آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تضاعف قيمة الليرة السورية: «لعبة تجار» تلتهم ما تبقّى

تضاعف قيمة الليرة السورية: «لعبة تجار» تلتهم ما تبقّى

 

أمجد حداد

 

 

على نحو متسارع، ارتفع سعر الليرة السورية في السوق السوداء (الموازية)، ووصل إلى نحو 7600 ليرة مقابل الدولار، مساء أمس، أي ما يعادل ضعف سعر الصرف تقريباً في الأيام الأخيرة للنظام السوري السابق (في كانون الأول الماضي)، وسط تحذيرات مستمرة من خطورة ما يجري في السوق، وما يمثّله هذا الصعود الوهمي من خطر على ما تبقّى من مدّخرات السوريين. ويأتي ذلك في وقت يستمر فيه مصرف سوريا المركزي في اعتماد أسعار تفوق سعر السوق بنحو 40%، في ظاهرة معاكسة لما عهده السوريون خلال فترة نظام بشار الأسد، عندما كان السعر الرسمي أقل من سعر السوق بنحو 10%.

وفي السياق، كشف تجار سوريون، في حديثهم إلى «الأخبار»، أن الانخفاض المستمر في سعر الصرف، وما يرافقه من تحسن في سعر الليرة، لم ينعكسا بشكل مباشر على الأسعار في الأسواق، الأمر الذي يعني فعلياً أن أسعار السلع ارتفعت بمقدار يقارب الانخفاض في سعر الصرف، لتصبح العائلة التي كانت تحتاج مثلاً إلى نحو 300 دولار شهرياً لتأمين أساسيات الحياة، بحاجة فعلياً في الوقت الحالي إلى 450 دولاراً، وفقاً للتجار. وعلى عكس المقاربة التي كانت تُعتمد سابقاً في حساب الأسعار، ذكر التجار أن الاضطراب في سعر الصرف، دفع كثيرين إلى اعتماد الليرة سعراً أساسياً، ومن ثم حساب القيمة بالدولار، الأمر الذي تسبّب بمضاعفة أسعار بعض السلع، بدلاً من انخفاضها فعلياً.

وفي البحث عن أسباب ارتفاع سعر الليرة، بالرغم من عدم وجود مقوّمات اقتصادية فعلية لهذا الارتفاع (صناعة وتصدير)، يظهر بوضوح أن السبب الرئيسي يرتبط بسياسة «مصرف سوريا المركزي»، الذي وضع ضوابط عديدة لتقييد حركة الليرة، بدءاً من تقييم عمليات السحب ووضع سقف في المصارف، وليس انتهاء برفض شراء الدولار من السوق. وتسبّب ذلك بخلق بيئة مناسبة للتجار، الذين استغلوا ندرة الليرة، والسماح بتداول الدولار، لبدء عملية جمع واسعة للدولار بأسعار مخفّضة جداً. وإلى جانب تلك السياسة، ساهمت سياسة حكومة تصريف الأعمال هي الأخرى، ضمن ما تطلق عليه «إعادة هيكلة مؤسسات الدولة»، عبر صرف عدد كبير من الموظفين (نحو 40% من الموظفين مبدئياً)، وتأخير صرف الرواتب، في انخفاض نسبة السيولة في السوق، ما ضاعف من حالة ندرة الليرة، العملة الرئيسية في التداول في السوق السورية غير المعتادة على التعامل بالدولار مثلاً، والمفتقرة لفئات صغيرة مناسبة للتداول (دولار و10 دولارات وسنتات). وعنى ما تقدّم أن على أصحاب المهن، والقطاع الخاص، تأمين الليرة لدفع المرتبات، الأمر الذي زاد الطلب على الليرة، ما يعني وفق أبسط المبادئ الاقتصادية أن سعرها سيرتفع.

وفي وقت يلتزم فيه «المركزي» الصمت، ويطلق بين وقت وآخر تطمينات حول توافر السيولة، تكشف عمليات التقييد المستمرة على حركة الليرة، والتأخر الكبير في دفع المستحقات المالية، عن أزمة سيولة غير معروفة الأبعاد بعد، دفعت المصرف إلى إعادة فئات صغيرة كانت مسحوبة من السوق إلى التداول (100 و200 ليرة)، فيما ظهرت في الأسواق طبعات قديمة ومهترئة من بعض الفئات ( 500 و1000 ليرة سورية).

وفي محاولة من قبل حكومة تصريف الأعمال لتجاوز الأزمة، أصدرت وزارة النفط تعميماً إلى محطات الوقود بقبول الدفع بالدولار عند عمليات التعبئة، بعد أن كان الدفع محصوراً بالليرة، الأمر الذي قد ينعكس بشكل طفيف على أسعار بعض السلع، جراء انخفاض تكاليف النقل وتشغيل مولّدات الكهرباء.

غير أن هذا الإجراء يبدو بسيطاً أمام أزمة السيولة الكبيرة التي تعيشها الأسواق، والتي تضع كل ثقلها على كاهل المواطنين السوريين، الذين فقد قسم كبير منهم مصدر رزقه الوحيد بعد عمليات الفصل من المؤسسات الحكومية. لا بل وجد معظمهم أنفسهم أمام تكاليف معيشية غير محتملة، على الرغم من المساعدات التي يرسلها سوريون في المهجر إلى أهلهم، والتي تدخل إلى جيوب التجار، في عملية شراء إجبارية للقطع الأجنبي عند الحوالات، ودفعٍ لقيمتها بالليرة السورية وفق الأسعار الوهمية الرائجة.

وفي ظل الظروف الحالية، لا يزال مستقبل الليرة غامضاً، وسط توقّعات باستمرار ارتفاع سعرها خلال الأيام المقبلة في ما يشبه الفقاعة، جراء عجز الحكومة حتى الآن عن عقد صفقات دولية، وفشل محاولتها استجرار الوقود، جراء عدم تقدّم أي وسطاء دوليين على المناقصة التي طرحتها بسبب شروط الدفع غير المعتادة (سلفة 10% فقط من قيمة الصفقة). وعليه، من المتوقّع أن تنفجر تلك الفقاعة في أي لحظة، مع اضطرار الحكومة إلى عقد صفقات لتأمين الاحتياجات الأساسية، بما فيها القمح والوقود، الأمر الذي توقّع اقتصاديون أن يؤدي إلى تدهور كبير في سعر الليرة مع زيادة الطلب على الدولار، لتبدأ بعدها لعبة جديدة من لعب التجار لجني الأرباح.

 

 

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الخبير شهدا يقدم وصفة اقتصادية تبدأ بمعالجة البطالة المقنعة والتخلي عن الدعم

رولا عيسى:   تبرز الحاجة في هذه المرحلة إلى دعائم وركائز أساسية للانتقال إلى اقتصاد قوي، وهذا ما ركز عليه الرئيس أحمد الشرع في خطابه ...