انقسم السوريون على وقع إعلان أحمد الشرع رئيسًا للجمهورية العربية السورية بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، حيث بدا تنصيب الأخير للبعض منهم، وكأنما نصّب الشرع نفسه رئيسًا، فيما رأى آخرون بأن الشرع سيكون رئيسًا للمرحلة الانتقالية، هذه المرحلة بحسب الشرع نفسه قد تحتاج لأربع سنوات حتى كتابة الدستور، وإجراء انتخابات نزيهة، أي أن الشرع منح نفسه ولاية رئاسية انتقالية كاملة.
خطاب النصر لم يُوجّه للسوريين
كان لافتًا، أن الشرع لم يُوجّه كما جرى وصفه بـ”خطاب النصر” للشعب السوري بعد إعلان إدارة العمليات العسكرية الأربعاء تنصيبه رئيسًا، بل كان خطابه مُوجّهًا للحاضرين من فصائل العمليات العسكرية وقِوى الثورة، التي يبدو أنها “بايعته” رئيسًا لسورية.
وقال الشرع في خطابه، “قبل بضعة أشهر تهيّأت لي دمشق كالأم المتفانية ترمق أبناءها بعين المستغيث المعاتب وهي تشكو الجراح والذل والهوان تنزف دما وتكابر على الألم وتكاد تهوي وهي تقول أدركوا أمتكم”.
وأشار الشرع إلى أن “أولويات سورية اليوم تحدد بملء فراغ السلطة والحفاظ على السلم الأهلي وبناء مؤسسات الدولة والعمل على بناء بنية اقتصادية تنموية واستعادة سوريا لمكانتها الدولية والإقليمية”.
“السيّد الرئيس”
بات يُوصف الشرع بوسائل الإعلام السورية والتركية والقطرية بـ”الرئيس السوري” و”فخامة الرئيس”، و”السيّد الرئيس”، فيما أعلن المتحدّث باسم إدارة العمليات العسكرية في سورية، حل الجيش السوري وإعادة بناء قوات مسلحة “على أسس وطنية”، وفق قوله، مع تولِية أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، رسميًّا بمهام رئاسة البلاد “في المرحلة الانتقالية”.
كما تقرّر إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وإيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية.
وكان لافتًا بأنه لم يُستفت الشعب السوري بهذه القرارات، وجرى إبلاغه بهذه القرارات عبر بيانات جرى بثها تباعًا على منصات التواصل الاجتماعي، ثم بدأ النشطاء ببث صور ومقاطع فيديو لما أسماه حكام دمشق الجدد بـ”خطاب النصر” يُلقيه الشرع، يحدث هذا فيما كان نظام الأسد مُتّهمًا بتكريس الديكتاتورية، وتفرّده بالقرار السياسي، وفوزه بانتخابات رئاسية بنسبة 99 بالمئة.
وسأل السورين عن أسباب تأجيل “الحوار الوطني” الذي وعد به الشرع، وتمديد عمل الحكومة الانتقالية ثلاثة أشهر.
أعلنت رئاسة الجمهورية السورية الجديدة لاحقًا بأن “السيد الرئيس” أحمد الشرع سيُلقي خطابًا مُوجّهًا للشعب السوري مساء اليوم (الخميس).
خُلاصة المشهد: ترأس قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الأربعاء، بقصر الشعب في دمشق اجتماعًا مُوسّعًا للفصائل العسكرية والثورية، تقرّر فيه أن يتولّى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية وإلغاء العمل بدستور سنة 2012.
من “بايع” الشرع؟
وبينما لم تحضر قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، التي تضم القوى الكردية، تواجد أعضاء 18 فصيلًا آخر، بينهم هيئة تحرير الشام، وحركة أحرار الشام، وجيش العزة، وجيش النصر، وأنصار التوحيد، وفيلق الشام، وجيش الأحرار، وجيش الإسلام، وحركة نور الدين الزنكي، والجبهة الشامية.
الأمير تميم في دمشق
وبعد إعلان الشرع رئيسًا لسورية الأربعاء، استقبل أحمد الشرع الخميس أمير قطر تميم بن حمد في مطار دمشق الدولي، وهو أول زعيم عربي يزور سورية بعد سقوط الأسد، وكان رافضًا لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ويبدو أن زعماء الدول كانوا ينتظرون تنصيب الشرع رئيسًا، ما يعني أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تكون قريبة، فيما سيتوجّه الشرع إلى السعودية للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ويبدو أن زيارة أمير قطر كانت سريعة لإرسال رسائل تضامنية مع حكّام دمشق الجدد “الإسلاميين”، حيث أظهرت لقطات مُصوّرة مُغادرة الأخير للعاصمة السورية بعد زيارة استمرت ساعات قليلة، ووداعه للشرع، وخلت الزيارة من أي زيارات ميدانية للأمير تميم، من بينها الصلاة في المسجد الأموي، ما يطرح تساؤلات حول أسباب تتعلّق بدواعٍ أمنية.
دمشق الجديدة تُفاوض حُلفاء الأسد بعد سُقوطه
بعد سُقوط الأسد، التساؤل العريض الذي ما زال مطروحًا حول خيارات موسكو في سورية بعد سقوط حليفها الأسد، وتخلّيها عن دعمه، حيث يبدو أن حكام دمشق الجدد لا يريدون بقاء قواعدها على أراضيهم، أو سيأخذون أثمانًا مقابل بقائها.
وألغت الإدارة السورية الجديدة عقدًا مع شركة روسية كان ينص على استثمار ميناء طرطوس لـ49 عامًا، كما قيّدت تحركات القوات الروسية في القاعدة المتواجدة هناك، وفي مواقع أخرى من البلاد.
وزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة مرهف أبو قصرة صرّح من جهته قبل نحو أسبوع بأن السلطات السورية الجديدة تتفاوض مع موسكو بشأن استمرار وجود القوات الروسية في قاعدتي حميميم وطرطوس الواقعتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تُطرح التساؤلات حول عناوين ومضامين هذه المفاوضات، وما إذا كانت ستشمل تسليم الأسد لسورية الجديدة.
الروس يستكشفون سورية الجديدة
وحاول الروس فيما يبدو استكشاف الأجواء بعد سقوط حليفهم، بإرسال وفد روسي رفيع المستوى إلى سورية، وهو الأوّل منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويرأسه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف.
هل تُسلّم موسكو الأسد؟
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر سوري “مطلع”، الأربعاء، أن رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، “طلب من موسكو تسليم الرئيس السابق بشار الأسد”، الذي فرّ إلى روسيا عندما أطاحت به فصائل المعارضة بقيادة الشرع، في ديسمبر.
موقف موسكو من تسليم الأسد غامض، وغير محسوم، وعندما سُئل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، عن تأكيد ما إذا كان قد طُلب من روسيا إعادة الأسد ودفع تعويضات، رفض التعليق.
وعبّر الوفد الروسي الذي يزور سوريا عن “دعمه لسيادتها وسلامة أراضيها” بعد سقوط الأسد، حسب ما أفادت وزارة الخارجية في موسكو، الأربعاء.
بيان مُقتضب
ولا يبدو أن النقاشات بين روسيا، وسورية الشرع، قد اتخذت منحى توافقي، ففي بيانٍ مُقتضب وجاف أوضحت الإدارة السورية الجديدة، أنّ النقاشات التي دارت بين بوغدانوف وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، تركّزت على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها، ودور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري، من خلال تدابير ملموسة، مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي.
أردوغان بين القضاء على الأكراد ورضا إسرائيل!
ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اقترح على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “تحسين العلاقات” مع إسرائيل مقابل انسحاب الولايات المتحدة من سورية.
يتبنّى أردوغان كلاميًّا خطابًا مُعاديًا لإسرائيل، ما يطرح تساؤلات حول تخلّيه عن ذلك مُقابل القضاء على الأكراد في سورية وتقديم هدية توحيد سورية للشرع.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب ينسق مع الرئيس أردوغان بشأن عملية الانسحاب الأمريكي من سورية، وهذا يسمح بالقضاء على تنظيم قسد في سورية.
إسرائيل “قلقة”
بدورها، قالت هيئة البث العبرية الرسمية، إن إسرائيل “قلقة” من اعتزام الرئيس الأمريكي سحب الآلاف من قوات بلاده في سوريا.
وذكرت هيئة البث أن “مسؤولين بارزين في البيت الأبيض نقلوا رسالة إلى نظرائهم الإسرائيليين تفيد بأن الرئيس ترامب، يعتزم سحب آلاف القوات الأمريكية من سوريا”.
وأشارت هيئة البث إلى أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيثير قلقاً بالغاً في تل أبيب، ومن المتوقع أن تؤثر تلك الخطوة أيضاً على تنظيم “قسد” في سوريا.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم