الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الاقتصاد السوري التائه والحلول الأقرب الى الواقع والقابلة للتنفيذ الفوري وبشكل تدريجي

الاقتصاد السوري التائه والحلول الأقرب الى الواقع والقابلة للتنفيذ الفوري وبشكل تدريجي

 

بقلم:عاصم أحمد

نتيجة الحرب الظالمة والحصار الاقتصادي الجائر ، اضافة لسوء إدارة المقدرات الاقتصادية والفساد الضارب بكل جنبات الحياة العامة في سوريا وكذلك البيئة الاحتكارية والطاردة للموارد المالية والبشرية فقد وصلنا لواقع مؤلم يعكسه غياب السوقٌ والبعدٌ الاجتماعيٌ والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي لا حصر لها !

فقد بات الاقتصاد السوري يعاني من فقدان البوصلة والهوية الاقتصادية نتيجة عدم تطبيق أي استراتيجية أو خطة للتنمية والنهوض خلال الأزمة بل بات يتعامل مع المشكلات الاقتصادية الراهنة بطريقة المفرّق والمشكلة الواحدة وليس ككل.. وحسب توصيف السيد الرئيس بشار الاسد لما يناسب الاقتصاد السوري بتنا نحتاج إلى عملية إصلاح وتجديد اقتصادي تحت اسم “اقتصاد السوق الاجتماعي”. فأهم منطلقاتنا الوطنية الآن هو ايجاد هوية للاقتصاد الوطني وتحول سلس الى اقتصاد السوق الاجتماعي، لاُيظلم فيه الفقير وليس هناك إبتزاز لرأس المال. فلربما يكون هو العلاج الانجع لواقعنا الحالي
وهنا تكون مهمة اقتصاد السوق الاجتماعي هو الربط بين نظام الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية ودون الاساءة الى الحرية الاقتصادية ، وكذلك التنسيق بين مبدأ الحرية والتوازن والعدالة الاجتماعية والربط بينهما للوصول إلى شراكة بين القطاعين العام والخاص اللذين يتميزان بالمهنية والكفاءة في الإنتاج والعمل ، وكذلك قيام القطاع العام بالرقابة والإشراف على تنظيم السوق وتجويد أدائه وتذليل الصعاب والتحديات التي تواجهه ، لضمان عدم حدوث إخفاق أو تقصير في تحقيق العدالة والتوازن وضمان استمرار سلاسل الإمداد من السلع في السوق ووصولها للمستهلكين.

الداعمون لفكرة إقتصاد السوق الاجتماعي يؤكدون أهمية تحقيق منافسة عادلة في الأسواق من خلال تشريعات منافسة قوية وتقليل التضخم لمستويات دنيا سنوياً وخفض معدلات البطالة وتوفير الخدمات الاجتماعية وحماية حقوق العمال والمستهلكين.فموضوع الاصلاح الاقتصادي يجب ان يشمل جميع القطاعات التي تساعد على الانتاج (الصناعة ،الزراعة، السياحة والخدمات) العام والخاص والمختلط مع اعطاء اهمية خاصة للمشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة الى جانب تشجيع الصناعات الحرفية وجذب الاستثمارات
وكذلك مراعاة خصوصية كل محافظة بطرق التنمية بما يتناسب مع طبيعتها ومساحتها وجغرافيتها وظروفها (اقتصاد المكان ) وكمثال على ذلك محافظة طرطوس مساحتها ١٧٠٠ كم وفيها مرفأ وبحر وهنا ربما الأفضل لتنميتها ليس الزراعة بل هو تنمية السياحة والاستفادة من المرفأ ولربما فكرة جعل محافظة طرطوس منطقة حرة مفيدة ، وكذلك تنشيط الترانزيت

وكلما كان الإنتاج اكثر كلما كان الاقتصاد الوطني أقوى ، فسوريا بحاجة إلى الشروع بنهضة زراعية صناعية سياحية تضمن الانتقال من ⁧‫الاقتصاد الريعي‬⁩ إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وهنا من الضرورة البحث عن المفاهيم الجديدة للإقتصاد من خلال الابتكار في مجالات مثل التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وأنماط الأعمال الجديدة والذي يؤدي الى زيادة الاستهلاك المحلي، ويرفع الإنتاجية، ويخلق فرص نمو متنوعة، مع تحسين كفاءة الموارد وتعزيز رأس المال البشري، وبالتالي يمهد الطريق لتحول اقتصادي مستدام في سوريا

