آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » تكامل الهوية الدينية و الوحدة الوطنية

تكامل الهوية الدينية و الوحدة الوطنية

 

 

حسان نديم حسن

 

إن فكرة تأسيس مجلس ديني ليست مجرد مبادرة لتنظيم شؤون جماعة دينية معينة بل هي انعكاس لتحولات أعمق تشهدها البلاد.

في وطنٍ عانى لعقود فإن هذا المشروع يحمل بعداً رمزياً يتعلق بقدرة المجتمعات المحلية على إعادة تعريف نفسها ضمن إطار وطني جامع يوازن بين الخصوصيات الثقافية والدينية وبين ضرورات الوحدة الوطنية.

إن التوقيت الذي تُثار فيه هذه الفكرة لا يمكن فصله عن المشهد السوري العام. لاسيما سعي مختلف المكونات الاجتماعية للبحث عن آليات جديدة لصون هويتها وفي الوقت نفسه ضمان مشاركتها في المشروع الوطني الأكبر.

هنا تكمن الإشكالية : كيف يمكن لمجلس ديني أن يحقق التوازن بين خصوصية المجتمع الذي يمثله وبين المصلحة العامة للدولة؟ و كيف يمكن له أن يعزز الشراكة و ليس التفرقة ؟

إن نجاح الفكرة يعتمد على مدى الاستجابة للحاجات الحقيقية للمجتمع و القدرة على لعب دور إيجابي في القضايا الأساسية بعيدا عن الاستقطابات وبعيداً عن أن يصبح كياناً يعزز الاصطفاف الديني.

إن الفكرة أيضاً تثير مخاوف من أن يتحول المجلس إلى كيان مغلق يعزز الانعزال الطائفي بدلاً من أن يكون جسراً للتواصل مع كافة مكونات المجتمع السوري.

المسألة الأكثر حساسية تكمن في الاستقلالية: هل سيكون المجلس قادراً على البقاء بمنأى عن الأجندات السياسية التي قد تسعى لاستغلاله كأداة نفوذ؟

هل سيكون أداة لتعزيز التفاعل الاجتماعي والانفتاح أم أنه سيتحول إلى كيان يعزز الهوية بمعزل عن الهوية الوطنية الأعمق؟

لضمان أن تكون هذه الفكرة صحيحة يجب أن تُبنى على أسس من الحوار الشامل والتفكير الاستراتيجي. فلا يمكن لهذا المجلس أن ينجح إذا كان مجرد انعكاس لتجاذبات اللحظة الراهنة بل يجب أن يكون مشروعاً للمستقبل يستلهم من التراث الديني والاجتماعي لمكونه وفي الوقت ذاته يلتزم بالقيم الوطنية المشتركة التي تشكل عماد الدولة السورية.

سوريا اليوم لا تحتمل المزيد من المؤسسات التي تكرس الانقسامات. ما تحتاجه البلاد حقا هو نماذج جديدة من المؤسسات تكون قادرة على تعزيز الثقة بين المواطنين والدولة وتعزيز الهوية الوطنية دون أن تلغي التنوع الثقافي والديني الذي يميزها.

إن تأسيس أي مجلس ديني جديد في سوريا قد يكون خطوة في هذا الاتجاه إذا أُحسن التخطيط له وتمت مراعاة هذه المعادلات الدقيقة.

فكل مكون اجتماعي أو ديني هو جزء أساسي من النسيج السوري و إن أي خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تنطلق من مبدأ الوحدة الوطنية و أن تضمن أن يكون المجلس عامل تقارب وتفاهم يسهم في بناء مستقبل مشترك قائم على المصلحة العامة و الانتماء الوطني.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الشعب السوري “قاصر”!!!

    د.سام دله   منذ وصول البعث البائد للسلطة تم التعامل مع الشعب السوري على أنه “قاصر”… قاصر بمعنى ليس لديه القدرة على أن ...