قناة “بنما” التي أعلن ترامب في خطاب التنصيب رغبته في السيطرة عليها.. ما أهميّتها العالمية؟ وما ضرورتها بالنسبة للولايات المتحدة؟ ولماذا وضعها ضمن أولويات سياسته الخارجية؟ وكيف تتعامل الصين مع تهديداته حول الممر الاستراتيجي؟

في خطاب تنصيبه الرئاسي أعرب دونالد ترامب عن نيته استعادة قناة بنما مشددا على أن الولايات المتحدة ستستعيد الممر المائي الذي بنته وانفقت عليه كثيرا، وقد أشار إلى أن السفن الأمريكية تعاني من معاملة غير عادلة ورسوم مرتفعة عند استخدام القناة.

قناة بنما هي ممر مائي يربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، وتقع في دولة بنما في أمريكا الوسطى. تبلغ طولها حوالي 82 كيلومترًا ولعبت دورًا رئيسيًا في تسهيل التجارة العالمية منذ افتتاحها في عام 1914.

دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، أعرب في عدة مناسبات عن رغبته في استعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما. الأسباب التي ذكرها ترامب لذلك تشمل:

– الأهمية الاقتصادية: ترامب قد أشار إلى أن الرسوم المفروضة على السفن الأمريكية التي تمر من خلال القناة مفرطة وغير عادلة، مما يؤثر على الاقتصاد الأمريكي.

– الأمن القومي: ترامب أكد أن قناة بنما لها دور في الأمن القومي الأمريكي، حيث يمكن أن تكون نقطة استراتيجية للسيطرة على التجارة البحرية وحركة السفن.

– النفوذ الدولي: هناك رغبة في زيادة النفوذ الأمريكي في المنطقة، خاصة مع زيادة النفوذ الصيني في بنما وعلى القناة.

وانتقد ترامب الاتفاق الذي ابرمه الرئيس جيمي كارتر في العام 1977 والتي اسفرت عن نقل السيطرة على القناة الى بنما في العام 1999.

أهمية قناة بنما تتعدد وتشمل:

1. التجارة العالمية: توفر قناة بنما ممرًا مائيًا يقصر مسافة السفر بين المحيطين الأطلسي والهادئ، مما يوفر وقتًا وتكاليف لشحن البضائع عبر العالم.

2. الاقتصاد: تعتبر القناة منبعًا رئيسيًا للدخل لبنما من خلال رسوم الدخول للسفن، مما يسهم في نمو الاقتصاد المحلي.

3. الأمن القومي لقد كانت للقناة أهمية استراتيجية خلال الحربين العالميتين وما بعدهما، حيث تسمح بحركة سريعة للقوات العسكرية والإمدادات عبر المحيطين.

4. التوسع البحري: تسهل القناة توسعة تجارة الخطوط البحرية وتعزز حركة السفن التجارية، مما يعني زيادة في التجارة الدولية والتبادل الثقافي.

5. البنية التحتية: تمثل القناة إنجازًا هندسيًا كبيرًا، وتستمر في التطور لتلبية احتياجات السفن الأكبر والأكثر تعقيدًا.

6. البيئة: تأثير القناة على البيئة يُراقب بعناية، حيث تُدخل السفن المياه المالحة إلى البحيرات العذبة، مما يؤثر على النظام البيئي المحلي.

بهذه الأوجه، تعتبر قناة بنما رابطًا حيويًا في شبكة التجارة العالمية ومحطة استراتيجية تؤثر على الاقتصاد والأمن في العالم.

ترامب لم يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لتحقيق هذه الرغبة، مما أثار ردود فعل من بنما ودول أخرى. ومع ذلك قد تكون تصريحاته جزءًا من أسلوبه في التفاوض وإثارة الجدل في السياسة الدولية.

وجاء في بيان لرئيس بنما “خوسيه راول مولينو على شبكة التواصل الاجتماعي” ارفض بالكامل كلام ترامب، القناة ستبقى بنمية ” ورفض مولينو اتهامات ترامب ان القناة تشغلها الصين وقال: لا حضور لاي من بلدان العالم ولا تدخل في القناة”.

أهمية قناة بنما للصين:

– التجارة: تعتبر قناة بنما نقطة تحويل رئيسية للسفن الصينية القادمة من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية. تساعد القناة على تقليص وقت النقل الإضافي، مما يقلل من تكاليف الشحن ويسرع من دوران السلع الصينية في الأسواق العالمية.

– الاستثمار: استثمرت الصين في بنية تحتية حول القناة، بما في ذلك إدارة الموانئ ومشاريع البناء الكبرى مثل الجسور والمرافق الطاقوية، مما يعزز وجودها الاقتصادي في المنطقة.

– النفوذ الاستراتيجي: تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها في أمريكا اللاتينية، وقناة بنما تعتبر جزءًا من هذا الخطة الكبرى، خاصة من خلال مبادرة “الحزام والطريق” التي تهدف إلى توسيع شبكة التجارة والبنية التحتية الصينية حول العالم.

موقف الصين من تصريحات ترامب حول قناة بنما:

– ردود الفعل الرسمية: ردت الصين على تصريحات ترامب بأن قناة بنما “تدار بشكل غير قانوني” من قبل الصين، معتبرةً أن هذه التصريحات تفتقر إلى أساس حقيقي. أكدت الصين أنها تحترم سيادة بنما على القناة وأنها لا تملك أو تدير القناة بشكل مباشر.

– الدبلوماسية: استخدمت الصين دبلوماسية متحفظة، مؤكدة دعمها الكامل لبنما ولسيادتها على قناة بنما، وتأكيدًا على أن علاقاتها مع بنما تستند إلى المصلحة المشتركة واحترام القوانين الدولية.

– التنافس الاقتصادي: ترى الصين أن تصريحات ترامب قد تكون محاولة لتحريك الرأي العام ضد استثماراتها في المنطقة، ولكنها استمرت في تعزيز وتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع بنما وأمريكا اللاتينية بشكل عام، معتمدة على النفوذ الاقتصادي كأداة استراتيجية.

من خلال هذه النقاط، يمكن القول أن الصين ترى قناة بنما كجزء حيوي من استراتيجيتها التجارية والاقتصادية العالمية، وأنها تتعامل مع تصريحات ترامب بشكل دبلوماسي معتدل، محافظة على علاقاتها مع بنما ومحاولة تجنب أي تصعيد مباشر مع الولايات المتحدة على هذه القضية.

حتى الان لا يوجد دليل قاطع على نية ترامب الفعلية للسيطرة على قناة بنما ومع ذلك، قدم تصريحاته توحي برغبته في إعادة السيطرة على القناة. وفي بعض المناسبات، قال ترامب إن القناة يجب أن تعود إلى الولايات المتحدة، وأشار إلى أن الرسوم التي تفرضها بنما على المرور عبر القناة باهظة. هذه التصريحات أثارت ردود فعل قوية من الحكومة البنمية والقادة الأميركيين الآخرين، مع تأكيد بنما على سيادتها على القناة.

من جانب آخر هناك مخاوف من استخدام القوة العسكرية أو الإكراه الاقتصادي لإعادة السيطرة على القناة، لكن تظل هذه مجرد مخاوف لا تمثل دليلاً واضحاً على سياسة محددة. يبقى الأمر محل تكهنات ومخاوف دولية حول ما قد يفعله ترامب بعد دخوله البيت الأبيض، خاصة أن السياسات والتصريحات السابقة له تشير إلى توجه نحو سياسة خارجية أكثر حزما وتركيزاً على مصالح أمريكا المباشرة.

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم