مع امتداد موجة التطبيع مع العدو الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، أصبح مهماً تسليط الضوء على البلدان التي تقوم بهذه الأعمال بشكل عام، وخصوصاً البلدان التي لم توقّع اتفاقات تطبيع واضحة وصريحة مع العدو، إذ لا بدّ من وجود ما يمكن أن يُصنّف مدى تطبيع هذه البلدان. في هذا السياق، أصدر المركز الاستشاري مؤشراً يظهر حجم تطبيع البلدان العربية مع «إسرائيل»، بموجبه يُحوّل حجم التطبيع إلى رقم يمكن من خلاله مقارنة الأنشطة التطبيعية بين البلدان. وفي هذا المؤشّر، احتلّت الإمارات المركز الأوّل عربياً، تليها البحرين والمغرب. ومن بين الدول التي لم تقم بالتطبيع الشامل مع العدو، تحتلّ السعودية المركز الأوّل.
يتألّف مؤشّر التطبيع من ثمانية أقسام، سبعة منها تتعلّق بالتطبيع في مجالات مختلفة، والقسم الثامن يتعلّق باتفاقيات التطبيع الشاملة. أما الأقسام السبعة فهي:
1- التطبيع الاقتصادي والتجاري: الذي يشمل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية والاتفاقيات بين المؤسسات العامة والخاصة وعمليات التبادل الممكن رصدها.
2- التطبيع الدبلوماسي والعلاقات الخارجية ويتضمّن: تبادل السفراء والقناصل والممثليات وافتتاح سفارات ومكاتب تمثيلية وما يشابهها.
3- التطبيع الأمني والعسكري وتندرج فيه الاتفاقيات والمعاهدات والأنشطة العسكرية كالمناورات المشتركة والأفعال التدريبية والزيارات المتبادلة المعلنة.
4- التطبيع السياسي: اللقاءات والزيارات الرسمية والبيانات المشتركة والاتفاقيات الرسمية الأساسية.
الإمارات لديها 56 حالة تطبيع في المجال الاقتصاي والتجاري
5- التطبيع السياحي: اتفاقيات تبادل وفود وزيارات بغرض الترويج السياحي.
6- التطبيع الثقافي والتربوي: تبادل الاتفاقيات بين الجامعات والمؤتمرات والأنشطة المشتركة.
7- التطبيع الرياضي، التطبيع العلمي، التطبيع التكنولوجي: زيارات الفرق الرياضية والمشاركة في المباريات فرقاً وأفراداً، وأشكال التبادل والتعاون بين الجامعات والمعاهد والمؤسّسات العلميّة.
يأخذ مؤشّر التطبيع هذه العوامل في الحسبان مع إعطاء كل واحد منها ثقلاً معيناً مبنياً على «استطلاع آراء مجموعة خبراء من مختلف التخصّصات لتقييم أهمية كل مؤشّر فرعي مقارنة بالمؤشر الكلّي»، بحسب ما يقول المركز الاستشاري. المؤشّر الفرعي الأهم، هو وجود اتفاقيات تطبيع شاملة، ووزنه 33%. يلي ذلك التطبيع الأمني والعسكري بثقل نسبته 18%، والاقتصادي والتجاري بنسبة 16%، والتطبيع السياسي والدبلوماسي بنسبة 13%.
تتكوّن القيمة الفعليّة لكل مؤشر من عدد الأنشطة في مجال التطبيع الذي يمثّله هذا المؤشر، بناءً على احتساب النشاط التطبيعي وفقاً لمرّات التطبيع. ولتحقيق التجانس والمقارنة بين هذه القيم التي قد تتفاوت بشكل كبير من مؤشر إلى آخر، جرى توحيدها للحصول على قيم متجانسة في طريقة الاحتساب باستخدام مقياس معياري يتراوح من 1 إلى 10.
يظهر من نتائج المؤشّر أن النشاط التطبيعي للإمارات هو الأعلى عربياً، وهي أكثر نشاطاً في مجال التطبيع الاقتصادي والتجاري (56 حالة تطبيع)، والتطبيع السياسي (24 حالة)، بالإضافة إلى التطبيع الدبلوماسي والعلاقات الخارجية (18 حالة). في حين أن البحرين تنشط في التطبيعين الاقتصادي (22 حالة) والدبلوماسي (14 حالة)، بالإضافة إلى التطبيع الأمني والعسكري (10 حالات). أما بالنسبة إلى المغرب، فالتطبيع الدبلوماسي (10 حالات) هو المُتصدّر، يليه التطبيعان: السياسي (5 حالات) والاقتصادي (4 حالات). وفي مصر، التي تحتل المركز الرابع عربياً بالنسبة إلى مؤشّر التطبيع، فمجال التطبيع الدبلوماسي (6 حالات) هو الأنشط. وبحسب المركز الاستشاري، لا يبدو المسار التطبيعي بين مصر والكيان ناشطاً، بل يشهد مجمل النشاط التطبيعي بينهما تباطؤاً، إذ لم يتعدّ التطبيع الدبلوماسي والعلاقات الخارجية 6 أنشطة، فيما تراوحت بقية الأنشطة بين 2 و3 أنشطة كما يلي: التطبيع الاقتصادي والتجاري (3 حالات)، التطبيع الأمني والعسكري (حالتان) التطبيع السياسي (حالتان)، والتطبيع الثقافي والتربوي (3 حالات).
أما الأردن، وهي الخامسة على مستوى مؤشّر التطبيع، فتوضح البيانات أن التطبيع الدبلوماسي والعلاقات الخارجية بينها وبين الكيان الغاصب كان الأنشط على ضعفه، إذ لم يتجاوز الـ 5 حالات، فيما اقتصر التطبيع الاقتصادي والتجاري والتطبيع الأمني والعسكري على نشاط واحد لكليهما.
بين البلدان العربية، تحتل الإمارات صدارة الأنشطة التطبيعية في معظم المجالات. إذ إنها الأكثر نشاطاً بين الدول العربية في مجال التطبيع الاقتصادي والتجاري، والدبلوماسي، والسياسي، والثقافي والتربوي، بالإضافة إلى التطبيع الرياضي والعلمي والتكنولوجي، فيما كانت صدارة التطبيع الأمني والعسكري في يد البحرين.
يوضح هذا المؤشر كمّياً اتجاهات عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني والمجالات التي يتحرّك فيها، ومستوى تفاعل الأفراد والهيئات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية معها، كما يساعد على رصد فعالية الاتفاقيات الموثقة بين بعض الدول و«إسرائيل» في دفع مسارات التطبيع إلى الأمام.
ويذكر بحسب المركز، أن المؤشّر لم يرصد بطبيعة الحال الأفعال التطبيعيّة غير المعلنة أو التي لا تتوافر إحصاءات مفصّلة عنها مثل حركة المسافرين والحركة التجارية اليومية، أو التي تتخذ شكلاً تجارياً ومستمراً مثل عمل السفارات والممثليات الخارجية وما يشبهها من أنشطة دائمة، فيما يأخذ المؤشّر بالحسبان الأفعال القابلة للتعداد مثل الاتصالات الهاتفية والزيارات والأنشطة المشتركة.