آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » المعركة الفاصلة هارماجيدون الشمال .. أردوغان والفخ الامريكي

المعركة الفاصلة هارماجيدون الشمال .. أردوغان والفخ الامريكي

 

نارام سرجون

 

 

يتصرف اردوغان بشكل متسارع وبنوع من الثقة بالنفس .. فخروجه على اتفاقاته مع روسيا وايران واضح تماما .. ومن الواضح انه حسم امره واختار المواجهة .. وهناك الكثير من الشائعات والتحليلات الضعيفة التي تحكي عن بيع وشراء وصفقات .. وعن تخلي روسيا وصفقة ايرانية .. وعن اردوغان الذي لعب اوراقه القوية مع روسيا وايران .. ويستشهد هؤلاء ببعض التصريحات الباردة الديبلوماسية الايرانية والروسية .. ويريد هؤلاء ان يخرج الرئيس بوتين والسيد الخامنئي ويعلنان الحرب على اردوغان .. ولكن الحرب آتية لاريب فيها وكل هذه الابتسامات الديبلوماسية تشبه ديبلوماسية الاميريكيين الذين يرسلون حاملات الطائرات والقنابل ويقولون انهم حريصون على حل المشاكل بالطرق الديبلوماسية .. ويرسلون لنا مبعوثين لطفاء يبتسمون مثل هوكشتاين الذي يصل دوما مع حاملات الطائرات وشحنات القنابل الثقيلة ..

 

من الواضح ان الغبي اردوغان وقع في فخ صدام حسين .. وهو الان يتباهى انه أعاد للاتراك حلب .. وبدأت النشوة تؤثر على تقيته السياسية وبدأ يتواقح في اطلاق العنان بالاحلام التركية بعودة حلب عبر مساعديه ومريديه .. وكأنه على يقين انه لن يخرج منها .. ومن الواضح حسب المعلومات التي بدأت ترشح ان اردوغان عقد صفقة مع الاميركيين والاسرائيليين منذ عدة أشهر .. والحقيقة هو ان من عرض الصفقة هم الاميريكيون الديمقراطيون .. الذين يريدون ضرب ثلاثة اعداء بحجر واحد .. سورية وايران وروسيا مع حزب الله .. وكان من المخطط ان تبدأ العملية في آذار الماضي .. ولكن تعقيدات حرب غزة جعلت اردوغان والديمقراطيين يتريثون .. وأعاد الاميركيون الديمقراطيون العرض (وهو عرض طرح سابقا عندما تعرض اردوغان للطائرة الروسية) ..

وكان سؤال الأتراك في مفاوضاتهم الاخيرة منذ اشهر هو (وماذا لو فاز ترامب؟) وكان الرد ان الديمقراطيين سيستفيدون من هذه الضربة الثلاثية ضد ثلاثة أعداء .. وان ترامب – ان فاز – سيجدها نافعة جدا لحصار ايران .. واليوم فان اسقاط حلب سيظهر ايران والخامنئي بمظهر الخاسرين الضعفاء داخل ايران .. فأعظم حلفاء ايران سقطوا او تم اضعافهم – كما حدث وتوقع المصدر الاميريكي بعد ضربة البيجر واغتيال قيادات حزب الله .. فغاب السيد نصر الله وأصيب حزب الله بجراح بالغة .. وسيكون اضعاف الاسد بالاستيلاء على حلب خسارة اضافية لايران ونظامها وهيبة الحرس الثوري والمرشد .. فهيبة النظام ستسقط .. لأن الخسائر في الحروب الخارجية تنعكس دوما على الداخل في اي حرب خاسرة .. .. ولايجب على اردوغان ان يكترث بعد ذلك برد فعل ايران لان ايران عندها ستكون ضعيفة وسيعمل الديمقراطيون على اشعال الشارع الايراني ليرتاح .. فالثورة الفرنسية وقعت لأن فرنسا خسرت كل مستعمراتها في أميريكا لبريطانيا .. فنقم الفرنسيون على الملكية وأحسوا بضعفها وبأنها فقدت هيبتها .. فكانت الثورة الفرنسية التي بدأت من الخسارة في مستعمرات اميريكا .. وزيادة في الاطمئنان ارسل اردوغان رسائل استفسارية الى ترامب .. فجاءه الرد بأنه يتمنى له التوفيق في هذه الحركة “الجيدة” ..

وكان سؤال الاتراك على سؤال عن تقديرات الاميريكيين عن الموقف الروسي .. فرد الاميريكون ان الروس يريدون نهاية حرب اوكرانيا ولايمكنهم خوض حرب ثانية أمام شعبهم خاصة ان معركة اوكرانيا لم تحسم .. وسيكون من الصعب جدا عليهم خسارة تركيا في هذه المرحلة (مفاوضات قبل آذار 2024) .. وتركيا في موقف قوي جدا الان وفي فرصة لاتفوت .. وكان مستشارو اردوغان يوافقون على ان وصول ترامب اذا تم فقد يريح الروس في اوكرانيا ولكنهم لن يحاولوا استفزاز ترامب بمنعهم اضعاف ايران وسورية وقد حمل معه هدية اوكرانيا لهم ..

 

الحوارات التي دارت بين الاسرائيليين والاميركييين والاتراك كانت عميقة للغاية وأقنعت الجانب التركي انها اللحظة المناسبة والفرصة التي لاتفوت .. خاصة ان الاسد فقد قوة حزب الله المنشغله في والمرابطة في جنوب لبنان .. وايران المحاصرة منقسمة وتديرها قوى محافظة لاتريد الخوض في نزاعات جديدة خاصة مع تركيا .. وأما روسيا اليوم فهي في مستنقع اوكرانيا .. وأن اسرائيل واميريكا الديمقراطية ستدخلان بقوة مع اردوغان في اي مواجهة على عكس النأي بالنفس عندما أسقط طائرة روسية .. وسيكون الجميع رابحا .. اسرائيل تضعف كل محور المقاومة .. واميريكا تضعف روسيا قبل وصول ترامب .. وتقترب من قاعدتها الروسية في طرطوس التي ستكون عمليا محاصرة .. وستكون خطة اميريكا مابعد ترامب بعد 4 سنوات جاهزة ..

 

الحوارات التي تمت يشبهها البعض بحوارات الأمريكيين مع الرئيس صدام حسين قبل ان يرسل قواته لاجتياح جنوب ايران لتحرير عربستان .. وعربستان او الكويت للعراق مثل حلب لتركيا .. واقتنع الرئيس صدام حسين يومها بالطرح الامريكي من ان ايران في اضعف حالاتها .. وجيشها متعب ومفكك .. ولاحلفاء معها قادرون على الحرب .. والعرب معه واميريكا والغرب معه للانتقام من ايران .. وبذلك يخرج الجميع رابحين في لحظة فاصلة لاتتكرر ..

 

وفعلها أردوغان كما فعل صدام حسين مغامرته .. وكلا الشخصيتين نرجسيتان وجنون العظمة يحركهما .. والشخصية النرجسية هي من تدخل المقامرات القاتلة .. ولكن الان وصلت الاسئلة الأهم التي لم تخطر على بال الاتراك .. وهي ماكان يجب ان يجاب عليه .. وهي:

هل روسيا ستوافق اذا لم تكن تقدر ان تضمن ماذا بعد مرحلة ترامب؟ وهذا يعني حسب الروس انهم اذا غازلوا ترامب وأخذوا اوكرانيا مقابل حلب .. فهل من ضامن لهم ان مابعد ترامب لن يعيد الهجوم ويتنكر لكل اتفاقاتهم مع ترامب .. ويخسرون اوكرانيا وسورية .. والروس يعرفون انهم عندما قبلوا بتفكيك الاتحاد السوفييتي صدقوا الاميريكيين الذين وعدوهم بشرف اميريكا والناتو انهم لن يدخلوا المجال الحيوي للروس انشا واحدا .. ولكن الاميريكيين بعد ذلك ضموا كل الجمهوريات السوفييتية الى نطاق نفوذهم والى فلكهم ووصلوا الى اوكرانيا وجلسوا داخل البيت الروسي القديم .. ولذلك فانهم يدركون ان هذه الحقنة المهدئة الاميريكية مشهورة ويعرفها الروس الذين حقنوا بها وهي لتبريدهم 4 سنوات يأتي بعدها رئيس آخر وتكون الخطة القادمة تتجهز خلال السنوات الاربعة التي حكم فيها ترامب .. والأهم ان الروس الذين – حسب تقديرات الاتراك – قد يتساهلون في حلب في الحقيقة لايعرفون الى حد اتفقت الدولة العميقة القديمة مع ترامب انها لن تعترض على فوزه مقابل أن يبقى وضع روسيا على ماهو عليه .. انه رهان مع رجل تاجر لايكترث الا بمصالحه ..

 

وهناك سؤال سيحار كيف يجيب عليه اردوغان للروس وهو ان المقاتلين المتوحشين والكلاب التي دربها في ادلب صارت بيده ورقة وقد دخل فيها العامل الاوكراني .. وسيكون من السهل لاوكرانيا ان تستعين بهم في اعتداءتها على روسيا وفي حشدهم ضدها من باب رد الجميل .. خاصة ان تركيا ستستجلب الكثيرين من الاسلاميين الذين سينبهرون بنصر حلب ويهاجرون للجهاد وقطف النصر .. وسيكون تمددهم في روسيا سهلا .. أي ان اردوغان يحضر مقاتلين اسلاميين بأعداد كبيرة وهؤلاء سيكونون جاهزين حيثما تطلبهم اميريكا لطرد الروس من كل مكان وحتى انهم قد يرسلون الى افريقيا التي عاد الروس اليها بشق الانفس .. (كما فعل في ليبيا وناكورنو كاراباخ) ..

 

ولعل سمعة روسيا امام العالم كله سقطت من جديد لأنها قدمت نفسها ضامنا للسلام وضابطا للايقاع بين سورية وتركيا .. فاذا بأردوغان يظهرهم بأنهم لا هيبة لهم ولا اعتبار وسيسقط اسم روسيا في اي عملية سياسية في العالم .. خاصة ان سيطرته على حلب هي رد مباشر لروسيا التي شاهد العالم كله ان السوريين قاتلوا في حلب مع القوات الروسية وكثير من المراقبين يعتقد ان تحرير حلب هو انجاز لروسيا وهو الذي رفع سمعتها جدا في العالم عندما تحدت العالم ووقفت الى جانب مشروع التحرير ..

 

والسؤال الايراني هو ان اردوغان يدخل اميريكا الى ايران من حلب .. وهو يقطع شرايين ايران .. وسقوطها سيكون مسألة وقت فقط .. فهل ستسكن ايران تحت السكين؟؟ ولذلك فان ايران مضطرة لاخراج حلب من بطن اردوغان ولو بعملية قيصرية قاسية جدا أو بالخازوق ..

 

اردوغان دخل مغامرة غبية جدا .. خاصة انه سيكتشف ان لاأحد من الاميريكيين سيقاتل معه .. فغاية الاميركيين هي ضرب أعدائهم بيده .. والاميريكون بارعون في استخدام تناقضات العالم وطموحات الامم والمجموعات البشرية لتشغيلهم في مشاريع اميريكا فتقاتل اميريكا بدماء الاخرين .. في كوريا وفي افغانستان حيث المقاتلون العرب .. وفي العراق داعش وفي سورية النصرة والاخوان المسلمون .. وبعدها ليفعل اردوغان بنفسه مايشاء كما فعل صدام حسين في حربه ضد ايران .. وهي البلد المنهك والذي تفكك جيشه ونبذه الغرب واميريكا التي امتنعت عن بيعه حتى قطع غيار لعرباته .. فقاتلته ايران 8 سنوات وهو الذي ظن انها ستقاتل ل 3 أشهر فقط حسب ما أقنعه الاميريكون بذلك .. اضافة الى ان ايران دفعت نصف مليون من أبنائها وكسرت مشروعه وكانت الحرب سببا في اضعافه ودخوله في مغامرة الكويت لتعويض ماخسره .. وأردوغان قد يساعده الاميركيون بالسلاح والتكنولوجيا والاقمار الصناعية لاطالة زمن الحرب وزمن الاشغال .. ولكن الغبي يرى بأم عينه زيلنسكي الذي اعطاه الاميريكوين كل مايريد ولكنهم لم يقاتلوا معه ..

ويجب ألا ننسى ان كل من تصالح اردوغان معهم صاروا يدركون انه سينقلب عليهم بعد انقلاب حلب .. والمصريون هم أول من سيدفعون ثمن عودة زمن اردوغان لان الاخوان المسلمين سيعيد اردوغان احياءهم لابتزاز المصريين 100% .. وسيكون تفاهمه مع السعوديين بعد طعنة الخاشقجي ايضا تفاهما هشا .. وسيعرف السعوديون ان الرجل لا أمان له وانه سينقلب عليهم 100% ..

 

ان مايحدث من ردود افعال خلف الكواليس يجب ان يوقظ اردوغان .. وطبعا لن يستيقظ الحالمون من أحلامهم .. فهذه اول مرة تقوم غرفة عمليات من اربعة وزراء دفاع .. (سورية وايران وروسيا والعراق) .. وهذه هي المرة الاولى التي تعطى فيها القيادة في العملية العسكرية ووضع أهدافها للرئيس بشار الاسد الذي كان في تحالفاته السابقة شريكا في الحرب مع بوتين وايران .. ولكن اليوم تعطى القيادة لادارة الحرب بالطريقة التي يختارها .. وهو الذي سيقرر متى تنطلق ومتى تتوقف واين تتوقف .. وهذا مايفسر التريث في حشد سيتجاوز 100 ألف مقاتل .. وحجم السلاح المرصود وكميته التي لاقبل لقوة في المنطقة بها .. لان الطعنة التركية لاتغتفر .. ولأنها تضع في الحسبان ان تركيا او اميركيا قد تدخلان المواجهة .. وعندها ستكون هارماجيدون الشرق .. لأن لا روسيا ولا ايران ستقبلان بالخروج مهزومتين .. مهما كلف الثمن .. وسينتهي اردوغان نهاية صدام حسين .. واذا كان يحتفل الان الا انه سيعرف كم كان أحمق عندما تهدر الدبابات السورية على باب الهوى .. لأن هديرها ستسمعه كل تركيا .. وسيهتز جسر استانبول من هذا الهدير لأن طعم الهزيمة سيكون مرا على الاتراك من بعد ابتهاجهم .. وسيجد الاتراك الناقمون عليه فرصتهم في ان ينهوا مرحلته .. لانه دخل في مواجهة خاطئة جدا .. وأدخل تركيا في ذات مغامرة صدام حسين ..

 

الحرب لامفر منها .. ونهايتها حتمية على باب الهوى .. ونهاية المشروع الاسلامي في سورية .. ونهاية المعارضة السورية .. وهو ثمن لاتكترث به اميركيا طالما انه من جيب الشرق وجيوب اعدائها .. فالعقل الامريكي يقول ان المتصارعين هم أعداؤها جميعا .. محور ايران وروسيا وسورية وروسيا .. وفي الطرف الاخر جيشها من القاعدة وهذا جيش يمكن صناعته في كل يوم .. وتركيا بلد اسلامي ولامانع من انه هو من يدفع الثمن عن الناتو كما فعل الاوكران (المسيحيون) الذين هم حلفاء اميريكا مثل تركيا .. ولكن اميريكا تقاتل بهم الى أخر اوكراني .. والى أخر تركي ..

 

لم يعد السؤال ان كانت ستقع الحرب ام لا .. بل ان حجمها هو السؤال .. وتوقيتها وأمدها .. وثمنها .. هي مجاهيلها التي لايعلمها أردوغان الغبي ..

 

ولكن نحن كسوريين لاخيار لنا الا ان نخوض الحرب الى نهايتها لأننا عندما خضنا حربا ناقصة عادت الينا الى بداياتها .. ولذلك فاننا سنخوض الحرب الى نهايتها .. وسندفع بتركيا الى نهايتها .. كما فعلت ايران بمغامرة صدام حسين .. ويجب ان تتعلم الاجيال التركية القادمة ألا تنظر الى الجنوب ابدا .. وبدلا من معادلة 82 محافظة تركية + 1 هي حلب .. فان معادلة 82 -2 هي مايجب ان يصبح الخوف منه في تركيا ..

 

صدقوني هذه فرصة لاتفوت لنا .. ويجب ألا نضيعها .. ولن نجد اعداء أغبى من زمن أردوغان …خ وقد اختار اعداء سيجدون انهم معنيون جدا باسترداد هيبتهم .. وأنه طعنهم في كبرايئهم وشرفهم .. من سوريين وايرانيين وروس .. وأن عليهم تثبيت خطوط الدفاع الاستراتيجية لبلدانهم .. وكلها في سورية .. وأن عليهم ان يخوضوا معركة اما قاتل او مقتول معه .. اذا لم يتراجع في اللحظة الحاسمة ..

(اخبار سورية الوطن 1-مدونة نارام سرجون)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ملاحظات في أيام أولى من سورية الجديدة

كمال خلف دخلت سورية حقبة جديدة محفوفة بالمخاطر والتحديات، والاسئلة حول مستقبل البلاد اكبر بكثير من الإجابات، والاسئلة حول تفسير انهيار النظام وما الذي جرى ...