ان التاريخ الاقتصادي للدول يقول :الحكومة التي تتحالف مع التجار اوتشارك التجار او تنافس التجار لايمكن ان تخطط وتعمل لبناء ونهضة وتنمية وطنها ابدا ..وهنا يجب أن نسأل ما هي الحلول العملية والقابلة للتطبيق في هذه المرحلة بعيداً عن النظريات والتنظير؟
أولاً :حل مشاكل سوريا الاقتصادية يتطلب اقتصاد قائم على قوانين واضحة ومؤسسات فعالة، وصناعة قرار جادة، ومنافسة حقيقية، ومحاربة الفساد،كما يتطلب أن يكون التغيير متدرجاً ذو اهداف واقعية قابله للتحقيق لكل مرحلة. واستغلال ما هو متاح من أدوات لاحداث هذا التغيبر وهذا يتطلب أيضاً تخطيطاً وحسن تدبير وصبراً على تحقيق النتائج والاهداف ،وسأبدأ بسؤال ماذا تحتاج الليرة السورية الوطنية ليعود ألقها وقيمتها ؟
‬⁩ الجواب : يلزمها فقط قرار عدم تجريم التعامل بالدولار اي ان يكون سعر الدولار في البنك كما هو في السوق السوداء ولديها القدرة على منافسة السوق السوداء بمرونه حتى يتم تداول الدولار وبيعه وتحويله وايداعه بالبنوك (فلو أعطيت نفس سعر السوق السوداء فستكون للبنوك أفضليه في اجتذاب وتحقيق حصيله دولاريه بشكل مستدام)فتبدأ تحويلات السوريين في الخارج في الدخول وعائد التصدير والاستثمار الدولاري يتحرك بحريه في الجهاز المصرفي السوري…(من خلال شركات الصرافة الوسيطة لحين رفع العقوبات ) ولكي يتم ذلك يجب أولاً :
اعتبار الاكتفاء الذاتي مسألة أمن قومي ،ووأد السياسات الحالية القائمة والمتبعة والعمل بعكسها فالنموذج كله خطأ ، ودور المصرف المركزي من المفترض ان يكون منظم لحركة السيولة والنقد وليس (بائع) أو العمل (كشركة صرافة أو ملكاً للسوق السوداء) والمصالحة مباشرة مع رؤوس الاموال للسوريين في الخارج والداخل وعدم تجريم التعامل بالدولار وإصدار عفو كامل عن كل جرائم التعامل بالدولار
واستلام الحوالات الخارجية بالدولار وبيع وشراء بالدولار للصفقات الكبيرة( جعل سوريا ملاذ آمن لتوطين وعودة الدولار) وإلغاء منصة تمويل المستوردات بالتدريج وليس بشكل مفاجىء ورفع جميع القيود عن حرية الإيداع والسحب من البنوك،والسماح باستيراد جميع المواد المسموحة وفرض ضريبة إضافية على المواد الذي لها بديل محلي (حماية المنتج المحلي ) فاستمرار وقف الاستيراد وكأنه حلّ لزيادة الإنتاج وهو ما خلق إنتاج محلي نوعاً ما لكنه متغول ولا يكترث لمعايير الجودة أو معايير السوق، في حين أنه يمكن فتح الاستيراد وفرض ضرائب وجمارك على البضائع المستوردة بحيث تتوفر من جهة وتجعل المنتوج المحلي يرتقي للمنافسة بتوفير حماية السعر له بحيث تكون اسعارها اقل من الاسعار في حال دخلت تهريباً ،والغاء جميع القيود والإجراءات عن التصدير لمن يريد ان يصدر حتى لو لديه ورشة تحت الدرج
(ملاحظة :طبعاً تعويم من غير احتياطى نقدى دولارى سيؤدي حكماً إلى قفزات غير عاديه فى سعر الصرف ) لذلك وحسب رأي دكتورة الاقتصاد ليندا إسماعيل من مقال هام جداً لها بجريدة البعث (ربما الأفضل تعويم مُدار وليس مطلق مرتبط بالإصلاحات الاقتصادية المذكورة أعلاه )

نعم سيرتفع السعر في الفتره الأولى نتيجه المضاربه وشده الاحتياج الحالي (وهذا سيكون مؤلماً ) لكنه سيعود للتوازن والاهم ان السوق السوري سيعاود الحركه وسيكون لدى الجهاز المصرفي حصيله من التداول للتعامل مع الاحتياجات والاستيراد (الذي هو متوقف أصلا الان ولن يحصل اي شيء اذا انتظرنا بضع أسابيع في بدايه التعويم) …
نعم الأسعار ستزيد في كل الأحوال وسيزيد سعر الدولار سواء فعلت أو لم تفعل لكن التعويم سيحرك السوق ثانيا وسيعود الجهاز المصرفي لتلبيه احتياجات السوق…اما ان ننتظر الحصول على بعض المليارات لصرفها لتثبيت سعر الصرف فلن يحدث اكثر مما حدث سابقاً حيث ستستنزف هذه الحصيلة ( في حال نجحنا بتأمينها ) ثم سيعاود الدولار القفز في السوق السوداء”وهنا يصبح الاقتصاد السوري كالثقب الأسود ”

‏وايضاً لابد من تخفيف القروض للحدود الدنيا وان تكون الطباعة لليرة في أضيق الحدود… فكثره القروض والطباعه هي ما أدت لما نحن فيه وضروره العلاج المر، وتقليل الإنفاق الحكومي على (الدعم المزعوم) والذي بات ايضا ثقب أسود للفساد وكذلك أوجه صرف الدولة وعدد الوزارات…فإهدار المال العام على الإنفاق الحكومي احد اهم مشاكلنا، وأن تخرج أجهزه الدوله من السوق وتتوقف عن منافسه القطاع الخاص وتحدد دورها كمنظم وتبدأ في وضع محفزات وضمانات لرؤوس الأموال المحليه والخارجيه لدخول السوق السورية …فعدم دخول رؤوس الأموال نتيجه لوجود أجهزه الدولة يفقد الدولة فرص استثمارية ويقلل دخلها،والقضاء على ظاهرة اقتصاد الظل والذي يلعب دوراً كبيراً في التهرب الضريبي والحد من حجم الإيرادات العامة للدول، وبالتالي التأثير الفعال على دور الدولة في التنمية الاجتماعية وتفكيك مافيا التهريب والاحتكار ..وأن تتوقف الدوله عن الصرف على المشروعات سوى مشروعات البنيه التحتيه والمرافق والخدمات فالمشروعات الكبرى تستنزف دخل وموارد الدوله والعمل بشكل جدي على تشجيع الاستثمار و تحفيز الانتاج و تسهيل الطريق للمشروعات الانتاجية.

وهنا أحب أن أؤكد أنه طالما يتم التعامل مع الدولار كسلعة وليس كعملة لا يمكن وقف نزيف الهبوط ..فعلياً الحكومة لا تملك دولار مقابل الدولار الموجود بالسوق السوداء ..و الدولار اصبح سلعة بين الشعب ومن الصعب أن يعود للمصارف إلا بعرض مغري .. او انه يكسر سعره ويخفض بضربه قويه وسيوله تغطي ما يحدث في السوق السوري ‏
وهذا الكلام ليس اختراعاً وليس بنظرية جديدة ولكن نظرة بسيطة على اي دولة ناجحة فستجد انها قامت بذلك واي حلول غيرها انما هي مجرد مسكنات لا تقضي على المشكلة و ان خففت الشعور بها.

وبهذه الاجراءات نستطيع أن نحول حصار سورية الذي هدفه التركيع والانتقام إلى فرصة للنهوض والرخاء
*الكاتب:عضو لجنة التصدير بغرفة تجارة وصناعة طرطوس

 

 

 

(موقع سيرياهوم ميوز-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

55 ألف طن الإنتاج المتوقع من الزيت.. 10 آلاف طن منه سيذهب للتصدير … مديرة مكتب الزيتون : لا حقيقة لما يشاع عن خروج زيت الزيتون السوري عن المواصفات العالمية

    | جلنار العلي   نفت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهرة حقيقة ما يتم تداوله على صفحات ووسائل التواصل الاجتماعي عن ...