آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » النخب الغربية لا تتلمّس «انتصاراً»: إسرائيل تتجاهل عِبر التاريخ

النخب الغربية لا تتلمّس «انتصاراً»: إسرائيل تتجاهل عِبر التاريخ

ريم هاني

 

أصبح «التفاؤل» الإسرائيلي، جنباً إلى جنب تمسك حكومة بنيامين نتنياهو باستمرار القتال، ورفعها لسقف المطالب إلى حدّ يجعل من المستحيل على المقاومة في غزة أو لبنان القبول بها، محط قلق عدد من المراقبين المخضرمين في شؤون الشرق الأوسط، والذين يدركون طبيعة المقاومة وقدراتها وتاريخها في الحروب ضدّ إسرائيل. ويبدو لافتاً، في هذا الإطار، الإقرار المتزايد بأنّ قائد «حماس»، الشهيد يحيى السنوار، لم يكن العائق الفعلي أمام التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ البداية، بل الطروحات الإسرائيلية اللاعقلانية هي التي أعاقت، مراراً، التوصل إلى حل ينهي القتال. ويشير هؤلاء إلى أنّ «حماس» ظلت داعمة للتوصل إلى الاتفاق الذي كانت تعمل عليه الولايات المتحدة، قبل أن يدرج نتنياهو مطالب جديدة، معتبرين أنّ استشهاد السنوار، وبدلاً من أن يسهل التوصل إلى مثل ذلك الاتفاق، قد يكون «خلق عقبات جديدة»، وسط مخاوف كبيرة من أنّ طموحات تل أبيب العالية قد «تنقلب» عليها.

ومن بين أولئك الخبراء، رايان كروكر، السفير الأميركي السابق الذي أمضى أربعة عقود في الشرق الأوسط، وتحديداً في لبنان وسوريا والعراق والكويت، وكذلك في أفغانستان وباكستان. إذ يؤكد الخبير المخضرم في شوؤن الشرق الأوسط، في مقابلة مع صحيفة «بوليتيكو» الأميركية نُشرت الجمعة، أنّ القتال في ساحة المعركة لن يشهد أي تغييرات بعد الاغتيالات الإسرائيلية التي طاولات قيادات «حزب الله» و«حماس»، منبهاً إلى أنّ على إسرائيل ألا تنسى «تاريخها الحديث» مع جماعات المقاومة. ورداً على سؤال حول تقييم نتنياهو بأنّ «ميزان القوى» في المنطقة قد تغير لمصلحة إسرائيل، اعتبر كروكر أنّ ذلك «سابق لأوانه»، لأن «حزب الله» لا يزال يقاتل ويطلق الصواريخ والمسيرات، وأنّه، كما «حماس»، أصبح يعتمد على اللامركزية في قتاله. أيضاً، يعتبر أنّ نتنياهو وضع «سقفاً عالياً» لمعاييره في الحرب، لا سيما في ما يتعلق بعودة نحو 60 ألف إسرائيلي إلى منازلهم، فيما كل ما يتعين على «حزب الله» فعله لتصعيب مهمة رئيس الحكومة الإسرائيلي، هو الاستمرار في إطلاق الصواريخ. ويستذكر السفير السابق جملة من الوقائع التاريخية، مشيراً إلى أنّه كان في لبنان عندما غزاه الإسرائيليون عام 1982، مطلقين على عمليتهم تسمية «السلام من أجل الجليل»، وأنّ الإسرائيليين أشادوا بالعملية باعتبارها «انتصاراً كبيراً»، بعد انسحاب «منظمة التحرير الفلسطينية» من بيروت. على أنّ ما حصلوا عليه، في ما بعد، كان «حزب الله»، «العدو الأكثر فتكاً بكثير مقارنة بما كانت تحلم منظمة التحرير بأن تصل إليه»، محذراً من أنّ فكرة الغزو البري والاحتلال سيجعلان الجليل أكثر أماناً هي محض «وهم»، كما أنّ العملية الحالية «لن تنهي حزب الله». ويردف كروكر أنّه لو كان في موقع إسرائيل، كان سيعلن «الفوز» فوراً، ويعمل على وقف الأعمال العدائية، بالاستناد إلى القرار 1701، وتوجيه كل الجهود في غزة لاستعادة الأسرى.

 

الأمر الوحيد الذي تغير بشكل جذري منذ بداية الحرب هو استعداد إسرائيل لتحمل عدد أكبر من الضحايا

 

ويعود المسؤول الأميركي بالذاكرة أيضاً إلى «مبادرة ريغان» الشهيرة في أعقاب الغزو الأميركي عام 1982، لـ«تمهيد الطريق أمام السلام في الشرق الأوسط»، والتي «انتهت قبل أن تبدأ»، فيما لا يبدو الوضع مبشراً أكثر هذه المرة، نظراً إلى أنّ التجربة «المريرة» أثبتت أنّه في حال «لم يكن عدوك يشعر أنه مهزوم، فهو لن يكون كذلك»، علماً أنه لا إيران ولا «حزب الله» يشعران بـ«الهزيمة». وعليه، تثير «الثقة الإسرائيلية المفرطة» قلق كروكر، الذي يصف تصور الإسرائيليين بأنّ الضرر الذي لحق بقيادة «حزب الله» و«حماس» قد يؤدي إلى «تسوية عالمية» ذات مغزى بالنسبة إليهم، بـ«الجنون»، لافتاً إلى أنّ «الأمر الوحيد الذي تغير بشكل جذري منذ بداية الحرب هو استعداد إسرائيل لتحمل عدد أكبر من الضحايا في صفوف جيشها».

وبالعودة إلى حديث نتنياهو عن شرق أوسط يصب في مصلحة إسرائيل، تعتبر صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقرير حديث، أنّ هناك «انفراجاً ديبلوماسياً» في الشرق الأوسط، لكنه مختلف تماماً عن «الانفراج الذي تخيله بنيامين نتنياهو»، في إشارة إلى تطور العلاقة بين طهران والرياض، وتراجع حظوظ إبرام صفقة بين الأخيرة وتل أبيب، ما يُنذر، طبقاً للصحيفة، بأنّ هناك «تحولاً جارياً في الشرق الأوسط، إنما من دون إسرائيل».

 

قدرات المقاومة

وفي تقارير منفصلة، تتحدث الصحيفة الأميركية نفسها، نقلاً عن محللين أميركيين، عن أنّ الهجمات الإسرائيلية الواسعة «فجرت ذخائر حزب الله وقتلت عدداً من المقاتلين والقادة»، إلا أنّ «الميليشيا اللبنانية بعيدة كل البعد عن أن تكون قد أصبحت عاجزة». وتنقل الصحيفة عن نيكولاس بلانفورد، خبير «حزب الله» في «المجلس الأطلسي»، قوله إنّ «ما يساعد المجموعة على البقاء في القتال هو أنها أمضت ما يقرب من عقدين في الاستعداد لحربها الكبيرة التالية مع إسرائيل، وهيكلها المرن الذي يسمح للقادة المحليين بتنفيذ خططهم الخاصة». ويضيف: «رجال حزب الله على الأرض، وسيطرتهم التكتيكية لا تزال سليمة، ولديهم الكثير من الاستقلالية»، مشيراً إلى «أنهم يعرفون ما هي المهمة الأساسية، أي ضرب الجنود الإسرائيليين القادمين عبر الحدود».

وتتابع الصحيفة أنّ الأحداث الأخيرة قدمت «نظرة ثاقبة» حول قدرات «حزب الله»، في إشارة إلى أنّ قذائف الأخير الصاروخية لا تزال تمطر إسرائيل يومياً، وأنّه تمّ إطلاق صواريخ أكبر على أهداف بعيدة مثل تل أبيب، فيما كانت إحدى الغارات التي نفذتها الجماعة بطائرة مسيرة «استثناءً»، بعدما عجزت الدفاعات الجوية عن كشفها، وضربت قاعدة عسكرية تبعد 40 ميلاً عن لبنان، ما أسفر عن مقتل أربعة جنود وإصابة كثيرين آخرين. كذلك، تنقل الصحيفة عن ستة مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّه رغم القصف الذي استهدف جنوب لبنان قبل الغزو، فقد وجدت القوات الإسرائيلية أنّ «حزب الله هو عدو هائل»، فيما لا تزال «حماس» تمتلك عدداً كافياً من المقاتلين والذخائر لجعل الجيش الإسرائيلي منخرطاً في حرب بطيئة وطاحنة، ولا يمكن حتى «الفوز بها». ويتابع أصحاب هذا الرأي أنّ «تكتيكات الكر والفر» سمحت لـ«حماس» بإلحاق الأذى بإسرائيل وتجنب الهزيمة، كما أنّ المقاتلين «يتخفون عن الأنظار في المباني المدمرة، وشبكة الأنفاق الشاسعة»، والتي لا يزال «جزء كبير منها كما كان عليه، رغم المساعي الإسرائيلية لتدميرها»، بحسب محللين عسكريين وجنود إسرائيليين.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مبرر أخلاقي أو عسكري لهذه الحصيلة الهائلة من الخسائر بين صفوف المدنيين والنساء والأطفال.. مصر تدين بأشد العبارات قصف الاحتلال الإسرائيلي لمربع سكني في “بيت لاهيا” شمال قطاع غزة

أدانت جمهورية مصر العربية بأشد العبارات قصف الاحتلال الإسرائيلي لمربع سكني في “بيت لاهيا” شمال قطاع غزة، وهو ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من ...