علي عواد
في السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة محاولات متكررة لوقف تطبيق «تيك توك» تحت قيادة الرئيس السابق والمنتخب أخيراً دونالد ترامب. إذ قاد الأخير حملةً شرسة على التطبيق الشهير، محذراً من مخاطره على الأمن القومي. في عام 2020، وقّع ترامب أمراً تنفيذياً يهدف إلى حظر التطبيق، بدعوى أن الشركة المالكة له، «بايت دانس» الصينية، قد تستغل بيانات المستخدمين الأميركيين بطرق تهدّد الخصوصية والأمن القومي. وعلى الرغم من تعثّر تلك الجهود في تلك المدة لأسباب قانونية، كانت رؤية ترامب واضحة في التصدي للتطبيق كجزء من صراعه الأوسع مع الصين حول النفوذ التكنولوجي.
لكن في مفاجأة لعدد من المتابعين، أصبح الرئيس المنتخب دونالد ترامب في موقع غير متوقع وربما «حليف محتمل» لتطبيق «تيك توك» رغم الضغوط المتزايدة التي تطالب بحظره في الولايات المتحدة. ويأتي ذلك بعد لقائه بالمتبرع الجمهوري جيف ياس في آذار (مارس) الماضي، الذي يعدّ مستثمراً رئيسياً في «بايت دانس». يثير هذا التحول تساؤلات عمّا إذا كان ترامب سيحاول عكس قرار الرئيس الحالي جو بايدن عند توليه المنصب في 20 كانون الثاني (يناير) 2025. ووقع بايدن في نيسان (أبريل) الماضي، قانوناً يفرض على شركة «بايت دانس» بيع «تيك توك» قبل نهاية شهر كانون الثاني عام 2025، أو مواجهة الحظر الكامل في الولايات المتحدة. وتدور التكهنات حول أنّ ترامب قد يحثّ الكونغرس على تعديل القانون، أو يوجّه وزارة العدل لعدم تطبيقه، أو يستكشف خطة بديلة لمعالجة المخاوف الأمنية من دون حظر التطبيق بالكامل.
مع ذلك، قد تعيق ترامب عقبات قانونية تحول دون التدخل المباشر، إذ إن الموعد النهائي المحدد لبيع «تيك توك» هو 19 كانون الثاني، قبل يوم واحد من تنصيبه رئيساً، ما يعني أن أي تدخل سريع لن يكون سهلاً. وحتى لو حاول ترامب كسب الوقت عبر إقناع الكونغرس أو اعتماد استراتيجيات بديلة، يبقى الجدول الزمني ضيقاً جداً.
هناك أيضاً احتمال بأن تستمرّ الإجراءات القانونية الحالية في تأخير التنفيذ، إذ تنظر محكمة الاستئناف في واشنطن في مدى دستورية الحظر. ومن المتوقع أن تصدر حكمها في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل. لكن في حال الاستئناف، قد تصل القضية إلى المحكمة العليا، ما قد يمدّد الجدول الزمني إلى ما بعد الفترة الانتقالية. كذلك، يملك بايدن خيار تمديد الموعد النهائي 90 يوماً إذا أظهرت «بايت دانس» تقدماً فعلياً نحو البيع، ما سيؤجل القرار إلى ولاية ترامب الجديدة.
يعتبر المحللون أنّ عداء ترامب لفايسبوك يشكل أحد الدوافع الرئيسية لمعارضته حظر «تيك توك». إذ يرى ترامب أنّ حظر «تيك توك» سيعزّز من نفوذ فايسبوك، الذي وصفه علناً بأنه «عدو الشعب». وعلى «تيك توك»، يحظى ترامب بـ 14 مليون متابع من الشباب، ما يبرز القيمة السياسية والانتخابية التي يضعها على المنصة. بالتالي، يمكن أن يعتمد ترامب على «مشروع تكساس» كأحد الحلول الوسطى، وهي مبادرة من «تيك توك» لحماية بيانات المستخدمين الأميركيين عبر تعاون مع شركة «أوراكل» الأميركية لضمان بقاء البيانات داخل الولايات المتحدة. وقد يقدم هذا المشروع لترامب مبرّراً للتراجع عن الحظر من دون المساس بالأمن القومي.
مع ذلك، فإن عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي بنسخة 2.0 التي يتحدث عنها الإعلام الغربي، قد تعيد تشكيل نظرته تجاه «تيك توك» ومسألة الأمن القومي بشكل عام. على أي حال، سيبقى مستقبل التطبيق غامضاً في الأسابيع المقبلة بين التجاذبات المستمرة حوله إلى أن يحدث تطور جديد.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار