- محمد نور الدين
- الأربعاء 3 آذار 2021
على رغم عملية التحشيد التي ينفّذها نيكول باشينيان من أجل البقاء في منصبه على رأس الحكومة، إلا أن التوقُّعات تشير إلى أن الانقلاب الأبيض الذي يقوده الجيش ضدّه سيقود في نهاية المطاف إلى تنحيته، وهو ما سيفتح الباب على تغيُّرات سياسية في خريطة أرمينيا الداخلية وعلاقاتها الخارجية
رفْض سركيسيان توقيع قرار إقالة رئيس الأركان يُضعِف باشينيان ويُعمّق الأزمة
ويعتقد السفير التركي المتقاعد، حاقان أوقتشال، في مقالة في صحيفة «غازيتيه دوار»، أن رفض سركيسيان توقيع قرار إقالة غاسباريان يُضعِف باشينيان ويعمّق الأزمة ويتيح استمرار الكباش السياسي. ويعتبر أوقتشال أن مواجهة رئيس الحكومة لأزمة داخلية نتيجة كارثة قره باغ ليست مفاجئة، لأنه هو نفسه يتحمّل شخصيّاً مسؤولية الهزيمة، ولم يدعُ، في الوقت ذاته، إلى انتخابات مبكرة، فيما تقتضي المصلحة تحكيم الشعب في انتخابات جديدة، وهو الذي بدأت شعبيّته تتقلّص بعدما نال أكثر من 70% في انتخابات عام 2018. وهو لا يفعل سوى محاولة كسب الوقت بإلقاء المسؤولية على روسيا والجيش. وفي مثل هذه الحالات، فإن الزعامة السياسية تدفع الثمن، ولا مفرّ من ذلك. ويعطي أوقتشال مثالاً على ما تَقدّم، اليونان بعد هزيمتها في حرب التحرير الوطنية ضدّ تركيا في عام 1922، استقال ملكها قسطنطين. كذلك بعد التدخُّل التركي في قبرص عام 1974، تبدَّد شمْل طغمة الجنرالات في أثينا. أيضاً، فإن اتهام باشينيان للجيش أو إشارته إلى عدم فعاليّة صواريخ «اسكندر» لن يضمنا له النجاة من المحاسبة. والخروج من الأزمة من دون دماء، يقتضي الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهذا ما لا يفعله باشينيان.
ويلفت السفير المتقاعد إلى أن روسيا ليست مسرورة أبداً بالغزل بين باشينيان والغرب، خصوصاً أن القوقاز ميدان نفوذها، وأيّ تغيير في المعادلة القائمة يعني فتح الباب أمام مخاطر كثيرة (وهو ما تختبره أوكرانيا وجورجيا). ولم يكن منع القوّات الآذربيجانية من الوصول إلى ستيباناكرت، عاصمة ناغورنو قره باغ، إلّا بأمر من روسيا التي ترسم الخطوط الحمر هنا أو هناك. والرابح الأول من الحرب، بحسب أوقتشال، كان باكو التي استعادت أراضيها، لكن الرابح الثاني هو موسكو التي وسّعت نفوذها هناك، وضاعفت عديد عسكرييها في ممرّ لاتشين والممرّ الواصل بين نخجوان وآذربيجان. وينهي مقالته بالقول إن أمام أرمينيا سيناريوين: الأوّل، وهو السيناريو السيّئ، تسلم المعارضة للسلطة والنزوع نحو مغامرة عسكرية جديدة في قره باغ، وهذا يعني هزيمة جديدة ليريفان وتعميقاً للأزمة، وهو ما لن تساعد عليه روسيا ولا الغرب. أمّا السيناريو الثاني، وهو الجيّد، فيقتضي الذهاب إلى انتخابات مبكرة وتطبيق اتفاق قره باغ والانتقال إلى علاقات جيّدة مع تركيا وآذربيجان، وهذا سيكون في مصلحة الجميع. وفي السياق، يرى حاقان أوقتشال أنه سيكون ممتازاً إقامة علاقات دبلوماسية بين تركيا وآذربيجان وفتح البوابات البرّية والجوّية بين هاتين الدولتين. ويشدّد على أن مسألة الإبادة يجب ألّا يُترَك حلّها للمؤرّخين ولا للدولتين، بل للمجتمع المدني فيهما، أي للمثقفين والنساء والنقابات والأكاديميين الذين سيجدون طريق الحلّ، داعياً تركيا إلى التصرّف بشجاعة.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)