاجتماع وخاصة دقة وموضوعية العبارة الأخيرة بشأن رأس المال البشري.

ومدعاة للتفاؤل بالمزيد من التباشير الخيرة أن ما تقرر في الاجتماع المذكور رهن المتابعة بدليل أن اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء لمراجعة بعض القرارات والإجراءات الخاصة، باشرت عملها وانتهت إلى خطة عمل دقيقة ومحددة لتعديل القرارات والإجراءات الناظمة للقضايا المطروحة تمهيداً لاستكمالها وعرضها على مجلس الوزراء للنظر باعتمادها، وقد أكدت اللجنة أهمية متابعة مكونات مشروع الإصلاح الإداري الهادف في جوهره إلى تحقيق العدالة انسجاما مع توجهات السيد الرئيس بهذا الخصوص، مؤكدة أن مراجعة القرارات والإجراءات الناظمة للوظيفة العامة هي من صلب مشروع الإصلاح الإداري بغية تكريس الإيجابيات وتلافي السلبيات، ولفتت اللجنة إلى وجود بعض المغالاة في تطبيق القرار الناظم لشغل الوظائف بالنسبة لذوي القربى، وأكدت على أن بوصلة قرارات وإجراءات التنمية الإدارية يجب أن تنطلق من السعي للحفاظ على الكفاءات الوظيفية والإدارية التي تبذل جهوداً ملموسة لتطوير الجهات العامة وزيادة إنتاجيتها، وتوقفت عند ضرورة بناء منظومة الإصلاح الإداري على أسس من اللامركزية الإدارية، بحيث تستند هذه المنظومة إلى قيام الجهات العامة المعنية – ولا سيما رئاسة مجلس الوزراء ووزارة التنمية الإدارية – بوضع القواعد والضوابط العامة للإصلاح والتنمية الإداريين، على أن يترك للجهات العامة تطبيقها، وتناولت اللجنة بعض القيود السلبية التي تحد من تعيين قيادات إدارية وطنية كفؤة بسبب عدم وجودها في بعض القطاعات الوظيفية، وأكدت على ضرورة فتح المجال واسعاً أمام الكوادر الوطنية من كافة القطاعات لشغل أي موقع وظيفي تتوفر فيها مقومات إشغاله وتطويره. انطلاقا من أن البعد الاجتماعي يجب أن يتم في مسارات وسياقات مدروسة تضمن استمرار الجهات العامة بأداء مهامها بكل كفاءة وفاعلية

وهنا أرى صوابية هذا الرأي خاصة حال لم يتوافر في الجهة كفاءات ومؤهلات من عامليها – إذ أن من هم في الدار أدرى بالذي فيه – ولكن من حق من هم في الخارج أن يدخلوا، شريطة التمهيد لدخولهم من خلال تمكينهم من معرفة الكثير عن واقع الإدارة القادمين لإدارتها، وحبذا إعادة ارتباط مديريات الموارد البشرية في الجهات العامة بجهاتها الأعلى، وأن يكون لوزارة التنمية الادارية دور الاشراف عن بعد.

وكم كان موفقا السيد وزير المالية عندما أشار إلى التوجه غير المناسب الذي غلب على السياسة المالية خلال السنوات السابقة، ذاك التوجه الذي لم يكن موفقا والذي تمثل بتخفيض قيمة ونسبة الإنفاق الاستثماري لصالح الإنفاق الجاري، مؤكداً حرص وزارة المالية على التوجه للمعالجة على المستوى السياساتي لمالية الموازنة العامة للدولة ولاسيما لجهة زيادة قيمة ونسبة الاعتمادات الاستثمارية في موازنة العام 2025، بما يضمن تفعيل العملية الإنتاجية على وجه الخصوص، وانسجاما مع هذا الطرح فقد ارتأت اللجنة الاقتصادية أن الظروف الحالية تتطلب الإعداد الجيد للمشاريع الاستثمارية والتدقيق في ترتيب الأولويات بناء على دراسات الجدوى الاقتصادية، التي تخدم تعزيز وزيادة الإنتاج الوطني، انطلاقاً من مبدأ الاعتماد على الذات والاستفادة المثلى من الموارد الوطنية المتوافرة، ولاسيما في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة، وعلى الأثر تم زيادة كتلة الاعتمادات الاستثمارية المخصصة للوزارات والجهات العامة في مشروع الموازنة الاستثمارية للعام / 2025 / من / 6800 / مليار ليرة في العام / 2024 / إلى ما يقارب / 11100 / مليار ليرة في العام/ 2025 / وبالتالي من المفترض أن تستثمر كل جهة أموالها وفق أولويات أكثر مردودا وأقل كلفة، وقياسا بالزيادة الاسنثمارية في مشروع الموازنة العامة، حبذا أن تعمل الوزارة الجديدة باتجاه تحفيز وتشجيع زيادة استثمارات رأس المال الخاص باتجاه مشاريع الانتاج السلعي بدلا من انصرافه – المعهود أغلبه – باتجاه المشاريع الخدمية والعقارات والسيارات والمضاربات المالية وتخزين الذهب والدولار واستيراد السلع بدلا من انتاجها أوالترحيل للاستثمار في الخارج، و العمل لتفعيل الاستثمار وفق قانون الاستثمار وخاصة في جانب الانتاج السلعي، إذ يبدو أن تفعيله دون المستوى المطلوب، والمؤسف أن بعض أصحاب الأموال يشكون من منغصات تعترض رغباتهم في الاستثمار، والأمل في العمل لاجتثاث هذه المنغصات حال وجودها، فزيادة استثمارات الأموال الخاصة لاتقل أهمية عن زيادة الاستثمارات العامة، وبالتوازي مع الجهود الحثيثة باتجاه المزيد من تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي مازالت تنميتها المعهودة أقل من أمنيتها المنشودة.

كما إن تدارس الحكومة الدقيق لواقع المشتقات النفطية من حيث مدى توافر المواد وضرورة إدارة الموارد على النحو الأمثل والتعامل بواقعية ومسؤولية مع أسعار بعض هذه المشتقات، بما يضمن على التوازي عدالة التوزيع والتخصيص وإدارة العجز، وتوفير الموارد المالية اللازمة والضرورية لضمان استدامة توفير هذه المشتقات وفق حدود الإمكان، يظهر تفهم الحكومة واهتمامها بمتابعة التعامل مع هذا الملف الحساس المستوجب إدارته بمزيد من المرونة والحكمة، وقد تركز الاجتماع الذي عقد في وزارة النفط مع هيئة الاستثمار السورية ‏برئاسة وزيري النفط والثروة المعدنية الدكتور فراس قدور والاقتصاد ‏والتجارة الخارجية الدكتور محمد ربيع قلعه جي، على مناقشة الفرص ‏الاستثمارية المتاحة في المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية، والأمل معقود على المزيد من العمل باتجاه تحقيق الخير المنشود ..

الكاتب:عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

(موقع سيرياهوم نيوز-1).

 

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

العار..!!

  مالك صقور تحت قاع الذاكرة العربية الهشة ، يرقد التاريخ ، وتهجع معه المشاهد والأحداث .. المشاهد قبيحة أيها العرب ! والأحداث فظيعة ومثيرة ...