مالك صقور
في مقدمة كتابه ” الإنسان موقف ” ، يقول محمود أمين العالم : ” الإنسان أروع ثمار الحياة عقلها الواعي ، وقلبها المشتاق ، وحسّها الفنان ، وإرادتها الفعّالة .. الإنسان في جوهره موقف .
أما غسان كنفاني فيقول : الإنسان في نهاية المطاف قضية ، أما الزعيم أنطون سعادة فيقول :
” إن الحياة كلها وقفة عز فقط ” ..
بلى !!
الإنسان موقف ، والإنسان قضية ، وإذا كان هذا الإنسان هو أروع ثمرة في الحياة ، فإن أروع مافي الحياة وقفة عز .. بعيداً عن الذل والمهانة ، وهدر الكرامة .. الكرامة الشخصية والكرامة الوطنية ..
واستشهاد قائد ط.وفان الأق.صى البطل يحيى الس.نوار يجسد ما قيل أعلاه . فقد أعلن مسبقاً ، أنه يتمنى أن يموت في قلب المعركة ، ولا أن يموت بالكورونا ، أو بجلطة .. تمنى الشهادة ، فداء لف.لسطين ، فداء للأق.صى ، فداء عن غ.زة وعن كل ماجرى في غ.زة ، من ضحايا – أطفال بلا رؤوس ، وأجساد تناثرت أشلاء ؛ على حطام حجارة كانت مدارس ومشافي وبيوت . وحتى لحظة استش.هاده ، كان ( بعضهم ) يتهمه بأنه هو سبب تدمير غ.زة ، وهو الذي أعطى المبرر لل.عدو الص.هيوني بهذه الإب.ادة الجماعية ..إلخ .. وهم ينسون كيف كان جيش الأح.تلال يهدم البيوت على أصحابها ، ويقيم المس.توطنات ، ويقلع الزيتون ، ويجرّف بيارات البرتقال ، وكجهنم يقول هل من مزيد ، غير آبه للقوانين الدولية ، ضاربا عرض الحائط كل قرارات مجلس الأمن ، والأمم المتحدة ، وكل الرأي العالمي الذي عبّرت عنه شعوب العالم من خلال المسيرات ، والمظاهرات التي عمّت عواصم ومدن العالم ، متضامنة مع الشعب الفلسطيني ..
فبعد ست وسبعين سنة من الأح.تلال ، ماذا يجب فعله مع عدو يقضم ويقضم ويقضم ، ويعلن حدود ( إس.رائيل من الفرات إلى النيل ) ، وبكل صفاقة ووقاحة يعلن حاكم الك.يان في الأمم المتحدة عن خريطة التوسع ، وعن الشرق الأوسط الجديد الكبير ..والأنكى من كل هذا ، أن
( بعضهم ) يشارك الص.هاينة فرحتهم كلما يستشهد قائد من المق.اومة في فل.سطين أو من قادة ح.ز. ب الله !!! وقد ثبت أن الك.يان الص.هيوني الغاصب قادر فعلاً على اغتيال من يريد من قادة الم.قاومة ، ولكن لم يتعلم من دروس سابقة أن عملية الأغت.يال لم ولن تضعف مسار الثورة ومسار المق.اومة ..وهؤلاء المقات.لون هم فدا.ئيون ، وأكفانهم معهم .. وهؤلاء خالدون لأنهم قرنوا القول بالفعل ، وخالدون لأنهم قدموا أغلى ما لديهم دمهم وحياتهم ..
كلنا نقرأ عبارات قالها أو كتبها غيفارا منذ اغتياله عام 1967 ..وهي جمل وعبارات ربما قيلت من قبل ثوريين سبقوه ، لكن كلام غيفارا وعباراته ستخلد لأنها من دم ولحم وحياة ..وكلام الأم.ين العام ل.حز. ب الله والأمين العام لح.ركة ح.ماس أيضاً من لحم ودم وحياة ، ولهذا سيبقى كلامهما خالدا لأن القول امتزج بالدم ، ولأنهما كانا قدوة ، ونبراساً لكل الفدائ.يين هؤلاء الذين نذروا حياتهم وأرواحهم ودمهم في سبيل الوطن .
يروي الشاعر الكبير عمر أبو ريشة : ” استدعاني أكرم الحوراني وقال لي : أريدك أن تذهب الآن إلى فندق أورينت بالاس ، فهناك ستجد أنطون سعادة ، وتظاهر بأنك تقابله صدفة ، وأخبره سراً بأن يغادر فوراً، لأنهم سيسلمونه للحكومة اللبنانية ، فأنا لا استطيع أن أقابله لأنهم سيشكون بالأمر ، أما أنت فشاعر ولن يشك أحد أنك تحمل رسالة له ، أرجوك ياعمر أقنعه بأن يتوارى بسرعة . وبقيت مع أنطون سعادة فترة حاولت جهدي لكنه لم يقتنع بكلامي .وقال لي سعادة : مستحيل أن أهرب يا عمر مستحيل ، ثم ما همّ ما سيجري المهم أن الحياة وقفة عز “.
نعم .. الحياة وقفة عز ..
” ومن يهن يسهل الهوان عليه “– كما يقول المتنبي . أي هانت عليه نفسه وكرامته ومات ضميره .وتقبل صاغراً مذلاً مهاناً خانعاً خاضعاً تعاليم المحتل الغاصب . أما الشطر الثاني من البيت :
ما لجرح بميت إيلام ” .. فهل يعقل أن اليباس والموات قد عم الأمتين ، ونامت الضمائر بل ماتت ؟!!!!
(موقع سيرياهوم نيوز-1)