مع توجه العالم نحو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3.1 درجة مئوية هذا القرن، ألقت منظمة أوكسفام الدولية اللوم على مليارديرات العالم الذين- بفضل يخوتهم الفاخرة وطائراتهم الخاصة واستثماراتهم – يصدرون المزيد من تلوث الكربون في 90 دقيقة من حياتهم أكثر مما يصدره الشخص العادي في حياته كلها.
وهذا وفقاً لدراسة “عدم المساواة في الكربون يقتل”، وهي أول دراسة من نوعها لمنظمة أوكسفام تتعقب انبعاثات الاحتباس الحراري الناجمة عن وسائل النقل الباهظة الثمن والاستثمارات الملوثة لأغنى 50 شخصاً في العالم، والتي صدرت قبل مؤتمر المناخ COP29، قمة الأمم المتحدة للمناخ.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام أميتاب بيهار في بيان: “إن الأثرياء فاحشي الثراء يعاملون كوكبنا وكأنه ملعبهم الشخصي، فيشعلون فيه النيران من أجل المتعة والربح.
إن استثماراتهم القذرة وألعابهم الفاخرة ــ الطائرات الخاصة واليخوت ــ ليست مجرد رموز للإسراف؛ بل إنها تشكل تهديداً مباشراً للناس والكوكب”.
وأوضح التقرير أن “أوكسفام تمكنت من تحديد الطائرات الخاصة التي يملكها 23 من أصل 50 من أغنى مليارديرات العالم؛ أما الآخرون فهم إما لا يملكون طائرات خاصة أو أبقوها خارج السجلات العامة”.
“في المتوسط، قام كل من هؤلاء المليارديرات الـ 23 بـ 184 رحلة جوية – حيث أمضوا 425 ساعة في الجو – على مدى فترة 12 شهراً، وهذا يعادل قيام كل منهم بالدوران حول العالم 10 مرات”، كما تابع المنشور. “في المتوسط، تنبعث من الطائرات الخاصة لهؤلاء الأفراد الـ 23 الأثرياء 2074 طناً من الكربون سنوياً، وهذا يعادل انبعاثات 300 عام للشخص العادي في العالم، أو أكثر من 2000 عام لشخص ينتمي إلى أفقر 50٪ من سكان العالم”.
على سبيل المثال، يمتلك إيلون ماسك، أغنى شخص في العالم وفقاً لقوائم بلومبرج وفوربس، “طائرتين خاصتين على الأقل تنتجان معاً 5497 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً”، كما توضح الدراسة، “هذا يعادل 834 عاماً من الانبعاثات للشخص العادي في العالم، أو 5437 عاماً لشخص في أفقر 50٪”.
وتضيف الوثيقة أن “الطائرتين الخاصتين المملوكتين لجيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة أمازون، أمضتا ما يقرب من 25 يوماً في الجو، وأطلقتا 2908 أطنان من ثاني أكسيد الكربون. ويستغرق الأمر من الموظف الأمريكي العادي في أمازون ما يقرب من 207 سنوات لإطلاق هذا القدر”.
ويعد بيزوس ثاني أو ثالث أغنى شخص في العالم، وفقاً لمؤشرات المليارديرات المختلفة.
ويقول التقرير إن “عدد اليخوت الفاخرة تضاعف أكثر من الضعف منذ عام 2000، مع إطلاق نحو 150 يختاً جديداً كل عام، ولا تستهلك هذه السفن العملاقة كميات هائلة من الوقود للدفع فحسب، بل إن تكييف الهواء وحمامات السباحة والطاقم العامل فيها يزيد من الانبعاثات، ورغم أنها ترسو في الموانئ معظم أيام العام، فإن نحو 22% من إجمالي انبعاثاتها تتولد خلال هذه “الفترة من التوقف”.
وتشير النشرة إلى أن “اليخوت الفاخرة معفاة من تسعير الكربون في الاتحاد الأوروبي وقواعد الانبعاثات في المنظمة البحرية الدولية.
وقد تمكنت منظمة أوكسفام من تحديد 23 يختاً فاخراً يملكها 18 من أصل 50 مليارديراً شملتهم دراستنا.
وتقطع هذه القصور العائمة مسافة 12465 ميلاً بحرياً في المتوسط سنوياً: وهذا يعادل عبور كل يخت فاخر للمحيط الأطلسي أربع مرات تقريباً”.
وفقاُ للمجموعة: تقدر منظمة أوكسفام متوسط البصمة الكربونية السنوية لكل من هذه اليخوت بنحو 5672 طناً، وهو ما يزيد على ثلاثة أضعاف انبعاثات الطائرات الخاصة للمليارديرات، وهذا يعادل 860 عاماً من الانبعاثات للشخص العادي في العالم، و5610 أضعاف متوسط شخص في أفقر 50٪ من سكان العالم.
تمتلك عائلة والتون، ورثة سلسلة متاجر وول مارت، ثلاثة يخوت فاخرة تبلغ قيمتها أكثر من 500 مليون دولار، لقد سافروا 56000 ميل بحري في عام واحد ببصمة كربونية إجمالية تبلغ 18000 طن: وهذا يعادل انبعاثات الكربون لحوالي 1714 عاملاً في متجر وول مارت. كما وجد أن الشركة التي ولدت ثروتهم الهائلة تدفع التفاوت الاقتصادي في الولايات المتحدة من خلال الأجور المنخفضة والتمييز في مكان العمل والأجور الضخمة للمديرين التنفيذيين.
وفيما يتعلق بالاستثمارات، تقول الدراسة إن “أغنى 1% يسيطرون على 43% من الأصول المالية العالمية، ويسيطر المليارديرات (إما كرؤساء تنفيذيين أو مستثمرين رئيسيين) على 34% من أكبر 50 شركة مدرجة في العالم، و7 من أكبر 10 شركات.
والبصمة الاستثمارية للأثرياء هي العنصر الأكثر أهمية في تأثيرهم الإجمالي على الناس والكوكب”.
ووجدت المنظمة أن “متوسط انبعاثات الاستثمار لخمسين من أغنى مليارديرات العالم بلغ نحو 2.6 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل منهم، وهذا يعادل نحو 340 ضعف انبعاثاتهم من الطائرات الخاصة واليخوت الفاخرة مجتمعة”.
“إن انبعاثات استثمارات كل ملياردير تعادل ما يقرب من 400 ألف سنة من انبعاثات الاستهلاك للشخص العادي، أو 2.6 مليون سنة من انبعاثات الاستهلاك لشخص في أفقر 50٪ من سكان العالم”، كما يقول التقرير، “ما يقرب من 40٪ من الاستثمارات التي تم تحليلها في بحث أوكسفام كانت في صناعات شديدة التلوث بما في ذلك: النفط والتعدين والشحن والأسمنت.
واختتم بيهار قائلاً: “إن أبحاث أوكسفام توضح الأمر بوضوح مؤلم: إن الانبعاثات الشديدة التي ينفثها الأثرياء، من أنماط حياتهم الفاخرة وحتى من استثماراتهم الملوثة، تغذي عدم المساواة والجوع، وتهدد حياة الناس بلا أدنى شك. وليس من الظلم أن تلوثهم المتهور وجشعهم الجامح يغذيان الأزمة ذاتها التي تهدد مستقبلنا الجماعي فحسب، بل إنهما قاتلان”.
ويتضمن القسم الأخير من الوثيقة توصيات مفصلة لتقليص انبعاثات الأثرياء، وإجبار الملوثين على الدفع، و”إعادة تصور اقتصاداتنا ومجتمعاتنا لتحقيق الرفاهية والازدهار الكوكبي”.
ويعد التقرير بمثابة تذكير بمدى عرقلة الأثرياء والأقوياء للجهود الرامية إلى تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.
وتشير الدراسة إلى أن “ثروة 2781 مليارديراً في العالم ارتفعت إلى 14.2 تريليون دولار. وإذا تم استثمار هذه الثروة في الطاقة المتجددة وتدابير كفاءة الطاقة بحلول عام 2030، فإن هذه الثروة قد تغطي الفجوة التمويلية بالكامل بين ما تعهدت به الحكومات وما هو مطلوب للحفاظ على الاحتباس الحراري العالمي دون 1.5 درجة مئوية، وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة”.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة