يتكرر العدوان الإرهابي على الشمال وخاصة على حلب، التي بقيت هدفاً للتنظيمات الإرهابية لأسباب سياسية وعسكرية وأيضاً لوجستية، مترافقة مع حملة إعلامية شرسة من قنوات تلفزيونية ومنصات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تبث أخباراً مضللة ومزيفة وتروج الشائعات بغية ترهيب الآمنين في بيوتهم، وإحداث بلبلة في الشارع السوري، بينما يواصل بواسل جيشنا محاربة الإرهاب بكل قوة وحزم، عاقدين العزم على تفكيك بنيته وتجفيف منابعه والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وبرزت الحرب النفسية والإعلامية كجزء من الهجوم الإرهابي، والكثير من الأخبار العاجلة والفيديوهات السريعة التي أدعت «سقوط» مناطق وأعلنت السيطرة على مناطق أخرى مع سيل من الشائعات التي تهدف إلى إيجاد حالة من الفوضى وضياع الحقيقة والتشويش بصورة مشابهة لما حدث قبل عشر سنوات، لكن اليوم الأمور مختلفة وسط أجواء سياسية عربية ودولية تدين بشكل صريح هجوم التنظيمات الإرهابية على المدن والبلدات، وتدعم وحدة الأراضي السورية، وتساند دمشق للمضي قدماً بالمحافظة على سيادتها، بالتزامن مع استعادة الجيش زمام المبادرة والانطلاق بقوة نحو استعادة ما سلبته التنظيمات الإرهابية وجعل سلامة وأمن المدنيين أهم الأولويات وفق خطط عسكرية مدروسة.
الباحث الدكتور مجد فاطر نعامة وجد أن التركيز بمختلف أشكاله على محافظة حلب يعكس خليطاً من الأهداف الاقتصادية، الثقافية، العسكرية، والإعلامية، ما يجعلها نقطة محورية في العدوان المستمر، حيث تعد حلب محورية للحرب الإعلامية بسبب رمزيّتها التاريخية والثقافية، فهي تمثل الهوية السورية وتاريخها العريق، لكونها مركزاً تجارياً وصناعياً، وأن السيطرة عليها تعكس القوة والنفوذ، ما يجعلها هدفاً رئيسياً للروايات الإعلامية.
وبيّن نعامة أن تأثير الحرب الإعلامية في الحرب على سورية كان عميقاً ومعقداً، حيث أدت وسائل الإعلام دوراً محورياً في تشكيل الروايات والآراء حول الحرب، وعدد بعض الجوانب الرئيسية لهذا التأثير ومنها:
1. تشويه الحقائق: وسائل الإعلام استخدمت لترويج روايات معينة لا تعكس الواقع، حيث تم تصوير الحكومة السورية على أنها «العدو» الرئيسي، بينما تم تلميع صورة الجماعات المسلحة، هذا التشويه أثر في الآراء العامة، خاصة في الغرب.
2. التأثير في الرأي العام: الحرب الإعلامية ساهمت في تشكيل الرأي العام المحلي والدولي، فالعديد من الدول تأثرت بما يُعرض في وسائل الإعلام، ما ساعد على بناء دعم أو معارضة للجهات الفاعلة في الحرب.
3. تسليط الضوء على الأزمات الإنسانية: وسائل الإعلام ركزت على الأبعاد الإنسانية للحرب، مثل النزوح والجرحى، ما أدى إلى زيادة الوعي العالمي بالمأساة السورية، لكن، في أغلب الأحيان، كان التركيز على المعاناة يستخدم وسيلة لتعزيز روايات سياسية معينة.
4. تعزيز الانقسام: تهدف الحرب الإعلامية إلى الانقسام داخل المجتمع السوري، حيث انتشرت الروايات التي تغذي الكراهية والتوتر بين مختلف الفئات، وهذا الانقسام يعقد أي جهود للسلام.
5. التأثير في السياسة الدولية: تأثرت السياسات الدولية المتعلقة بسورية بشكل كبير بالحرب الإعلامية، فالتصورات التي شكلتها وسائل الإعلام ساهمت في توجيه المساعدات والعقوبات.
6. الهجمات الإلكترونية: في بعض الحالات استخدمت الحرب الإعلامية كجزء من الهجمات الإلكترونية، حيث تم نشر معلومات مضللة أو تحريضية عبر الإنترنت لتأجيج الحرب.
وأكد نعامة أن حلب لعدة أسباب استراتيجية وسياسية تجعل من المدينة هدفاً رئيسياً في الحرب على سورية: أولها أن حلب مركز تجاري حيوي، حيث تلتقي الطرق التجارية بين الشرق والغرب، ما يمنح السيطرة عليها أهمية اقتصادية كبيرة، تاريخياً كانت المدينة تُعرف بأنها إحدى أكبر المدن الصناعية في سورية، مع وجود العديد من المصانع والمرافق الإنتاجية، لذلك فإن السيطرة على حلب تعني التأثير بشكل مباشر في الاقتصاد الوطني وإضعاف القدرة الإنتاجية للبلاد. وثانيها أن حلب تحمل تاريخاً ثقافياً عريقاً، حيث تُعد رمزاً من رموز الهوية السورية، وتحتوي على معالم تاريخية وثقافية غنية، ما يجعل استهدافها ليس هجوماً عسكرياً فقط، بل هو هجوم على التراث والهوية الوطنية، كما أن المدينة كانت ساحة للعديد من المعارك، ما يزيد من رمزية الصمود والمقاومة، ثالثها، تؤدي حلب دوراً محورياً في موازين القوى العسكرية في الحرب، فالسيطرة على المدينة تمنح ميزة استراتيجية في الحرب، إذ تتيح التحكم في الطرق الرئيسية التي تربط بين المناطق، ما يسهل حركة القوات والإمدادات، إضافة إلى ذلك تُعد حلب من أكبر المدن الصناعية، وفقدان السيطرة عليها يؤثر سلباً في الاقتصاد الوطني.
اخبار سورية الوطن 2_تشرين