كشف مصدر عراقي مسؤول أن الحكومة العراقية تلقّت، أكثر من مرة، طلبات من أطراف دولية وإقليمية لحلّ «الحشد الشعبي» وتسليم الفصائل المسلحة سلاحها للدولة. كما كشف مصدر آخر أن الزيارة الثانية لممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى المرجع الديني الأعلى في النجف، آية الله علي السيستاني، كانت بهدف الطلب منه إصدار فتوى لتفكيك «الحشد» الذي تأسس بفتوى منه، أو دمجه مع الوزارات الأمنية، ليرفض الأخير استقباله.
وقال المصدر المسؤول، وهو مقرّب من الحكومة، لـ»الأخبار»، إن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، «يتعامل مع جميع الأطراف من أجل تخفيف الصراع الأيديولوجي، وخاصة بعد طوفان الأقصى وما تلاه من أحداث في سوريا وسقوط النظام». وأشار إلى أن «قضية حلّ الحشد وتفكيك الفصائل رغبة غربية ليست جديدة، ولا سيما من جانب الولايات المتحدة التي دائماً ما تعبّر عن انزعاجها من الفصائل كونها مدعومة إيرانياً أو تنفّذ سياسة طهران في المنطقة». وتابع أن السوداني «دائماً ما يشدّد على عدم تدخل الحشد الشعبي في الصراعات الداخلية والإقليمية. وحتى عند أحداث غزة ولبنان، أُبعد الحشد عنها تماماً، لكنّ هناك أطرافاً دولية وإقليمية تعتبر أن الفصائل تهدّد مصالحها وتتحكم بها إيران».
أما المصدر الثاني، فقال إن «السيستاني استقبل الحسان فعلاً في زيارة أولى، جرت خلالها مناقشة الأوضاع في المنطقة ومصلحة العراق، بينما في الزيارة الثانية، التي أجريت قبل أيام وبعد نحو شهر على الأولى، لم يستقبله المرجع الأعلى بل ابنه السيد محمد رضا، وهذا ما يبيّن أنه فعلاً كان هناك طلب بخصوص حل الحشد، وعدم استقباله هو بمثابة الرفض لذلك الطلب». وحلّ الحسان في الرابع من تشرين الثاني الماضي ضيفاً على السيستاني، إثر الأحداث والتحوّلات التي عاشتها المنطقة. وحينها، شدد المرجع على وحدة الصف العراقي وحصر السلاح بيد الدولة والابتعاد عن لغة الحروب، وهو ما فسّره ناشطون ومحلّلون سياسيون على أنه إشارة إلى الفصائل بوقف عملياتها العسكرية التي أحرجت الحكومة العراقية.
ممثل الأمين العام للأمم المتحدة طلب من المرجعية إصدار فتوى بحلّ «الحشد»
وكان السوداني قد أكد، أول من أمس، عدم وجود أي شروط وإملاءات لحل «الحشد الشعبي». وقال، في مقابلة تلفزيونية، إن الحديث عن هذا الأمر جاء «من باب الخيال والاجتهادات ممن لديه موقف من العملية السياسية». كما تداولت منصات ومواقع إلكترونية غير رسمية، منذ انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، أنباء عن أن العراق مقبل على تغيير جديد، وذلك بعد اللقاء الذي جمع السوداني ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بغداد، ومطالبة الأخير بحل الفصائل وتسليم سلاحها للدولة، للحدّ من نفوذ إيران داخل العراق وفي المنطقة عموماً.
من جانبه، رأى نائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، المقرّب من السوداني، في أحاديث إلى وسائل إعلام محلية أن المخاوف من حصول أحداث وتطوّرات أمنية أو سياسية في العراق خلال المرحلة المقبلة بعيدة عن الواقع، مضيفاً أن «هناك من يريد إشعال فتن داخلية للترويج لأحداث لا يمكن حدوثها في العراق، وخاصة على المستوى الأمني والعسكري». ورأى أن «تحركات الحسان واجتماعاته المختلفة طبيعية جداً، وزيارته لإيران أيضاً طبيعية، فهناك مكتب للأمم المتحدة، لكن لا يوجد له ممثل. وهذا الأمر حدث خلال فترات الممثلين السابقين للأمم المتحدة في العراق»، مشيراً إلى أن «الحشد الشعبي هو مؤسسة عراقية رسمية، مشرّعة بالقانون، والحديث عن دعوات إلى حلّ الحشد غير حقيقي. أما في ما يخصّ الفصائل المسلحة، فإنّ قراراً بشأنها من تفكيك أو غيره تتخذه الدولة العراقية حصراً، فهي قضية عراقية داخلية، وأصحاب الحلّ والعقد هم من يقرّرون بقاء تلك الفصائل من عدمه، علماً أن وجودها مرهون بوجود الاحتلال. وعند انعدام وجود هذا السبب، لن تكون هناك فصائل مسلحة».
أما النائب في البرلمان، محمد عنوز، فيعتقد أن «الحكومة تسعى إلى توازنات تضمن أمن واستقرار المنطقة بعيداً عن التجاذبات والتعقيدات، فضلاً عن أنه لا ضير في الانفتاح على الآخر من أجل مصلحة الجميع، وبالتالي الاهتمام داخلياً يجب أن يوازي التحرّك خارجياً لغرض إيجاد الحلول الحقيقية». ويضيف عنوز، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الانقسامات السياسية وعدم توحيد الموقف ربما قد تؤثر على العراق، فعلى الحكومة أن تهتم بالشأن الداخلي وألّا تسمح للإرهاب بأن يجد موطئ قدم له».
أخبار سورية الوطن١_الأخبار