فؤاد مسعد:
يبدو أن كثيرين استمرؤوا فكرة إنجاز أجزاء لأعمالهم بغض النظر إن كانت تستوجب ذلك حقاً أم لا، ولكن هل كل عمل درامي يحتمل أن يكون له أجزاء؟ وإن تم الإقدام على إنجاز جزء ثانٍ هل من مبرر لأجزاء بعده؟ ربما هي أسئلة كثيرة تثار هنا وهناك وغالباً ما تدور في الردهات والكواليس، أما في شركات الإنتاج فهناك من يبارك ويصفق لها طالما أنها ترضي الشاري أياً كان. وإن سلّمنا بوجود أعمال قد تحتاج لجزء ثانٍ وأحياناً ثالث إلا أن هناك أعمالاً أيضاً لا تحتمل هذا الشط والمط لا بل المفاجأة أنها كانت تعاني أصلاً من هذا المطب في جزئها الأول فكيف سيكون الحال لو امتد إلى أجزاء أخرى؟.
وبعيداً عن فكرة مدى أحقية كل عمل بأجزاء جديدة له وإن كانت تعطيه ألقاً ما أو تخطف منه ألقاً سبق وحققه، وبعيداً عن مناقشة قدرة العمل على التماسك وعلى خلق أحداث جديدة بإطار منطقي يتلاءم مع نسيج العمل أساساً، فإن تجاوزنا ذلك كله لأن كل فكرة منه تحتاج إلى نقاش خاص بها، لا بد من التطرق إلى المطبات التي قد يقع بها العمل عندما تبدأ التحضيرات لأجزاء جديدة منه، هذه المطبات التي غالباً ما يكون صانعو العمل على دراية بها وربما يسيرون باتجاهها أحياناً عن سبق إصرار منهم دون أي رادع مهني أو إبداعي، وتبقى هنا الخروقات قليلة وفق كل حالة على حدة. فعلى سبيل المثال قد تُقتل شخصية أو تعيش شخصية أخرى بقرار من المنتج لسبب أو لآخر بغض النظر عن المبرر الدرامي لذلك، كما قد يُقصقص جناح دور كان من المرجح أن يبرز لصالح إبراز دور لممثل آخر، وقد يتم تغيير ممثل لأن المنتج رفض إعطاءه الأجر الذي يستحق لا بل قد يطلب موته أو تسفيره في الجزء الجديد لأنه لا يروق له.. وعلى المطب الآخر هناك مشكلات ومصاعب تكون خارج إرادة الجهة المنتجة وإن سعت إلى حلحلتها، كأن يضطروا إلى التصوير في مكان آخر لأن صاحب المكان الأساسي رفض استقبالهم مجدداً أو وضع شروطاً تعجيزية لذلك.
ـ تغيير الممثل:
لعل واحدة من أهم المعضلات التي تواجهها الأجزاء عادة معضلة تغيير الممثل فنجد أن هناك (سببين ونصف) رئيسيين لهذا التغيير، السبب الأول ارتباط الفنان بعمل آخر فترة التصوير نفسها وعدم القدرة على التنسيق في مواعيد تصوير المشاهد بين العملين، السبب الثاني مادي بحت فإما الشركة المنتجة تصر على مبلغ مُخجل بالنسبة للفنان لأنه بالنسبة إليها من غير المهم إن كان الفنان نفسه أو غيره وإنما المهم تصوير العمل خاصة إن كان تسويقه مضمون وهناك حالة أخرى يرفع فيها الفنان مقدار أجره إلى رقم صعب الاتفاق عليه من منطلق حشر الشركة المنتجة في الزاوية، أما السبب (النصف) فهو عدم قناعة الفنان بجدوى أن يكون هناك أجزاء أخرى للعمل خاصة إن أتت فجأة ووليدة نجاح تسويق الجزء الأول وعندها يتمسك الفنان بقناعته ويرفض المشاركة في عملية يرى أنها غير مجدية، والدافع وراء جعل هذا السبب مجرد (نصف) فقط لأنه نادراً ما يحدث.
وإن تم الولوج إلى أمثلة من إنتاجات هذه السنة، نذكر منها مسلسل (مقابلة مع السيد آدم 2) حيث حلت الفنانة فاديا خطاب مكان الفنانة ضحى الدبس، كما حلت الفنانة ترف التقي مكان الفنانة يارا قاسم، والفنان يزن خليل مكان الفنان لجين اسماعيل، في حين أنه في مسلسل (بروكار 2) حدثت تغيرات لأربع شخصيات أساسية إضافة إلى بعض الشخصيات الثانوية، حيث غاب الفنان يزن خليل وحل مكانه الفنان ينال منصور، كما حلت الفنانة لينا حوارنة مكان الفنانة مها المصري، والفنانة فاديا خطاب مكان الفنانة سلمى المصري، والفنان جمال قبش مكان الفنان عبد الهادي الصباغ، أما في مسلسل (سوق الحرير 2) فحل الفنان نجاح سفكوني مكان الفنان أسعد فضة.
ـ ظروف قاهرة:
حول تغيير الممثل لدى تجسيد الدور نفسه ومدى تأثير ذلك على حالة التلقي عند الجمهور، يقول الكاتب سمير هزيم: غالباً ما تصادف الأجزاء ظروفاً قاهرة تجعل بعض الشخصيات تتغير، ما يشكل نقطة ضعف لها ويجعل المشاهد يعيش حالة من الحيرة بداية العرض لاستيعاب التغييرات، وأعتقد أن ذلك غير مستحب عند المتلقي وكذلك عند طاقم العمل، ورغم أن تغيير الممثلين وخاصة أبطال المسلسل حالة غير صحية لكن لا بد من الإشارة إلى أن البدلاء قد لا يقلون أهمية عن الأصلاء.
أما المخرج محمد زهير رجب فسبق أن تحدث لصحيفة الثورة عن هذا الموضوع لدى تصويب الجزء العاشر من (باب الحارة) العام الماضي، مشيراً حينها إلى أهمية أن يؤدي الممثل الشخصية التي قدمها في الأجزاء السابقة، يقول: (أعتبر أن بناء الشخصية التي كتبها الكاتب قد ساهم الممثل في بنائها أمام الشاشة، فلا بد أن تبقى الشخصية مع من قام بأدائها لأول مرة لأنه جزء من بنائها، لذلك لا أحبذ أن يلعب ممثل دور ممثل آخر إلا في حالات اضطرارية قصوى) ووفق تصريحات إعلامية له هذا العام يبدو أن الحالة الاضطرارية القصوى قد حدثت في مسلسل (بروكار 2) حيث أعلن عن تغيير طال بعض الممثلين واستبدالهم بآخرين.
ـ تحقيق الربح:
حول متى نقول عن عمل أنه يستحمل إنجاز جزء جديد له يشير الكاتب مروان قاووق إلى أن الأجزاء تحقق الربح للشركات المُنتجة، فالمحطة التي تشتري الجزء الأول تضطر أن تشتري الجزء الثاني لاستكمال أحداث وحكاية المسلسل الذي عرض على شاشتها خاصة إن حقق النجاح في جزئه الأول، ويؤكد أن هذا الأمر مرهق للكاتب ومن شأنه أن يحرضه لتقديم جزء آخر أقوى من سابقه. أما عن المطبات التي تقع بها الأجزاء ومدى تأثيرها على جودة العمل كغياب ممثل عن دور أساسي أو استبعاده وبالتالي اللجوء إلى إخفاء الشخصية عن العمل بطريقة أو بأخرى، فيؤكد أن هذه العقبات تحدث ولكن لا بد من الاستمرار وإن تم استبدال بعض الممثلين، وإن كان يؤثر تغيير الممثل على بنية الشخصية أثناء الكتابة، يقول: أكتب الشخصية وعلى الممثل أن يقدمها وفق إمكانياته ونجوميته ومن المؤكد أن هناك اختلافاً بين ممثل وآخر، حتى أنني قدمت حلولاً لممثلين خرجوا من المسلسل فأخرجت الشخصية كلها كي لا تحدث هذه الخلخلة.
ـ استمرار الشخصيات:
تشير الفنانة ريم عبد العزيز إلى أنها ليست مع الأجزاء دائماً، خاصة عندما يحدث تغيير في الممثلين، متسائلة: كيف يمكن أن يتم تغيير ممثل بعد أن حفظ المشاهد ملامح الشخصية؟.. واصفة هذا الأمر بالسيئ، مشددة على أهمية أن يتم الاتفاق مع الممثل للاستمرار في تأدية الشخصية عبر أجزاء العمل أو ألا يكون هناك أجزاء، تقول: عندما يكون للمسلسل أجزاء ينبغي أن نلمس تطور الشخصيات وأن تدخل شخصيات أخرى جديدة، وضمن هذا الإطار أرى أن هناك أعمالاً قد تحتمل أجزاء كتلك التي فيها (أكشن)، فعلى سبيل المثال مسلسل (مقابلة مع السيد آدم) يحتمل أن يكون له أجزاء فهناك جرائم وقصص جديدة دائماً، ولكن بالمقابل هناك مسلسلات تستهلك نفسها بالأجزاء.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة