د.لمياء عاصي
“تحسن” أداء سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في الأيام الماضية يثير “القلق” والريبة.. لماذا؟ لأنه غير مبني على متغيرات اقتصادية، وأشبه ما يكون بـ”لعبة مضاربات”، وفق خبراء اقتصاد.
ومنذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر، وصل سعر صرف الدولار الواحد في سوريا إلى ذروته، حيث بلغ أكثر من 15 ألف ليرة، لكن شيئًا فشيئًا بدأ بالهبوط ليصل إلى ما دون 7 آلاف و500 ليرة قبل أيام، أي بنسبة هبوط بلغت 50 في المئة.
الصعود، ومن ثم الهبوط المفاجئ، وصولًا إلى استقرار سعر الصرف عند حد 9 آلاف و500 ليرة صباح امس الخميس، جعل هذه القضية الشغل الشاغل للسوريين، وليس المقيمين في داخل البلاد فحسب، بل أولئك الموجودين في الخارج.
السوريون في الداخل لم يتغير عليهم شيء على صعيد أسعار المواد التي يحتاجونها، رغم “التحسن” الذي لمسوه فجأة في سعر العملة.
وكذلك الأمر بالنسبة للمقيمين في الخارج، إذ بات لزامًا على هؤلاء زيادة قيمة الحوالة التي كانوا يرسلونها لعائلاتهم في السابق بالدولار.
ويفسر البعض أن “التحسن” الذي طرأ على سعر الليرة السورية مرده “الظروف السياسية”، بدءًا من الرفع الجزئي للعقوبات، ووصولًا إلى الوفود التي قدمت إلى دمشق، وما حصل من اعتراف بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
ورغم أن العوامل السياسية تؤثر إيجابًا على سعر الصرف، إلا أنه عندما يكون التذبذب ضمن “هوامش كبيرة” صعودًا وهبوطًا، “لا يمكن تفسير التغير إلا بحدوث مضاربات قوية على الليرة السورية”
وبما أنه لم تطرأ أية متغيرات اقتصادية كبيرة في الأيام الماضية تقود الليرة إلى التحسن، ولم نرَ أسبابًا منطقية أخرى، فإن “أي ارتفاع في سعر الليرة سيكون ضد مصالح المنتجين السوريين، وسيضعف قدرتهم على منافسة البضائع المستوردة”.
وأضافت: “والأثر السلبي الذي ينعكس على المنتجين يأتي في ظل السماح بالاستيراد من تركيا بدون تعرفة جمركية”.
“ستحل المستوردات محل المنتج المحلي، وهذا ما يسبب إغلاق أبواب كثير من المنشآت الصناعية والزراعية وغيرها، وتسريح آلاف العمال”، كما سيخسر المواطنون مدخراتهم نتيجة بيع الدولار بسعر منخفض
“أيدٍ خفية وتجفيف سيولة”
وثمة مظاهر غير مفهومة تجري في دمشق، مثل انتشار الصرافين على البسطات.
والسؤال:كيف تنتشر مثل هذه البسطات ولصالح من تُجمع الدولارات؟”.
وبعد انتشار هذه البسطات (غير المرخصة)، لماذا فرض البنك المركزي رسوم ترخيص على شركات الصرافة 20 مليون دولار، وعلى مكاتب الصرافة مبلغ مليون دولار!.. ثمة أسئلة وشكوك حول هذا الموضوع”.
وهنا أشير إلى أن البنك المركزي السوري قام خلال الأيام الماضية بتجفيف السيولة بأكثر من طريقة، وهو عامل أساسي يُضاف إلى ما يحصل على صعيد التذبذب في سعر صرف الليرة.
ومن بين هذه الطرق احتفاظ المركزي السوري بأموال التجار التي وضعوها في المنصة التي كانت تمول المستوردات للحصول على ما يحتاجونه من الدولار، وقد وصلت تلك المبالغ إلى مئات المليارات من الليرة السورية، وقال المصرف إنه لن يفرج عنها قبل ستة أشهر.
البنك المركزي لا يزود البنوك بالسيولة اللازمة، ولا يسمح بسحب مبالغ من الأرصدة المودعة في البنوك العاملة بأكثر من 300 – 400 ألف ليرة سورية يوميًا، مع العلم أنه متوقف عن تزويد البنوك بالسيولة اللازمة لها.
توقف الحكومة عن صرف الرواتب للموظفين لأكثر من شهرين، مما ساهم في تراجع عرض الليرة السورية، ودفع سعر صرفها إلى الارتفاع وسعر الدولار إلى الانخفاض.
تسريح عدد كبير من الموظفين وتوقف رواتب العسكريين بسبب حل جيش النظام السوري، وبالتالي أصبح هناك مبالغ كبيرة تم التوقف عن ضخها.
وحتى يكون تحسن الليرة السورية مستدامًا، يجب أن يكون ناجمًا عن ازدياد الإنتاج والتصدير فعلًا أو اكتشاف ثروات باطنية بكميات كبيرة تُشكل موارد عامة إضافية لخزينة الدولة
وحتى يُعتبر سعر الصرف مرنًا حقًا، فإنه يجب أن ينجم عن توازن العرض والطلب على العملة الأجنبية، بدون أي تدخل من المركزي في سعر الدولار أو العملات الأخرى أو بلجم السيولة في الأسواق.. وبشرط أن يكون المركزي قادرًا على البيع والشراء بأسعاره المُعلَنة”.
أن التحسن في سعر الليرة السورية الآن “قلق وغير مستقر أو مستدام وغير مستند إلى عوامل أو مقومات اقتصادية”.
ولا يمكن اتخاذ قرارات استثمارية بناءً على أسعار الصرف الحالية”.
ولا بد من الاحتفاظ بالمدخرات بأصول متنوعة للحفاظ على القيمة الحقيقية لها، وذلك لتجنب الخسائر المتوقعة فيما إذا حصل عرض كافٍ لليرة السورية في الأسواق
(أخبار سوريا الوطن ٢-صفحة الكاتبة)