بينما كان السوريون يحتفلون بانفتاح بلادهم الاقتصادي على المنتجات الأجنبية، وامتلاء أسواقهم فيها، حذّر في المُقابل نشطاء من الإقبال على البضائع المُقاطعة، وعدم نسيان العدوان الإسرائيلي على غزة، فتحرير سورية وفق توصيفهم لا يعني شراء البضائع المُقاطعة.
اقتصاد شُمولي فاسد!
وانتشرت مقاطع فيديو عديدة، تُظهر امتلاء الأسواق السورية بالبضائع الأجنبية ومنها موضوعٌ على قائمة البضائع المُقاطَعة، والتي كانت محظورة في عهد نظام الأسد، حيث كان اقتصادًا اشتراكيًّا، ولكن حكومة حكّام دمشق الجديدة، تقول على لسان وزير الاقتصاد الجديد باسل عبد الحنان بأن اقتصاد الأسد كان اشتراكيًّا ثم “شُموليًّا فاسدًا”، وسيجري تحويله بعد سُقوطه إلى اقتصاد السّوق الحُر المفتوح.
ولافت أن البضائع التركية تحديدًا قد اجتاحت الأسواق السورية، كما يجري التعامل أو السماح بالبيع والشراء بالليرة التركية.
وفي منتدى دافوس خلال مُداخلة، قال وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني إن سوريا ستفتح اقتصادها أمام الاستثمارات الأجنبية، وإن دمشق تعمل على إقامة شراكات مع دول الخليج في قطاعيّ الطاقة والكهرباء.
هل تُرفَع العقوبات عن سورية الجديدة؟
وقال الشيباني، في حوار مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، إن “رفع العقوبات الاقتصادية هو مفتاح استقرار سوريا”، مضيفا “يجب أن يتم رفعها قريبا لأنها فُرضت في الماضي لصالح الشعب السوري، لكنها الآن ضد الشعب السوري”.
ولافت أنه جرى السماح للشيباني بتمثيل سورية الجديدة في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس 2025، حيث أعلن عن شرف تمثيل سورية لأوّل مرّة في تاريخها في دافوس، الذي سيُعقد في سويسرا، ومن غير المعلوم إذا كانت مُشاركته هذه، ستُزيل علامات الاستفهام الغربية حول خلفية حكومته الإسلامية (هيئة تحرير الشام)، وبالتالي رفع العقوبات عن سورية.
وجدّد سياسيًّا وزير الخارجية السوري بأن الحكومة الجديدة لا تخطط لتصدير الثورة أو التدخل في شؤون الدول الأخرى.
سورية بين التهديدات والطرائف!
وفي سياق تجميل الصورة الإعلامية لحكّام دمشق الجدد، حاول الشيباني استثمار وجوده في دافوس، وأظهر ميله للمُزاح والطرافة، مُغازلًا الولايات المتحدة الأمريكية، حين قال “شعارنا هو سورية أوّلًا”، ثم أضاف الشيباني مازحًا مع توني بلير: “الرئيس ترامب أخذ هذا الشعار منا”، في إشارة إلى شعار الرئيس الأميركي دونالد ترامب “أميركا أوّلًا”.
هذه الطُّرفة والأدبيات المُلاطفة للغرب لم تكن ضمن أدبيّات حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وفي سورية كُل الأمور اليوم خاضعة للمُقارنة قبل وبعد الأسد، فطُرفة الشيباني أعادت الأذهان إلى التذكير بمواقف وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم وتصريحاته وأبرزها حين قال “سنمسح أوروبا عن الخارطة”، تزامنًا مع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على نظام بلاده، فيما طُرفة وزير خارجية سورية الجديدة كان لافتًا أنها أضحكت رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بلير، وجميع الحضور خلال اللقاء الذي بُثّ على الهواء.
لقد سلّمنا الأموال للمرأة!
وفيما المخاوف من تهميش المرأة السورية في عهد حكومة دمشق الجديدة، وتحويل سورية إلى أفغانستان القاعدة، وفرض الحجاب بالإجبار، ومنعها من حق التعليم والعمل، وتسلّم المناصب العُليا بالدولة، ورفض الشرع لمُصافحة النساء المسؤولات في بلادهن القادمات إليه، أكد وزير الخارجية السوري الشيباني الأربعاء، أن “المرأة السورية سيكون لها دور أساسي في مستقبل بلدنا”.
ويبدو أن الشيباني مُحب لإلقاء الطرائف السياسية، فقال في سياق الطمأنة حول دور المرأة السورية ردًّا على سُؤال لتوني بلير توني بلير يقول فيه: “يُمكننا أن نتخيّل أن هناك نساء سوريات سوف يُصبحن في مناصب سلطة (في سورية)”، ليرد عليه الشيباني بالقول: “نعم هذا يجب أن يحدث”، ثم مازح بالقول: “هناك حاكمة المصرف المركزي السيدة ميساء، لقد سلّمناها الأموال.. وهذا الشيء الأكثر أهمية في سورية”، الأمر الذي أثار ضحكات الحاضرين.
ماذا ستفعل روسيا بدون ميناء طرطوس؟
أنهت السلطات السورية الجديدة هذا الأسبوع عقدًا مع شركة روسية كانت تُدير ميناء طرطوس لأكثر من خمس سنوات، وهذا بطبيعة الحال يزيد تقييد الوجود الروسي في البلاد مُنذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد الشهر الماضي، ويطرح تساؤلات حول تراجع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وتراجع علاقاتها مع حكومة أحمد الشرع المُوالية لتركيا.
وأكّد مدير الجمارك في محافظة طرطوس غربي سورية، رياض جودي، لصحيفة الوطن السورية، إلغاء الاتفاقية الموقعة مع الشركة الروسية لتشغيل واستثمار المرفأ الاستراتيجي على البحر المتوسط، وأضاف أن كافّة إيرادات المرفأ ستذهب الآن “لصالح الدولة السورية”.
وكانت أعطت حكومة الأسد السابقة لشركة الهندسة الروسية ستروي ترانس غاز في عام 2019 إدارة ميناء طرطوس لمُدّة 49 عامًا، وقال وزير النقل السوري علي حمود حينها إن ستروي ترانس غاز ستستثمر أيضًا أكثر من 500 مليون دولار في الميناء، وبموجب العقد، ستحصل الشركة الروسية على 65٪ من أرباح الميناء، بينما تذهب النسبة المتبقية البالغة 35٪ إلى حكومة الأسد.
الأمن العام السوري بين صلاةٍ وموسيقى!
وثّقت صفحات سُوريّة تعرّض صاحب مقهى “Join Us” بالعاصمة السورية دمشق وفرقة عزف فيه لاعتداء وتهديد من قبل ملثمين من الأمن العام خلال حفل موسيقي، في حادثة قال نشطاء سوريون إنها تعكس تهديدًا جديدًا لحُريّة التعبير وتُسلّط الضوء على عقلية استئصالية خطيرة لا تكتفي بقمع الحريات السياسية كما كان يفعل نظام الأسد، بل تمتد لقمع كافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية تحت ذريعة الحفاظ على الدين.
وأقدم مسلحون مجهولون في مدينة حماة السورية على قتل المصور السابق في وكالة “سانا” السورية للأنباء، إبراهيم عجاج، في عملية تصفية غامضة، وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”: “شهدت مدينة حماة عملية تصفية، نفذها مسلحون مجهولون راح ضحيتها مصور سابق في وكالة الأنباء السورية سانا، وتعرّض المصوّر لإطلاق نار مباشر أثناء وجوده في المدينة، ما أدى إلى مقتله على الفور”، وأدانت وزارة الإعلام في الحكومة السورية الجديدة، عملية الاغتيال، مؤكدة على “التزامها الكامل بدعم حرية الصحافة وحماية الصحافيين باعتبارها حقاً أصيلاً للجميع”، وأعلنت تعاونها مع وزارة الداخلية لكشف ملابسات الجريمة وهوية المجرمين.
وفي مشهدٍ غير مألوف بالعاصمة دمشق، أقدم رتل عسكري من قوات الأمن السورية الجديدة على ركن سياراته العسكرية، والتوقّف ليؤدي صلاة المغرب جماعة على طرف أحد شوارع العاصمة الرئيسية، وهو مشهدٌ يُرسّخ انتقال سورية فعليًّا من البعث العلماني إلى الأخونة الإسلامية.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم