أحمد العبد
بحسب التقويم العبري، فإن صباح اليوم الجمعة، الـ25 من تشرين الأول، يصادف الذكرى السنوية الأولى لـ«طوفان الأقصى»، الذي حوّل عيد «فرحة التوراة»، إلى مناسبة للحزن والصدمة، باتت تجسّد عقدةً ويوماً أسود في تاريخ إسرائيل. و«فرحة التوراة»، يأتي في نهاية «عيد الغفران»، الذي شهد، العام الماضي، عملية «القسام» في «غلاف غزة». ولذلك، يرى بعض المراقبين أن إسرائيل قد تُقدم، في هذه المناسبة، على شنّ هجوم كبير آخر في المنطقة، للخروج من العقدة وكسْرها. ويحتفل المستوطنون بـ«فرحة التوراة» بختمة كتابهم المقدس، يينما تخلّل الإحياءَ، العام الماضي، احتفال «نوفا» الشهير الذي أقيم في «غلاف غزة». ومن هنا، ثمة مَن يقول إن إعادة العيد إلى ماهيته الأولى، أي «الفرح»، يحتاج إلى مبادرة قتالية صهيونية قوية ومباغتة، سواء ضدّ إيران أو غيرها من الجبهات.
وفي هذه الأجواء، واصلت عصابات المستوطنين و«جماعات الهيكل»، أمس، اقتحاماتها للمسجد الأقصى، حيث أدى مئات المقتحمين طقوساً تلمودية، بحماية مشدّدة من شرطة الاحتلال. وجاءت الاقتحامات الجديدة استكمالاً لِما شهده الحرم القدسي، خلال الأيام الماضية، من اعتداءات مكثفة نفّذها مستوطنون لمناسبة «عيد العرش» اليهودي. وقام هؤلاء، على مدى يومين، بتقديم القرابين النباتية الخاصة بـ«عيد العُرش» في الجهة الشرقية من المسجد، بمشاركة كبير حاخامات «معهد الهيكل الثالث»، يسرائيل أريئيل، وكذلك النفخ في البوق، ورفع العلم الإسرائيلي من قِبل رئيس منظمة «جبل الهيكل بأيدينا»، وأداء طقس السجود الملحمي بشكل جماعي، وارتداء بعض المستعمرين ملابس كهنة «المعبد»، والغناء وأداء الطقوس بصوت مرتفع في الجهة الغربية من «الأقصى»، إضافة إلى الاعتداءات اللفظية والجسدية على المقدسيين وأملاكهم في البلدة القديمة وأزقتها المؤدية إلى الحرم.
وتستغلّ سلطات الاحتلال، الأعياد اليهودية للتضييق على المقدسيين، وفرض العقوبات الجماعية بحقهم، عبر تشديد الإجراءات العسكرية على الحواجز، وإعاقة حركة تنقّلهم، لمنعهم من الوصول إلى الأماكن المقدسة، في الوقت الذي تُسهّل فيه اقتحامات المستعمرين للمدن الفلسطينية، والمقامات الإسلامية والأثرية في الضفة الغربية، ولا سيما الحرم الإبراهيمي في الخليل، والمسجد الأقصى في القدس. وبحسب مصادر مقدسية، فقد ارتفع إجمالي عدد المستوطنين الذين اقتحموا «الأقصى» هذا الأسبوع، إلى 5600، بينما شهدت ساحة البراق الملاصقة للجدار الغربي للحرم، احتشاد عشرات آلاف المستوطنين لأداء طقوس تلمودية، وسط قيود مشدّدة على حركة الفلسطينيين في أحياء وبلدات المدينة المحتلة. ويشار إلى أن «عيد العُرش» هو عيد ديني يهودي ورد في «التناخ» (كتاب يهودي مقدس)، ويأتي بعد «عيد الغفران» في الشهر نفسه، كما يرتبط بذكرى سكن اليهود في الخيم وتحت المظلات خلال ضياعهم في سيناء، ونزول المن والسلوى، ويعتبر بداية السنة الزراعية الجديدة، ويستمرّ 8 أيام.
حرصت «جماعات الهيكل» المتطرّفة على تصعيد اعتداءاتها في المسجد الأقصى مستغلّة الحرب على غزة ولبنان
وبدا واضحاً سعي «جماعات الهيكل» المتطرّفة إلى تغيير هوية المسجد الأقصى، خاصة في الأعياد اليهودية، عبر التعامل معه وكأنه بات هيكلاً، قبل خطوة التأسيس العملي على الأرض، والذي سيكون على أنقاض «الأقصى». ويركّز المستوطنون، خلال اقتحاماتهم، على أداء طقوسهم في الساحة الشرقية للحرم، والتي ينظرون إليها على أنها أرض كنيسهم غير القائم. أيضاً، اشتغلت الجماعات الاستيطانية على حشد أكبر عدد ممكن من المستوطنين لاقتحام «الأقصى»، وأداء كل الطقوس والممارسات داخل المسجد، في ظلّ عدم الاكتراث بما يجري هناك، والضوء الأخضر الممنوح لها من قِبَل حكومة اليمين، خاصة أن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، شارك في تلك الاعتداءات في مستهلّ الأعياد قبل أيام.
وحرصت «جماعات الهيكل» المتطرّفة على استغلال حالة الحرب على غزة ولبنان، والتي يتم الترويج لها في إسرائيل على أنها حرب وجود وحسم، علّها تستطيع فرض أمر واقع تغيّر بموجبه هوية المسجد الأقصى، كمساهمة منها في حسم أحد أهم الملفات في المواجهة. وهي تستلهم في ذلك نموذج الحرم الإبراهيمي في الخليل، باعثةً برسالة تحدٍّ ليس فقط إلى المقاومة التي تعهّدت الدفاع عن «الأقصى»، بل إلى كل الأطراف المعنية الأخرى.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار