آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » إلى أي مدى ستتباين سياسات ترامب الثاني عن ترامب الأول؟

إلى أي مدى ستتباين سياسات ترامب الثاني عن ترامب الأول؟

قد يكون ترامب الثاني يمتلك مقاربة مغايرة نسبياً لسياسته في الشرق الأوسط عن مقاربته في الولاية الأولى. فترامب هذه المرة غير مقيَّد بإرضاء اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.

 

في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2024 تأكد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية على منافسته كامالا هاريس ليعود إلى البيت الأبيض بعد خسارته في عام 2020 على يد جو بايدن.

وبدأ كثيرون يترقبون السياسة المقبلة للرئيس القديم الجديد، مع توقع البعض أن ينتهج ترامب سياسات شبيهة بتلك التي انتهجها في ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021، بينما ذهب البعض إلى توقع ان يكون ترامب الثاني متبايناً عن ترامب الأول.

وأكد بعض المحللين أن توجهات الرئيس ترامب ستكون متباينة جذرياً عن توجهات الديمقراطيين الذين صعّدوا التوتر في مختلف الجبهات حول العالم، أكان في أوكرانيا أو في الشرق الاوسط أو في شرق آسيا. ورأوا هؤلاء أن ما يسهّل مهمة ترامب هذه المرة هو ترافق فوزه في التصويت الشعبي والتصويت في المجمع الانتخابي بأغلبية مريحة مع فوز الحزب الجمهوري بأغلبية المقاعد في الكونغريس الأميركي.

السياسة تجاه الشرق الأوسط

قد يكون ترامب الثاني يمتلك مقاربة مغايرة نسبياً لسياسته في الشرق الأوسط عن مقاربته في الولاية الأولى. فترامب هذه المرة غير مقيَّد بإرضاء اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، نتيجة عدة أسباب، أولها أنه لن يكون منشغلاً بإرضاء هذا اللوبي لأن هذه ستكون ولايته الثانية ولا يحق له بغيرها. من هنا، فهو لن يكون في باله الفوز برضا الناخبين اليهود في الولايات المتحدة، علماً بأن أغلبيتهم الساحقة صوتت لمصلحة منافسته هاريس. كذلك، هو ناقم على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي “خانه” وكان أول من هنأ بايدن عندما فاز في الانتخابات في عام 2020، والتي طعن فيها دونالد ترامب.

كذلك، فإن الصوت العربي المسلم الذي مال بقوة لمصلحة ترامب لعدة أسباب، ضمنها معاقبة الديمقراطيين بسبب رعايتهم حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” ضد غزة، قد يؤدي دوراً في تعديل مقاربة ترامب لسياسته في الشرق اللأوسط. وما يحفز هذا التقدير هو إبعاد ترامب صهره الصهيوني جاريد كوشنير عن فريقه الرئاسي هذه المرة لمصلحة ضم صهره اللبناني مسعد بولس إلى الفريق، علما بأن والد الصهر اللبناني أدى دوراً كبيراً في جعل الجاليتين اللبنانية والعربية في ميشيغن، بما فيهما الجالية اللبنانية الشيعية، تصوّت لترامب.

من هنا، ظهرت مؤشرات تفيد بعزم ترامب على وقف الحرب في الشرق الاوسط في أسرع وقت ممكن، والبعض تحدث عن أنه أبلغ نتنياهو ضرورة وقف الحرب في غزة ولبنان قبل استلامه مقاليد السلطة في البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2025. لكن لا يجب المبالغة في التوقعات في أن ترامب الثاني سيكون متبايناً جذرياً عن ترامب الأول فيما يتعلق بالشرق الأوسط. فبمعزل عن احتقاره نتنياهو ووصفه له بنعوت دنيئة في مجالسه الخاصة، مثل عدّه كاذباً وخائناً، إلا أن العلاقة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” تبقى علاقة عضوية واستراتيجية، وواشنطن لن تسمح بتعرض “إسرائيل” لهزيمة استراتيجية وستعمل جهدها لمنع حدوث ذلك.

وفيما يتعلق بإيران وحلفائها فإن ترامب سيسعى لتشديد الضغوط على طهران من دون الوصول إلى صدام مسلح معها. وبالتالي، فإنه قد لا يحبذ توجيه “إسرائيل” لضربة عسكرية لإيران قد تؤدي إلى حرب إقليمية كبرى، إلا أنه سيسعى للحد من نفوذ حلفاء إيران في المنطقة، أكان في العراق أو لبنان، بحيث سيسعى لفرض توازنات جديدة تسعى لمحاصرة حزب الله.

وفي فلسطين حيث سيسعى لمحاصرة حماس، ومنعها من إدارة أي دور في الأراضي المحتلة. وما قد يحد قدرة ترامب على حرية المبادرة هو الدولة العميقة في الولايات المتحدة المتمثلة بالبيروقراطية والمجمع الصناعي العسكري ومجلس العلاقات الخارجية والمحافظين الجدد، الذين حاصروا ترامب في ولايته الأولى ودعموا غريمته في الانتخابات الأخيرة والذين سيسعون جاهدين لمنعه من الخروج على السياسات التي رسموها للولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم. كذلك، فإن القاعدة الكبيرة من الإنجيليين المتدينين الداعمين لترامب سيكون لهم تأثير في إبقاء دعمه لـ”إسرائيل” بناءً على عقائدهم الدينية المستندة إلى التوراة.

سياسة ترامب تجاه روسيا والصين وأوروبا

فيما يتعلق بروسيا، من المتوقع أن تشهد ولاية ترامب الثانية تراجعاً في حدة التوتر مع روسيا مع احتمالات التوصل إلى وضع سقف للنزاع في أوكرانيا، إن لم يكن حل النزاع بصورة نهائية. وبدت روسيا متحفظة بشأن إعلان تفاؤلها بالنسبة إلى إمكان تحسن العلاقات بواشنطن في ظل ترامب نتيجة معرفتها بحجم نفوذ الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وسعيها لعرقلة ترامب، علما بأن رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري مدفيديف والفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين حذّرا من إمكان أن تسعى الدولة العميقة الأميركية لاغتيال ترامب في حال تحدى إرادتها وذهب بعيداً في سعيه للتقارب مع روسيا.

لكن المراقبين متفائلون في إمكان تخفيف حدة التوتر بين موسكو وواشنطن لأن شخصية ترامب، على المستوى السياسي، تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان، وهوة ما يجعله مرناً في التعاطي مع الملف الأوكراني، عدا عن أن ترامب قد يكون يمتلك أدوات كثيرة لتغيير السياسة الأميركية في أوكرانيا عن السياسات التي اعتُمدت خلال عهد بايدن. كذلك، فإن شخصية ترامب متميزة في استقلاليتها، وخصوصاً أنه رجل أعمال ورجل قطاع خاص، وبالتالي سيكون له نفَسُه الخاص بالتعامل، وقد يتمرد على الدولة العميقة على نحو يخلق مشاكل داخل الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن الدول الأعضاء في حلف شمال الاطلسي، الناتو، تصرّ على مواصلة دعم نظام الرئيس الأوكراني، المنتهية ولايته، فولوديمير زيلنسكي، فإن الحلف يبقى أداة في يد واشنطن التي تبقى المساهم الرئيس في دعم المجهود الحربي للحلف، علماً بأن الدول الأعضاء في الناتو باتت منهكة من الحرب في أوكرانيا. لذلك، فإن العالم الغربي سيعتمد مراجعة لمواقفه في حال تبنى ترامب موقفاً حازماً في اتجاه وقف الحرب في أوكرانيا.

وفيما يتعلق بالصين، قد يسعى ترامب لتصعيد الحرب الاقتصادية معها، خدمة للشركات الأميركية التي تدعمه. في المقابل، فإن الصين لا تريد المواجهة مع واشنطن، لكن هذا يتوقف على السياسات التي ستعتمدها الولايات المتحدة في ظل ترامب، وهي ستسعى لتفادي الحروب التجارية أو العسكرية مع الولايات المتحدة، وستسعى لاحتواء ترامب عبر تعزيز التبادل والتعاون، اقتصادياً وتجارياً مع الولايات المتحدة، بما فيه الفائدة للشركات الأميركية والشركات الصينية.

وأخيراً، فإن العلاقة بالدول الأوروبية قد تشهد توتراً في ظل ترامب، وخصوصاً مع سعيه للضغط على الأوروبيين لزيادة مساهمتهم العسكرية في موازنة حلف الناتو، عدا عن سعيه لفرض رسوم على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة لتحفيز قدرة الشركات الأميركية على المنافسة، إضافة إلى أن موضوع أوكرانيا من أهم المواضيع الخلافية بين الدول الأوروبية وترامب.

وتكمن مشكلة الأوروبيين أيضاً في أن ترامب سيتعامل مع كل دولة أوروبية على حدة، وليس بصفتها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تخوف الأوروبيين من تقارب ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حساب دعمه لنظام كييف، علما بأن الأوروبيين لا يستطيعون وحدهم دعم نظام زيلنسكي ضد روسيا.

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أكثر من ألف طفل يستفيدون من حملة “دفا 11”

وصل عدد المستفيدين من حملة “دفا 11” التي أطلقتها جمعية غراس ‏التنموية في دمشق لمساعدة عدد من الأسر الأكثر احتياجاً على تأمين الألبسة ‏الشتوية إلى أكثر ...