ضمن إطار متطلبات الحصول على درجة ماجستير تأهيل وتخصص في العمارة الداخلية، قدّمت المهندسة المعمارية رزان بشور تصميماً مقترحاً لفندق “البارون” التاريخي في حلب، سعياً لدراسة إمكانية إدخال التكنولوجيا الحديثة في التصميم الداخلي، لا سيما للأماكن التاريخية.
وأشرف على تصميم المشروع المهندس حازم صدقي، فيما ناقشت “بشور” مشروعها أمام لجنة تحكيم تضمّ نخبة من أساتذة كلية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق، والذين بدورهم، صوّبوا المشروع بجملة من الملاحظات التخصّصية.
وفي حديثها لتلفزيون الخبر، بيّنت م. رزان بشور سبب اختيارها موقع فندق “البارون” للعمل على دراسته لافتة إلى أن: “الاهتمام الملحوظ بحلب القديمة وأسواقها وخاناتها دفعها للبحث عن مواقع تاريخية مميزة لم تحظَ باهتمام كافي بعد، وكان البارون أحد أهم هذه المواقع”.
وأضافت “بشور” أن: “اهتمامها بدراسة فندق البارون ومحاولة تقديم تصميم معماري له كان بهدف إعادة الانتباه إلى أهمية هذا المكان، وربما يكون هذا المشروع مرجعاً لعدد من المعماريين في المستقبل”.
ويحظى فندق “البارون” بخصوصية فريدة، إذ استقبل على مدى عصور، أشهر الشخصيات العربية والعالمية، وأقام فيه ملوك ورؤساء من بينهم الراحل جمال عبد الناصر.
التحدّي الأبرز ما بين التكنولوجيا الحديثة والهوية التاريخية
وتمحور مشروع المهندسة رزان بشور حول إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى التصميم الداخلي، لكن التحدّي الأبرز، بحسب ما أوضحت “بشور”، كان في محاولة إدخال التكنولوجيا التي تلبي متطلبات العصر، وفي الوقت ذاته، الحرص الشديد على هوية المكان.
وأوضحت م. “بشور” في حديثها لتلفزيون الخبر أنه: “لا يمكن إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى الأماكن التاريخية إلا بحدود معينة، كالإضاءة وأنظمة التكييف والألوان المناسبة للطراز، مع ضرورة الحفاظ على الطراز المعماري للمكان”.
وأضافت “بشور”: “بما أن فندق البارون ينتمي إلى الطراز الكلاسيكي الحديث، فحافظت على الزخارف والبلاط الموجود، واخترت في التصميم المقترح مجموعة من الألوان الفاهية والكلاسيكية التي تناسب هذا الطراز”.
كيف سيبدو فندق “البارون” لو أُدخِلت إليه التكنولوجيا الحديثة؟
عملت م. رزان بشور على تقديم تصميم متجدد لبعض الأقسام الرئيسية للفندق، كالمدخل، غرفة الطعام، وصالة الاستقبال.
وقدّمت تصوراً لأحد الأجنحة وكذلك أيضاً لأحد الغرف، واستغرق تصميم تلك الأجزاء حوالي أربعة أشهر، حسب ما أوضحت “بشور”.
ومن الأقسام الهامّة التي قدّمت “بشور” تصميماً لها هو بهو المدخل الرئيسي للفندق. وأوضحت “بشور” أنها: “وظّفت التكنولوجيا الحديثة كالإضاءة الحسّاسة، في تحديد البهو بمحور بصري ليصبح وكأنه ممر تاريخي ينقل الزائر بتجربة فريدة إلى داخل الفندق”.
ولفتت “بشور” إلى أن: “غرفة الاستقبال في الفندق تعدّ من أهم الأجزاء التي عملت على إدخال التكنولوجيا إليها، وذلك من خلال وضع شاشة ليد، وظيفتها عرض صور الشخصيات العربية والعالمية المشهورة التي زارت هذا الفندق وأقامت فيه منذ عقود طويلة”.
وتابعت “بشور”: “ترافق تلك الصور لمحة تعريفية عن فترة ومكان إقامة تلك الشخصيات في الفندق، وذلك لتعريف الزائر الجديد بخصوصية هذا المكان واطلاعه على التاريخ الفريد للفندق بمجرد دخوله إليه”.
