م.حسان نديم حسن
في زحمة المشهد العام تختلط الأصوات بين التبرير والاتهام وبين الهروب إلى الماضي والقلق من المستقبل .
يبرز خطر الطائفية كواحد من أخطر التحديات التي تعصف بالنسيج الوطني .
لم تعد المسألة مجرد اختلاف في وجهات النظر أو تنوع ثقافي طبيعي بل تحولت إلى انقسامات تغذيها مصالح ضيقة، وأجندات خفية، وخطابات تلبس الدين والسياسة ثوباً مشوهاًُ يخدم التفرقة بدلا من التوحيد.
باتت الطائفية تسرب نفسها في المفردات اليومية و في اللقاءات والمبادرات و في الشعارات والقرارات، حتى أصبح الخطاب المشحون بالهويات الضيقة يهدد بتفرقة الناس عن بعضهم بدلا من تقوية روابطهم.
لا تخلو المحافل من استشهادات تاريخية منتقاة توظف حسب الحاجة لتبرير المواقف أو لتأجيج العواطف وكأن الماضي أصبح سجناً يحاصر العقول ويقيد المسارات.
في ظل هذا المشهد تبدو القضايا الأكثر إلحاحاً كتحسين المعيشة وتحقيق العدالة وإعادة بناء الدولة في مرتبة متأخرة على قائمة الأولويات.
القلق الأمني والهواجس السياسية والخوف من الآخر كلها عوامل تقصي التفكير بالمستقبل وتحاصر العقول داخل دوائر مغلقة من الشك والريبة.
الطائفية ليست مجرد كلمات تقال ، إنها سلوك يفسد العلاقات ويعمق الشروخ ، و الخطر لا يكمن فقط في من يمارسها بل أيضاً في من يصمت عنها و في من يبرّرها .
المجتمعات التي تبتلى بهذا الداء تفقد شيئاً فشياً قدرتها على بناء مشروع وطني حقيقي ، إذ تتآكل الثقة ويتراجع الإحساس بالمصير المشترك ليحل مكانه منطق الانتماءات الضيقة التي تجعل الولاء للطائفة أو الفئة أو الجماعة أقوى من الولاء للوطن.
الأمل في سوريا اليوم بمشروع وطني جامع يضع الإنسان في مقدمة الأولويات ويعيد ترتيب القيم بما يُحصّن المجتمع من الانقسامات ويُرسخ فكرة الوطن فالأوطان تُبنى بالإيمان العميق بأن المصير واحد والمستقبل مشترك.
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)