انتهت في جميع مناطق محافظة الحسكة عمليات قطاف محصول القطن. وبلغت الكمية المقطوفة 18500 طن حسب مدير الزراعة المهندس علي خلوف الجاسم، الذي بين لـ”تشرين” أن الكمية المقطوفة هي نفسها الكمية التي قدرتها مديرية الزراعة للإنتاج في الموسم الحالي. وذلك من المساحة المزروعة البالغة 4775 هكتاراً ، علماً أن المساحة المخططة كانت 5450 هكتاراً، وهذا التباين بين المساحة المخططة والمساحة المزروعة يعكس تراجع زراعة هذا المحصول في المحافظة من جراء الصعوبات التي تواجه منتجيه، ما يؤدي إلى تراجع المساحة المزروعة موسماً إثر آخر.
الجاسم: عدم استلام الإنتاج من الدولة سيؤدي إلى تراجع زراعة المحصول
أبرز الصعوبات
الجاسم ذكر أن أبرز هذه الصعوبات هي عدم وجود مركز لاستلام الإنتاج من الفلاحين ضمن المحافظة. الأمر الذي يضعهم في مشكلة كبيرة هي مشكلة التسويق. إذ إن ما يهم أي مُنتِج هو تسويق إنتاجه بسعر مجزٍ، يؤمن له هامش ربح مقبولاً، ينعكس إيجاباً على ظروفه المعيشية من جهة، ويتيح له المجال لمواصلة العمل والإنتاج من جهة ثانية. وما حصل مع منتجي القطن في محافظة الحسكة أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين إلى بيع إنتاجهم للتجار في الأسواق المحلية بنصف السعر المحدد من الدولة، وأحياناً أقل. الأمر الذي عرضهم إلى خسائر فادحة، كما حصل في الموسمين الماضي والحالي.
مبيناً أن مديرية الزراعة قدمت كافة التسهيلات للفلاحين منتجي القطن ضمن الإمكانات المتاحة، ولاسيما المنتجين الواقعة حقولهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة وحتى المنتجين الذين تقع حقولهم خارج السيطرة ويراجعون مديرية الزراعة أو دوائرها الزراعية أو وحداتها الإرشادية كانت تقدم لهم كافة التسهيلات، وذلك لأنهم في النهاية من فلاحي المحافظة، وشاءت الظروف أن تقع حقولهم خارج السيطرة بسبب الاحتلال والإرهاب، من دون أن يؤثر ذلك على ولائهم للوطن قيد أنملة. بدليل صمودهم في أراضيهم وإصرارهم على مواصلة العمل والإنتاج الزراعي، رغم كل الضغوط التي يتعرضون لها من الاحتلالين الأميركي والتركي والمجموعات المرتبطة بهما.
مطالبات عديدة
وأوضح الجاسم أن مديرية الزراعة ضمت صوتها إلى أصوات الفلاحين، وطالبت عبر اللجنة الزراعية الفرعية، والمكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي المحافظة بتكليف المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان باستلام انتاج القطن من الفلاحين ضمن المحافظة، ومن ثم تقوم المؤسسة بنقله إلى المحافظات الداخلية بالطريقة التي تراها مناسبة.
مضيفاً :إن المؤسسة عمدت في المواسم السابقة إلى استلام انتاج القطن من فلاحي محافظة الحسكة بطريقة الشراء والشحن المباشر. حيث يتم استلام القطن من الفلاح وشحنه مباشرة إلى المحافظة المحددة، بعد تزويد سائق الشاحنة بالوثائق التي تثبت أن القطن المحمل في الشاحنة هو من إنتاج محافظة الحسكة.
وأكد الجاسم أن المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان عدلت عن استلام القطن في محافظة الحسكة نهائياً في الموسمين الماضي والحالي، لأسباب نجهلها. الأمر الذي كبّد المنتجين خسائر كبيرة من جراء بيع إنتاجهم من القطن للتجار في الأسواق المحلية بأسعار زهيدة، تقل كثيراً عن السعر الذي حددته الحكومة وهو 10 ملايين ليرة للطن الواحد، وهو نفس السعر المحدد خلال الموسم الحالي أيضاً. مشدداً على أن هذا الإجراء ستكون له منعكسات سلبية على زراعة المحصول في الموسم القادم، سواء من حيث المساحة التي ستُزرَع، أو الإنتاج المتوقع.
الكركو: الفلاحون تعرضوا لخسائر فادحة
مذكرة لاتحاد الفلاحين
من جانبه، ذكر رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي محافظة الحسكة عبد الحميد الكركو أن المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين رفع منذ بداية عمليات القطاف، مذكرة إلى المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي سورية في دمشق، ولكافة الجهات المعنية بزراعة القطن، طالب فيها بتكليف المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان باستلام الإنتاج من الفلاحين ضمن المحافظة.
ورغم أن المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي المحافظة طالب في مذكرته بتحديد سعر 13 مليون ليرة للطن الواحد من القطن. يرى الكركو أن قيام الحكومة بالإبقاء على نفس سعر الموسم الماضي 2023 وهو 10 ملايين ليرة للطن الواحد لشراء القطن في الموسم الحالي 2024، يعد مقبولاً شريطة اقترانه بقيام المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان باستلام الإنتاج ضمن المحافظة.
لكن للأسف الشديد هذا الأمر لم يحصل، وتُرِكَ الفلاحون تحت رحمة التجار والسماسرة، الذين اشتروا الإنتاج بأبخس الأسعار، الأمر الذي تسبب للفلاحين بخسائر كبيرة، انعكست سلباً على زراعة المحصول في الموسم الحالي 2024، بدليل عدم زراعة كامل المساحة المخططة.
تكامل السعر مع الاستلام
من هنا شدد الكركو على وجوب تكامل السعر الجيد للإنتاج من جهة، مع استلامه من قبل الدولة ضمن المحافظة من جهة ثانية.
وأوضح أن اتحاد فلاحي محافظة الحسكة بَيّنَ في مذكرته العوائد الإيجابية لاستلام الإنتاج ضمن المحافظة، بسعر جيد ومجزٍ، يتضمن هامش ربح مقبولاً للفلاح، على منتجي القطن بشكل خاص، وعلى قطاع الزراعة في المحافظة بشكل عام.
لافتاً إلى أن هذه الإجراءات تعد بمثابة تشجيع للفلاح على الاستمرار بزراعة هذا المحصول الهام، كما أنه يزيد من التنافسية التي تؤدي إلى زيادة المساحة المزروعة بالقطن، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في استعادة “الذهب الأبيض” لعرشه محلياً ووطنياً.
وأضاف الكركو: إن هذه الإجراءات لو تمت، كانت ستشكل قيمة مضافة للقطن السوري، وتؤدي إلى إعادته لسابق عهده من النجاحات، في ظل ما تمتلكه سورية من ميزات تنافسية في إنتاج القطن على مستوى العالم، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
مؤكداً أن إمكانية شراء الإنتاج من الفلاحين ضمن المحافظة ومن ثم شحنه إلى محالج القطن في المحافظات الداخلية ممكنة جداً. تماماً مثل شحن كمية 75 ألف طن من القمح من إنتاج الموسم الحالي، من المؤسسة السورية للحبوب من محافظة الحسكة إلى المحافظات الداخلية. وكما كانت المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان تستلم إنتاج القطن من الفلاحين ضمن المحافظة في المواسم السابقة، وفق طريقة الشراء والشحن المباشر. فلماذا لم يحصل ذلك؟.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين