آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » «تطهير» ممنهج للقطاع العام: الفصل التعسّفي يتمدّد

«تطهير» ممنهج للقطاع العام: الفصل التعسّفي يتمدّد

 

لمى علي

 

 

يعيش موظفو القطاع العام حالة من القلق بسبب القرارات الصادمة، وأحياناً غير القانونية، التي تصدرها الحكومة المؤقّتة بهدف تقليل عدد موظفي الدولة في جميع القطاعات. وبعدما أعلن وزير المالية، محمد أبازيد، رغبة السلطات الجديدة في شطب أسماء 300 ألف موظف حكومي من سجلّ العاملين، بذريعة القضاء على الفساد والمحسوبيات في الدوائر الحكومية، فإنّ آلية تطبيق هذا القرار لم تكن، حتى اللحظة، منسجمة مع الهدف المُعلن له، بعدما طاول الفصل التعسّفي فئة من الموظفين بغير وجه حق، ما دفع بعدد منهم إلى الخروج في تظاهرات مندّدة بـ»الظلم» الذي يتعرضون له. وشملت التظاهرات المشار إليها محافظة طرطوس، التي استهدفت قرارات الفصل فيها، بشكل رئيسي، موظفين من ذوي ضحايا الحرب السورية، أو من أسمتهم الإدارة الجديدة «ذوي القتلى»، والموظفين التابعين للجهات الأمنية والعسكرية، جنباً إلى جنب المفرّغين في حزب «البعث» والعساكر المسرّحين.

 

 

وفي السياق، يلفت الموظف مصطفى أحمد، إلى أن سبب فصله من عمله في مرفأ طرطوس، هو تبعيته لضابطة المرفأ، على الرغم من كونه مجرد عامل مدني، يعمل كحارس، ولا تربطه أي علاقه بأي جهة أمنية. ويقول لـ»الأخبار»: «توظفت منذ 11 عاماً، وقبل أعوام عدة تمّ نقلي إلى الحراسة لسبب صحي، واليوم فُصلت من دون أن يسمعني أحد، رغم التزامي بدوامي وفق المناوبات التي تضعها الإدارة»، لافتاً إلى أنّ فصله و200 موظف في المرفأ هو إجراء «غير محق»، ولا سيما «أننا جميعنا مدنيون، ولم نرتكب أي خطأ»، على حدّ قوله. بدورها، تؤكد آمنة أنّه بعد عملها في وزارة الكهرباء لـ20 عاماً، تلقّت قراراً بالفصل من دون «أن يجروا أي مقابلة معها»، مشيرةً إلى أنّ الحجة خلف القرار كانت «فيديو مصوّراً لها وهي تحتسي القهوة في مكتبها مع بعض الزميلات». أما مازن محمد، الذي فقد وظيفته في مركز إطفاء قرية بوردة، بحجة أنّه تمّ تعيينه ضمن مسابقة للعساكر المسرّحين، فيتساءل في حديثه إلى «الأخبار»: «أين الواسطة والفساد في أن نتوظف عبر مسابقة، ويتم فرزنا في أماكن شاغرة، ولا سيما أننا التزمنا بعملنا كما هو مطلوب منا؟».

 

بدأت الفئات التي تعاني من صعوبات اقتصادية «تفقد ثقتها» بقرارات الدولة الجديدة

 

ومن جهتها، لا تزال زينة عيسى تستشعر خطر فصلها قريباً من عملها، بعدما عدلت مديرية الصحة في طرطوس عن قرارها بمنحها، هي وزميلاتها الممرضات، إجازة لمدة ثلاثة أشهر، ما دفعهنّ إلى العودة إلى العمل، ريثما «يتم النظر في أمرهن ثم إصدار القرار النهائي بحقهنّ». وفيما لم تفصح الحكومة المؤقتة عن المعايير التي تستند إليها في عمليات الفصل، فإنّ السرعة القياسية التي عمدت خلالها بعض الجهات إلى إصدار قراراتها، تشير إلى عدم وجود «دراسة واضحة» لوضع كل موظف على حدة، لمعرفة ما إذا كانت شروط الفصل تنطبق عليه أم لا. وتنسحب «المعايير المبهمة» نفسها، على ما يبدو، على القرار الذي أعلنت عنه الحكومة بزيادة الرواتب، بعدما اتضح أنّ الأخيرة لن تشمل جميع الموظفين المتبقّين. وفي الإطار هذا، تقول رشا منصور، التي تعمل كإدارية في قطاع الصحة في دمشق، لـ»الأخبار»: «لا نريد زيادة الراتب التي يتحدثون عنها، إذا كانت ستتم على حساب فصل الموظفين، ظلماً، من عملهم»، محذّرةً من أنّه وفيما تسعى الحكومة المؤقتة إلى محاربة البطالة المقنعة، فهي تخاطر بـ»خلق بطالة فعلية». وتتابع رشا أنّ «جميع السوريين يؤيدون فصل الفاسدين والموظفين غير الملتزمين والفائض عن الحاجة، على أن يتم ذلك عبر قرارات مدروسة لا تظلم أحداً».

 

 

وعلى ضوء ما تقدّم، قد لا تؤتي جهود الحكومة المؤقتة لإعادة هيكلة القطاعات والمؤسسات والقضاء على الفساد، ثمارها في المرحلة الراهنة، وخاصة مع الوضع المعيشي المتصدّع منذ سنوات طويلة، والذي قد يشكل شرارة لـ»ثورة» في سبيل لقمة العيش، ولا سيما أنّ الفئات التي تعاني من صعوبات اقتصادية بدأت «تفقد ثقتها» بقرارات السلطة الجديدة. وتعقيباً على ذلك، توضح مسؤولة سابقة في وزارة التنمية الإدارية، رفضت الكشف عن هويتها، أنّ «جميع قرارات الفصل هي قرارات تعسّفية وغير قانونية طبقاً للقانون الساري، والذي ينصّ على أنّ الجهة التي وظّفت، هي الجهة التي يحق لها الفصل، سواء بقرار مجلس وزراء أو قرار وزارة». أمّا ما حصل فعلياً، طبقاً للمصدر نفسه، فهو أنّ «كل مديرية داخل المحافظات أصدرت قراراتها بشكل إفرادي». وتضيف المسؤولة: «لا توجد آلية واضحة للهيكلية التي تتبعها الحكومة المؤقتة في فصل أو إبقاء الموظفين، كما لم تتم دراسة الحاجات والإمكانات والتعرف إلى المهام في كل جهة»، مشيرةً إلى أنّ «معرفة عدد الكادر بحاجة إلى دراسة تفصيلية لكل مديرية، وربطها بهيكلية متكاملة».

 

 

وعلى الضفة المقابلة، تدافع المحامية سناء شيخ الصاغة، في حديث إلى «الأخبار»، بأنّه على الرغم من حصول العديد من حالات «الفصل التعسفي» أخيراً، فإنّ بعض الحالات الأخرى استندت إلى «أسباب منطقية تتماشى مع رؤية الحكومة الجديدة»، مشيرةً إلى أنّه بإمكان أي موظف تضرّر من قرار الفصل رفع دعوى على الدولة أمام القضاء، لـ»تحصيل حقوقه». وتختم المحامية بالقول إنّه وبعد «اطّلاعها على العديد من حالات الفصل»، فإنّ أهمّ ما توصلت إليه هو أنّ «الفصل التعسّفي لا يستهدف فئة محددة من السوريين، ولا سيما بناءً على انتمائهم الطائفي أو المناطقي».

 

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير النقل: يتم حالياً العمل على دراسة دقيقة لتكاليف أجور النقل

أوضح وزير النقل بهاء الدين شرم حول ما يتم تداوله عن ارتفاع أجور النقل بدمشق خصوصاً وباقي المحافظات عموماً ، أنه يتم حالياً العمل على دراسة ...