يوسف فارس
غزة | اعترف المتحدث باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، لأول مرة منذ بداية العملية الكبرى في شمال قطاع غزة، بأن الجيش تمكن من تهجير السكان من المناطق التي نزحوا إليها في حي الشيخ زايد وتل الزعتر. وأرفق أدرعي المنشور الذي لم يترجمه إلى اللغة الإنكليزية، خلافاً لكل منشوراته، بصور اقتحام مراكز الإيواء في محيط المستشفى الإندونيسي، والذي تم خلاله اعتقال المئات من الرجال، وإجبار النساء على النزوح إلى خارج مخيم جباليا.
عملياً، يطبق العدو «خطة الجنرالات»، وفق ما تقوله كل الشواهد على الأرض، لكنه عمد إلى تبديل أدواته التي اصطدمت بصمود الأهالي، إذ نفّذ، خلال الأيام الثلاثة الماضية، مئات الغارات وعشرات عمليات نسف المنازل والأبنية السكنية، والأفظع من ذلك، مجازر كبرى، ارتُكبت آخرها في مشروع بيت لاهيا، حيث قصفت الطائرات الحربية مربعاً سكنياً يسكنه عدد كبير من العائلات، ما تسبب باستشهاد 72 مواطناً وإصابة نحو 150 آخرين. وقبله، كان قد قُصف مركز إيواء مدرسة أبو حسين، ما تسبب بإيقاع 150 نازحاً بين شهيد وجريح.
كذلك، يعمل جيش العدو على تغيير الواقع الطبوغرافي لشمال القطاع، من خلال تدمير أكبر قدر ممكن من الكتل العمرانية التي يعتقد بأنها أهم دوافع تمسك الأهالي بالبقاء في الشمال، فضلاً عن تقويض عمل المستشفيات الثلاثة هناك، والتي تتعرض لاستهداف مستمر، إذ قصف جيش العدو مستشفى العودة في تل الزعتر ومستشفى الإندونيسي، فيما يحرمها جميعها من وصول إمدادات الوقود والمستهلكات الطبية إليها.
أثبتت المقاومة أنها قادرة في كل وقت على حرمان العدو من فرصة تثبيت قواته
وفي مقابل كل ما تقدّم، تواصل الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة تسديد الضربات القاسية إلى جيش العدو، حيث تمكنت، أمس، من قتل قائد اللواء 104 مدرّع، الجنرال إحسان دقسة، وإصابة كل من نائب قائد الفرقة 162، وقائد الكتيبة 52. ووفقاً لجيش الاحتلال، فإن دقسة هو أكبر رتبة عسكرية يُقتل صاحبها منذ بدأت العملية العسكرية البرية في القطاع، وكان قد حضر برفقة مدرعتين إلي مناطق غربي جباليا، ليجري تقييماً عملياتياً برفقة قادة الفرق والكتائب، قبل أن تقع آليته في شرك ناري محكم، تسبب بتدميرها ومقتل وإصابة من كان برفقته. هذا «الحدث الصعب والاستثنائي»، تسبب، إلى جانب حالة القصف الجنونية والهستيرية، بموجة جدل كبيرة في أوساط المستوطنين والمحللين الإسرائيليين الذين تفاجأوا بالضغط الميداني الذي تشكله جباليا، على رغم أنها تتعرض لثالث هجوم واسع خلال أقل من عام.
وإلى جانب ما سبق، أعلنت «كتائب القسام» تفجير 4 آليات عسكرية في محاور القتال في شمال القطاع. كما أعلنت قنص جنديين في بلوك 2 في مخيم جباليا. وأفادت «كتائب شهداء الأقصى»، بدورها، بتنفيذ كمين مركب وسط المخيم، حيث تمكنت من تفجير منزل بقوات خاصة، ثم الاشتباك مع قوات راجلة حاولت إنقاذ المصابين. أيضاً، نشر الإعلام العسكري التابع لـ»القسام» مشاهد من التحام المقاومين مع جنود العدو، لا يشير الزخم الميداني الذي تظهره، إلى أن المقاتلين تعرضوا لأي ضغط طوال عام كامل، إذ ظهروا وهم يزرعون العبوات الناسفة ويلاحقون آليات العدو بقذائف «الياسين» بجرأة غير مسبوقة. كذلك، تمكنت «سرايا القدس» من تفجير عدد من الآليات العسكرية، وخاض مقاتلوها مواجهات ضارية وسط المخيم.
حتى اللحظة، ليس من الواضح الحدود التي يمكن أن تقف عندها العملية العسكرية في شمال القطاع، غير أن ما أثبتته المقاومة أنها قادرة في كل وقت على حرمان العدو من فرصة تثبيت قواته، وأنها القادرة دائماً على تحويل كل عمل كبير، إلى مستنقع استنزاف يسقط فيه الجنرالات قتلى، قبل أن تسقط خططهم.
سيرياهوم نيوز١_الاخبار