الرئيسية » كتاب وآراء » المنتصر والمهزوم واليوم التالي للحرب..!

المنتصر والمهزوم واليوم التالي للحرب..!

 

 

ميخائيل عوض

 

في كل حرب ما لم تتحقق هزيمة ساحقة لفريق وانتصار باين للأخر سيعلن كل طرف انه انتصر.

نتنياهو اعلن انتصارا في حربه التدميرية على لبنان.

وبرر ذلك بتدمير القدرات الهجومية لحزب الله وبتدمير البنية التحتية واسلحة المقاومة وحرمانه من التفكير بالعبور الى الجليل.

امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم اعلن انتصارا اعظم مما تحقق في ٢٠٠٦ بمنع اسرائيل من تدمير وشطب حزب الله الهدف الذي اعلنه نتنياهو  لعمليته البرية التي هزم فيها بشهادات وقائع الميدان.

المراقبون والعارفون بعلوم الحروب والجيوش يقررون نسب الانتصار والهزيمة لكل طرف بالمقارنة مع ما تحقق منها في الحرب عند اعلان نهايتها وما يبقى له في اليوم التالي وليس بإعلان وقف نار قد يكون مؤقتا واستراحة محارب وهذا ما يصر عليه نتنياهو اشارة الى معرفته بان جيشه هزم في الميدان وحربه لم ينتصر بها ولم يحقق الا تدمير للعمران وقتل الاطفال والنساء فبعد البيجرات واغتيال السيد حسن والقادة لم تحقق حملته اي هدف يذكر واصبحت تبديد للذخائر والاسلحة وعجز فاقع في الميدان والحرب البرية.

وهو لم ينال من عزيمة وبنيه وسلاح وشعبية حزب الله واطبقت الصواريخ والمسيرات على تل ابيب وعموم فلسطين ولم تفلح الدفاعات الجوية برغم المشاركة الامريكية المباشرة بمنظومة ثاد وسلاح الطيران في التصدي لها.

نتنياهو بصفته المبادر والهجومي يصر على ان وقف النار استراحة محارب ويعزز اصراره بإجراءات جيشه في الجنوب واستمرار تحليق الطيران والاعتداءات ولا يلتزم او يعير الاتفاق ولجنته للمراقبة اي اهتمام.

الشيخ نعيم قاسم اعلن بالفم الملان ان الحزب لم يكن يريد الحرب ولم يسعى لها. والاستنتاج انه يرى وقف النار خطوة نوعية في وقفها وانهائها وهذا موقف منسجم مع ممارسات المقاومة وادائها وشعاراتها من اليوم الاول لشروعها في معركة اسناد غزة واشغال اسرائيل.

واكد الشيخ نعيم قاسم انضباط المقاومة بقرار وقف النار وبتعاون الحزب الى ابعد مدى مع الدولة والجيش لإنفاذ ال١٧٠١ ولم يضع قيدا او شرطا ولم يشترط تنفيذا اسرائيليا للاتفاق تاركا الامر للدولة والجيش.

الاستنتاج ان الرغبة من جهة لبنان وقف الحرب والالتزام بمندرجات١٧٠١ ولواحقه التنفيذية وقد جزم قاسم بان وقف النار ليس اتفاقا او تعاقدا انما تنفيذ لقرار اممي سابق.

لا يمكن التعامل مع الحرب انها انتهت مادام نتنياهو لم يعلن وقفها ونهايتها. ونتنياهو مغامر واحمق ويربط مصيره ومصير اسرائيل بالحرب ويصر على انتزاع انتصارات واضحة باستسلام المحاربين على الضفة الاخرى وتوعد سورية وايران.

فالحديث عن اليوم التالي معلقا الى ان يتبين الخيط الابيض من الاسود.

حتى ذلك الحين سيخضع موقف حزب الله وخطاب الامين العام الشيخ نعيم قاسم   الى الكثير من الافتراء والاستنتاجات بينما الوضوح في كلامه قاطعا لا يحمل التباسا ولا يحتاج الى تفسيرات.

التحليل العلمي والواقعي يستند الى المعلن من المواقف والى المعطيات المادية المعاشة والجارية والى فهم البيئات الاستراتيجية للواقع وافاق تطوراتها.

المعلن على لسان الشيح قاسم واضح يؤشر الى تحول نوعي وجوهري في مواقف ومقاربات حزب الله من القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي والعلاقة مع ايران والساحات ودور ومكانة لبنان. والى مقاربات والتزامات حزب الله في الجاري والمستقبل وقد اعاد التذكير بها في خطاب النصر.

وعليه نرى ان قراءة حزب الله ودوروه وعلاقته بلبنان وبنيته ودولته ونظامه ومستقبله تحتاج الى اعادة تقيم ودراسة واستنباط. فليس امرا عابرا ان يتحول حزب الله وهو معزز بالنصر والثقة بالنفس ومسلحا بقاعدة اجتماعية موالية وصلبة وبثنائي اكد على متانته وصلابته الشيخ نعيم قاسم ويغير بوصلته التي تأسس عليها وكانت ضوابط ادواره ومواقفه وسياساته منذ التأسيس.

ولا يجب قط تجاهل احتمال ان يكون خطاب الشيخ نعيم قاسم وما حمله من اشارات على تغير حدي ونوعي في توجهات والتزامات الحزب تعبير عن سياسة متقنة تتقصد التضليل الاستراتيجي للعدو ووضع الدولة والجيش والمجتمع اللبناني برمته امام مهمة ومسؤولية ضمان وحماية السيادة الوطنية بعد ان حققتها المقاومة في الانتصارين والترسيم البحري وفي الحرب والهدف اخذ وقت لإعادة التنظيم وترميم القدرات والاستعداد لاستئناف الحرب من موقع المدافع عن لبنان لا المتضامن مع غزة وبواقع احتمال عجز الجيش والدولة واليونيفيل واللجنة الخماسية والدور الامريكي عن صيانة الاستقلال والسيادة ومنع اسرائيل من فرض ارادتها واستمرار التعدي والتطاول على لبنان وحقوقه وسيادته وكيانه.

الحرب لم تنته ونتنياهو يستطيع العودة اليها وفرضها ولا يجوز الاخذ بادعاءاته وتصويره منتصرا على عكس وقائع الميدان ونتائج الحرب.

وليس من الحق او العدل تحميل حزب الله وخطاب امينه العام اكثر مما يحتمل فالكلام صريح وواضح ومعطيات الميدان قاطعة معاشه وواقعية.

الى اليوم التالي وغدا لناظره قريب.

هذه حرب وجودية ومصيرية سيخرج منها منتصر ومهزوم بوقائع ومعطيات قاطعة وليس بالزعم والادعاء.

واليوم التالي للحرب هو الفيصل وكلام الجد.

 

(اخبار سورية الوطن 1-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ما العمل اليوم بين الإيدولوجيا والبراغماتية؟

    د.عبد اللطيف عمران   في أواخر القرن الماضي، ألقى د. عبد العزيز سعيد – باحث ومستشار أمريكي من أصل سوري – محاضرة في ...