الرئيسية » حول العالم » سلسلة «فضائح» تحاصر نتنياهو: تزوير وابتزاز لإبعاد الشبهات

سلسلة «فضائح» تحاصر نتنياهو: تزوير وابتزاز لإبعاد الشبهات

يحيى دبوق

 

 

تثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أسئلة كثيرة في تل أبيب لا تزال من دون أجوبة حاسمة، رغم الاحتفاء الإسرائيلي الكبير الذي رافق هذه العودة، وخصوصاً من ناحية اليمين واليمين الفاشي الحاكم، الذي سارع إلى التعبير عن فرحته بفوز «المرشح المثالي». ومع ذلك، يبدي خبراء ومحلّلون إسرائيليون ومراكز أبحاث عبرية بعض الحذر، ذلك أن «ترامب شخصية أنانية لا يمكن التنبؤ بما يريده وما سيقوم به»، وهو حذرٌ لا يبدو أنه ينسحب على طبقة الفاشيين الحاكمة.

ولعلّ من أهمّ الأسئلة المطروحة في تل أبيب للمرحلة المقبلة، هو أقلّها إثارةً واهتماماً، وتتعلّق خصوصاً بمحاولة تقدير المقاربة الأميركية للحرب التي تخوضها إسرائيل، في المدّة التي تسبق تسلُّم ترامب السلطة، في الـ20 من كانون الثاني المقبل، في ظلّ إدارة لا تستطيع اتخاذ قرارات. فهل ستكون إدارة جو بايدن «بطة عرجاء» فعلاً خلال هذه المدّة؟

ممّا تخشاه إسرائيل، أن يعمد رأس الإدارة المنتهية ولايتها، بايدن، خلال الشهرَين المتبقيَين، إلى محاولة ترك إرث قبل رحيله، بعدما تحرَّر من القيود التي ضغطت عليه قبل الانتخابات الرئاسية. وفي ما يتّصل بالشرق الأوسط، يُرجّح أن يتّجه بقوّة إلى فرض إنهاء الحرب، ربّما عبر اللجوء إلى وسائل امتنع عن تفعيلها في ما مضى. ولهذا السبب تحديداً، هناك خشية لدى عدد من الكتاب الإسرائيليين البارزين، من أن الفرحة والثناء وإعلان الانتصارات، سابق لأوانه.

في ما يرتبط بترامب، وما يعتزم فعله، تكثر الكتابات والتقديرات التي تنشرها المراكز البحثية في تل أبيب، والتي تؤكد الشيء ونقيضه:

ففي الوقت الذي تقدّر فيه معظم المقاربات العبرية أن تكون رئاسة ترامب أكثر ملاءمة للمصالح الإسرائيلية، إلا أنها تحذّر في المقابل من أن الرهان الكامل على هكذا تقدير قد يكون مضراً لإسرائيل، لا سيما أن ترامب شخصية لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، كونه يوزن أفعاله في ميزان الربح والخسارة والعائد الشخصي، الأمر الذي يوجب على تل أبيب أن تكون أكثر حذراً إزاء توقعاتها منه، علماً أن أيّاً من أفعال ترامب لن تتسبّب في الإضرار بـ«الدولة»، وقد تقتصر على أشخاص وأيديولوجيات إسرائيلية يمينية (فاشية).

يبدو واضحاً، في الموازاة، أن تل أبيب غير معنية بأي مواجهة مع ترامب. ولهذا السبب، تدعو كتابات بحثية عبرية إلى وجوب أن تقوم إسرائيل الرسمية، من الآن، بالاتصال بمسؤولي الإدارة المقبلة، من أجل التنسيق وملاءمة أفعالها وخططها بما يتناسب مع توجهات إدارة ترامب وميلوها، حتى لا يتسبّب أيّ سوء فهم مسبق، في مواجهة لن تكون إسرائيل، وخصوصاً حكّامها الحاليين، قادرين على الصمود أمام تبعاتها.

 

هل سيضطرّ ترامب إلى التعامل مع الحرب وتقرير مصيرها أم ستكون قد انتهت قبل تولّيه المنصب؟

 

وعلى العموم، ثمة ثلاث قضايا رئيسية ترتبط بإسرائيل، سيضعها ترامب في الحسبان، وسيكون حريصاً على أن تلائم المصالح العبرية، وإن اعترضها الكثير من الأسئلة التشكيكية:

أولاً: يتّضح أن ترامب سيعمل على عزل إيران والإضرار بها، وإنْ كانت التقديرات تشير إلى أنه سيكون حذراً إزاء التسبّب في مواجهة عسكرية شاملة معها، ما يعني أن على إسرائيل أن لا تتوقّع «السماح لها» بمقاربة عدائية تتسبّب في هكذا مواجهة. ومواجهة ترامب لإيران ستكون عبر تفعيل سياسة «الضغوط القصوى» التي من شأنها أن تتسبّب في عزلتها دولياً، كما كانت عليه الحال في ولايته الأولى، حين وصل الاقتصاد الإيراني إلى نقطة حرجة جداً، وفقاً للتوصيفات الإسرائيلية.

وتلك المقاربة، تُعدّ فرصة وتهديداً لإسرائيل: فهي تضغط على إيران إلى حد يمكن الرهان عليه نظرياً، وتحديداً في ما يتعلّق بقطع الإمداد المالي عنها عبر العقوبات الحاسمة؛ لكن في الوقت نفسه، يمكن أم تتسبّب هكذا عقوبات في دفع طهران إلى «التمادي أكثر» نحو الوصول إلى القدرة النووية العسكرية الكاملة، وهو ما كان محل سؤال معتدّ به خلال ولاية ترامب الأولى، بعدما حرّكت العقوبات في حينه، إيران إلى رفع نسبة تخصيبها لليورانيوم بما كاد يقرب من التخصيب الضروري لإنتاج القنابل النووية.

ثانياً: القضية الثانية ذات الصلة بإسرائيل، هي الترتيب الإقليمي بين حلفاء الولايات المتحدة: إسرائيل ودول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. فهل ينجح ترامب في تحقيق ما عجز عنه بايدن؟ وهل تتماهى الرياض مع الرئيس الجديد، خوفاً من سطوته وما يمكن أن يقدم عليه في حال رفضها الإملاءات والانضمام الكامل المباشر إلى الحلف الإقليمي بزعامة إسرائيل؟ أم أنها ستتشدّد في مطالبها، وتحديداً ما يتعلّق منها باتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة وتمكينها من حيازة قدرات نووية؟ علماً أن المطلَبين لم يعودا كافيين من ناحية المملكة، في ظلّ ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وهو الأمر الذي يربط هذه القضية بما سبقها: وقف الحرب و«اللفتات الاقتصادية» للفلسطينيين والوعد بحلّ لقضيتهم، أصبح، في أقل تقدير، جزءاً لا يتجزأ من أيّ ترتيب مقبل في الإقليم، يقدّر أن يعمل عليه ترامب في بداية ولايته الجديدة.

ثالثاً: القضية الثالثة التي تشغل التفكير الإسرائيلي إزاء الآتي، هي ما يرتبط بإرادة نتنياهو وائتلافه الرامي إلى التغيير في الحكم الذي يسميّه معارضوه «انقلاباً على الديموقراطية». الواضح لدى كل الإسرائيليين، يميناً ويساراً ووسطاً، أن ترامب سيكون أكثر تساهلاً مع «الإصلاحات» التي جرى تجميدها قبل الحرب، وهو عامل كان رئيسياً في تجميد «الانقلاب» في محاولاته الأولى، وقد يكون سبباً في إعادة تحريكه وإحيائه من جديد، إذا لم يؤدِ إلى تبعات أميركية سلبية على الائتلاف وعلى إسرائيل وعلى من يتولّون الحكم فيها.

لكن ماذا عن الحرب في جبهاتها المتعدّدة؟ الإجابة الأكثر ترجيحاً من غيرها، أنه لا يقين حول ما سيلي. فهل سيضطرّ ترامب إلى التعامل مع الحرب وتقرير مصيرها، أم ستكون قد انتهت قبل تولّيه المنصب؟ السؤال حاضر ومشروع، وقد يكون محلّ أمنية لترامب بأن تنتهي الحرب قبل وصوله إلى البيت الأبيض. والواضح، أنه تعهّد بإنهاء الحرب، وهو تعهّد جاء ليطعن بإدارة بايدن والتشكيك في سلوكها وقدرتها وحسمها، وكذلك القول إن إدارته كانت لتكون أكثر حسماً منها، وإن الحرب ما كانت لتنشب لو أنه كان في المنصب، فيما التعهّد المباشر نفسه، يشير إلى أنه سيعمل على ما عجزت عنه إدارة بايدن. وتأتي تصريحات ترامب ومواقفه في هذه القضية، في إطار معادلة «سأعمل نقيض ما عمله منافسي»، أكثر من كونها منطلقة من مواقف مبنيّة على إستراتيجية وسياسة محدّدتين.

في المحصلة، فإن جميع الفرضيات والسيناريوات مطروحة على الطاولة، وإنْ كانت ترجيحاتها مختلفة. ورغم أن إسرائيل وحربها وساحاتها والإقليم ينتظرون ترامب، ومَن في إسرائيل يحرقون المراحل ويهلّلون للانتصارات المقبلة، إلا أنه لا تقديرات مرجّحة حول ما يمكن أن يقدم عليه، سواء في فعل ما وعد به، أو كيفية تنفيذه لوعوده، التي لا تستند إلى إستراتيجية مسبقة يريد تطبيقها، من أجل تحقيق ما وعد به.

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

خلال اتصال هاتفي.. رئيسا روسيا والسنغال يبحثان جهود مكافحة الإرهاب في أفريقيا

  الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يناقش مع نظيره السنغالي، باسيرو ديوماي دياخار فاي، جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، ويدعوه إلى زيارة ...