عبد اللطيف شعبان
ما صدر من تعليمات شفهية مستهجنة ومستغربة في الأيام الأخيرة عن مديرية صحة طرطوس، التي تقضي بإلغاء عشرات المنشآت الصحية الحكومية ( والتي تم بعضها بتعاون أهلي أو تبرعا من محسنين )، والإيعاز الشفهي الملازم لذلك والقاضي بوقف دوام مئات العاملين فيها وغيرهم في ما تبقى من منشآت، دون وجود أية صكوك أومستندات قانونية تبرر ذلك بين يدي مصدري هذه التعليمات، قد أسس لامتعاض شعبي كبير مرير وخطير، عبر عنه آلاف العاملين من ذكور وإناث أمام محافظة طرطوس
هل غاب عن أذهان مصدري تلك التعليمات أن هذه المنشآت ليست موجودة عبثا، بل اقتضتها الحالة الصحية العامة وهي محدثة سابقا بموجب صكوك خطية استنادا لتشريعات وأنظمة وقوانين معمول بها يومئذ، إلى جانب العديد من الحيثيات التي أوجبت تلك الإحداثات في حينها، والحال نفسه ينطبق على من تم تعيينهم بها من عاملين، ما يجعل من غير الجائز ولا من أحقية مشروعة قانونا تخول أيا كان إلغاء أي منشأة أو وقف خدمة أي عامل، مالم يكن ذلك بموجب صكوك تشريعية وقانونية تبرر وتجيز إجراءات إلغاء هذه المنشآت وصرف عامليها بشكل شرعي على غرار الصكوك السابقة التي أوجبت الاحداث والتعيين، والمؤسف أنه يشاع وربما حقيقة عن وجود مثل هذه التعليمات الإلغائية لدى جهات إدارية أخرى في أكثر من محافظة.
ألم يدرك مصدري هذه التعليمات الشفهية أنه لا يجوز لعامل أن يغادر مكان عمله إلا بموجب مستند كتابي خطي موقع ومختوم ينص على إجازة ساعية أو يومية أو أكثر أو صحية أو مهمة رسمية أو قرار إنهاء خدمة، ما يجيز التساؤل كيف أجازوا لأنفسهم وقف عمل الاف العاملين شفهيا دون أي مستند خطي يعطى للعامل، ليبرر له مغادرته مكان عمله بما يضمن له حقوقه في إدارته حال وجوب عودته لها، أو حقوقه المشروعة حال اقتضاء انفكاكه النهائي لسبب معلل أو آخر، فإن كان مصدري هذه التعليمات يجهلون هذه الأصول الإدارية فتلك مصيبة وإن كانوا يتجاهلونها فالمصيبة أكبر.
لا غرابة بل ربما قد لا يكون من حاجة ماسة لهذه الإدارة أو تلك أو لهذا العامل أو ذاك، أوسبق أن ورد خطأ ما في الإحداث أو التعيين، ما يجعل من المؤكد جواز بل ووجوب إعادة النظر، ولكن ذلك يقتضي في هذه الحالة أن يتم الإعداد وبكل تروّي لدراسة متأنية عاجلة وشاملة ومتكاملة ضمن كل وزارة وإعداد هيكلية جديدة أكثر حداثة، وإعادة توزيع القوى العاملة ضمن الوزارة ومن ثم تكامل ذلك فيما بين جميع الوزارات، وبما يضمن حقوق العاملين الذين يثبت أنهم كانوا وما زالوا على رأس عملهم فعلا.
أرى أن ما تم من إجراءات عاجلة يحتاج لمراجعات متأنية والتراجع عن الخطأ فضيلة من خير الفضائل، والأمل بأن تؤسس القيادة الحالية لأن يتظاهر المواطنون فرحين للتعبير عن شكر لإجراءات تسرهم واجتناب اللجوء لمظاهرات غاضبة يرونها تعبر عن الامتعاض مما يضرهم .
*الكاتب:عضو مشارك في اتحاد الصحفيين
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)