كيف بدَت غرفة “أغاثا كريستي” في التصميم المقترح؟
وتعد الغرفة رقم 203 من أشهر غرف فندق “البارون”، وهي معروفة بغرفة “أغاثا كريستي”، الكاتبة العالمية التي أقامت في الفندق وكتبت على شرفة تلك الغرفة واحدة من أشهر رواياتها بعنوان “جريمة في قطار الشرق السريع”.
ورغم التحسينات التي شهدها الفندق على مدى سنوات، إلا أن أصحابه حرصوا على إبقاء مقتنيات غرفة “أغاثا كريستي” كما هي، وكذلك الأمر لغيرها من غرف المشاهير، ليستمتع الزائر بتفاصيل وخصوصية تلك الغرف.
وبخطوة جريئة، اقترحت المهندسة رزان بشور حلّة جديدة للغرفة الشهيرة، أضافت فيها كتاب الرواية الشهيرة وحرصت على إبقاء صورة الكاتبة العالمية إلى جانب السرير.
البارون والطاووس.. فكرة إبداعية مشتقّة من الاسم
واختارت المهندسة رزان بشور في تصميمها المقترح، الطاووس كشعار جديد للفندق، وبيّنت أنها: ” صمّمت الشعار بألوان البيج، الخمري ،الأزرق الشاحب مع لمسة ذهبية، وهي من بين مجموعة الألوان التي تتماشى مع الطراز”.
ولفتت “بشور” في حديثها لتلفزيون الخبر، إلى أنها: “حرصت على إضافة الطاووس كجزء من الهوية البصرية للمكان، لا سيما في صالة الطعام بتفاصيلها المختلفة”.
وأوضحت “بشور” أنها: “في تصميم غرفة الطعام حافظت على البلاط واستفادت من الزخارف الموجودة بالأصل، وذلك في تصميم ورق جدران معتّق يتماشى مع روح المكان”.
وتابعت “بشور: “أضفتُ الزجاج المعشّق لنوافذ غرفة الطعام، واخترت ألوان الخمري والأزرق وغيرها من مجموعة الألوان المناسبة للطراز الكلاسيكي الحديث، فالورق المعتّق والزجاج المعشّق من العناصر المساعدة على حفظ هوية المكان”.
وعن سبب اختيار الطاووس أوضحت م. “بشور” أن: “اسم البارون بالفرنسية يعني النبيل، وهي رتبة أو لقب شرف كان يمنح في البلدان الأوروبية، فيما يعدّ الطاووس من أنبل الطيور ويعطي سمة الفخامة بألوانه الفريدة، ومن هنا جاءت فكرة الربط ما بين الاسم والشعار”.
وانطلاقاً من تجربتها، دعت المهندسة الشابة رزان بشور أبناء جيلها من المعماريين إلى إعطاء المساحة الأكبر من اهتمامهم لدراسة المواقع التاريخية، لما تتضمنه من تجربة ميدانية واقعية، لا سيما وأن سوريا غنية بالمواقع التي يجب أن تحظى باهتمام الجيل الجديد ورؤيته الحديثة.
ونوّهت م. “بشور” إلى أنها: “في فترة التحضير للمشروع، اجتمعت مع أحد أفراد عائلة مظلوميان، المالكة للفندق، والذين قدّموا بدورهم معلومات غنية عن المكان، فيما تعاونت مديرية السياحة في حلب بتقديم المخططات الخاصة للفندق، وذلك تسهيلاً لتنفيذ المشروع الجامعي.
وتوجّهت م. “بشور” عبر تلفزيون الخبر، بالشكر لكلية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق، ممثلة بعمادتها ولجنة تحكيم المشروع ومشرفه، لما قدموه من ملاحظات بنّاءة، وأيضاً لكل من ساعد بإنجاز ذلك المقترح”.
يذكر أن الأخوين “مظلوميان” كانا قد باشرا ببناء فندق “البارون” في حلب، حوالي العام 1909 وكان عبارة عن طابقين يضمّان 31 غرفة. وفي العام 1911 تم الإعلان عن افتتاحه رسمياً، فيما تم التوسع ببناء الطابق الثالث عام 1930، نتيجة الحركة السياحية الملحوظة آنذاك.
سيرياهوم نيوز 2_الخبر