يواصل الأديب المسرحي عبد الفتاح رواس قلعه جي نهجه الخاص في التجريب مع عالم أبي الفنون من خلال كتابه الصادر حديثا عن اتحاد الكتاب العرب والذي ضم أربع مسرحيات.
هذه المسرحيات ..(هي التي رأت) و(يوتوبيا الطريق) و(قصاب البيعة) وأوبريت (وعاد السندباد) تشكل بمجملها استمرارية للتجريب المسرحي عند قلعه جي والمتميز بالكثافة الفكرية والدرامية وتقنيات الكتابة المشهدية والمزج بين عوالم عدة حيث نجد في جميع أعماله أن الإنسان هو محور اهتمامه يقف معه ضد الحياة التي أرهقته مدافعاً عن حريته وكرامته وأمنه ولقمة عيشه.
وتثير هذه النصوص المسرحية الفكر لتأتي الدراما فيها مغامرة حية مع الأزمنة والأمكنة خلافا ما تطالعنا به كثير من النصوص المعاصرة التي تعتمد التسطيح وتبتعد عن جوهر الدراما.
تقوم فكرة مسرحية قلعه جي الأولى (هي التي رأت) على أن الخلود نقمة والموت نعمة محاولا تأكيد فكرته من تشبيه بأننا لو جئنا بكأس لا ينكسر ووضعنا فيه ماء لا ينسكب فما لا شك فيه أن الماء يأسن ومثله الروح إن لم تتحرر من قفص الجسد.
أما الثانية (يوتوبيا الطريق) فهي مزيج من السحر والفانتازيا والكوميديا السوداء في معطف التجريب الحديث حيث نجد شيخا يجلس على قارعة طريق لا عودة منه يصنع الفخار ويبيعه بثمن مؤجل وكأنه بذلك يوجه الناس إلى نهاية الطريق الأبدية لنجد أن جميعهم تحولوا إلى كائنات فخارية.
أما ثالث مسرحياته (قصاب البيعة) فهي مونودراما وبانوراما اجتماعية ورحلة تخترق المألوف في أعماق النفس البشرية حيث نجد أنس حارس بناية وقد فقد رجله في الحرب يطلعنا على أسرار ونماذج متباينة من سكان العمارة.
في أوبريت (وعاد السندباد) نجد شخصين يحملان هذا الاسم الأول سندباد الحكاية والثاني الحمال الفقير والشاعر الجوال لتكون الدراما فيها من نمط التقابل وتقوم على الاغتراب والتجريب الذي يبدأ من ينبوع التراث ويصب في نهر المعاصرة الجاري لينتهي أخيراً في بحر الوطن والدعوة إلى عودة النازحين وإعمار البلد.
الأديب عبد الفتاح رواس قلعه جي أحد رموز الكتابة للمسرح المعاصر سورياً وعربياً ألف عبر ما يزيد على النصف قرن نحو 80 نصا مسرحياً وقدم له على الخشبة أكثر من 25 عرضاً داخل البلاد وخارجها وصدر له ما يناهز الـ 40 كتاباً في المسرح والأدب والفكر والتراث والتراجم والشعر وقصص الأطفال والرواية وهو مقرر جمعية المسرح في اتحاد الكتاب حاصل على جائزة الباسل للإبداع الفكري وجائزة الدولة التقديرية إضافة إلى مشاركاته العديدة في مهرجانات سورية وعربية ناقداً وباحثاً ومحكماً.
شذى حمود
سيريا هوم نيوز _ سانا