آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » حول صورة “الاكراد” المارقة بين عهدين في سورية

حول صورة “الاكراد” المارقة بين عهدين في سورية

كمال خلف

 

 

مع كشف مصادر أمريكية عن وجود خطط لسحب جنود الولايات  من سورية، برزت قضية “قوات سوريا الديمقراطية”  قسد المتحالفة مع أمريكا، كواحدة من أكبر التساؤلات، في ظل مفاوضات تُعقد بين الحكومة السورية و”قسد”، لحسم مستقبل مناطق سيطرة الأخيرة شمالي شرق سوريا.

حسب المصادر الامريكية  وزارة الدفاع الأمريكية تعكف على وضع خطط لسحب جميع القوات الأمريكية من الأراضي السورية. ما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في وضع خطط للانسحاب الكامل في غضون 30 أو 60 أو 90 يوماً.

وردت قسد  “إنهم مع بقاء القوات الأمريكية حتى يستقر الوضع في البلاد” وأنه “في حال مغادرة الأمريكيين، فإن الأكراد سوف يدافعون عن أراضيهم وعن المكتسبات التي حققوها.

وفي الأجواء السورية ثلاثة مسارات تخص المناطق التي يسيطر عليها الكرد شرق النهر، الأول المفاوضات مع الإدارة الجديدة ، وفي هذا لم نسمع من الشرع الرئيس الانتقالي  أي لغة تهديد او وعيد بحق “قسد” بل العكس اظهر الاحترام ورغبة التفاهم لبناء دولة يشترك فيها الجميع ، بينما  من داخل ادارته و من حوله تتصاعد لغة التهديد لتسليم المناطق لحكومة دمشق سلما او حربا. اما الاعلام الموالي للإدارة الجديدة ” وهو للان اعلام غير رسمي ويختزل بمجموعة من الناشطين يتحدثون باسم الإدارة بدلا عنها ، فسعى لايجاد تناقض قومي فج، لا يخلو من شيطنة الكردي باعتباره كرديا.  وربما مبعث هذا التوتر في الخطاب مع الكرد، هو القلق من القوة العسكرية المدربة والمتماسكة لدى ” قسد” وعلاقاتها القوية مع التحالف الدولي وهو ما يشكل الخطر الوحيد او الأكبر راهنا، فضلا عن ان خطة التعافي الاقتصادي التي ستدفع نحو استقرار الحكم لابد ان تعتمد على حجم الموارد النفطية و الزراعية والثروة الحيوانية الغنية في الشرق السوري.

هي المرة الأولى التي ترعى اكبر قوة دولية الأكبر  في العالم الكرد السوريين، ولا عجب انهم يتمسكون بهذه الميزة في وقت تشهد فيه البلاد والمنطقة تغيرات جذرية هائلة لم تشهدها منذ ما يقرب المئة عام أي من لحظة تأسيس الدول الوطنية في المنطقة العربية، التي اخذت طابعا قوميا متأثرة بحركة التاريخ في أوروبا بهذا الاتجاه، وكانت الدول الاستعمارية تعتبر القومية العربية نقيضا متينا يمكن الاعتماد عليه كحافز لطرد الدولة العثمانية التركية ، وتجريد السلطنة من القوة الدينية التي كانت الرابطة الأساسية بين الباب العالي والدول التي يحكمها.

ربما تعتمد إدارة ترامب على الأساس المعلن الذي نشأ بموجبه هذا التحالف بينها وبين “الاكراد” في سورية، وهو محاربة تنظيم “داعش” وبالتالي قد تقف الإدارة الامريكية عند حدود المعلن للمهمة ، وتعلن للاكراد ان لا علاقة لها بحماية الكيان او مستقبل الإدارة الذاتية او التوازنات السورية في فترة ما بعد سقوط نظام الأسد ، خاصة ان الهدف الأهم  الغير رسمي في المهمة الامريكية  هو اخراج النفوذ الإيراني من سورية قد تحقق .

اليوم، تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي تقودها وحدات حماية الشعب على مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا، في حين تواصل تركيا شن عمليات عسكرية ضدها. في المقابل، تسعى دمشق إلى إعادة فرض سيطرتها على هذه المناطق من خلال الحوار أو الضغط العسكري.

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تمكن الأكراد من فرض سيطرتهم على عدة مناطق بعد انسحاب القوات الحكومية، وشكّلوا الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي تقودها “الإدارة الذاتية الديمقراطية” وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، مع جناحه العسكري “وحدات حماية الشعب” (YPG). هذه الإدارة،رغم أنها حظيت بدعم من التحالف الدولي في الحرب ضد تنظيم داعش، إلا أنها أثارت توترات مع تركيا، التي ترى فيها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK).

الأكراد في سوريا يشكلون واحدة من أكبر الأقليات العرقية في البلاد، حيث يُقدَّر عددهم بنحو 15% من إجمالي السكان. يتركزون بشكل أساسي في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من البلاد، ولا سيما في محافظات الحسكة، والرقة، وحلب  بالإضافة إلى وجود تجمعات كردية في دمشق وريفها.

ليس من الحصافة في شيء التعامل مع الكرد السوريين باعتبارهم الاخر او الغريب او الطارئ على التاريخ والجغرافيا، انما هم قومية اصيلة تشكلت مع الأرض الوطنية وتفاعلت مع التحولات السياسية تماما كما تفاعل العرب معها ، من المسيحية الرومانية الى الإسلام والخلافة الى رعايا السلطنة وصولا للدولة العربية زمن صعود القوميات، والاتجاه راهنا نحو الهوية الوطنية السورية.

ولا يمكن ان نغفل ان الاكراد السوريين تعرضوا لسياسات تمييزية منذ ستينيات القرن العشرين، مثل مشروع “الحزام العربي” الذي هدف إلى تغيير التركيبة السكانية في المناطق الكردية، وحرمان الآلاف من الجنسية السورية، مما أثر على حقوقهم في التعليم والتوظيف والملكية خلال فترة الحكم العثماني، التي امتدت من القرن السادس عشر حتى أوائل القرن العشرين، كان وضع الأكراد في سوريا جزءًا من الواقع السياسي والاجتماعي المعقد في الإمبراطورية العثمانية. ليست هذه الحقبة بداية التاريخ بالنسبة لهم، فقد تفاعل الشعب الكردي مع الحضارات القديمة مثل الاشورية والبابلية .

في البداية، كانت الإمبراطورية العثمانية تعتمد على نظام اللامركزية في حكم المناطق التي تضم أقليات مختلفة، ومنها الأكراد “حكم ال جانبولاد” اسرة كردية “جنبلاط حاليا في جبل لبنان” حلب في زمن السلطنة العثمانية  ، كان هناك حكم محلي من قبل إمارات كردية أو عشائر كردية تحت إشراف السلطنة العثمانية. بعض هذه الإمارات كانت تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية، وكان شيوخ العشائر الكردية أو حكام الإمارات يشرفون على إدارة شؤونهم المحلية.

على الرغم من أن الأكراد كانوا يتمتعون بحكم ذاتي في بعض الأحيان، إلا أنهم كانوا تابعين للإمبراطورية العثمانية، ويجب عليهم دفع الضرائب والخضوع لسلطة السلطان.

في القرنين التاسع عشر والعشرين، بدأت التوترات بين القوى الأوروبية والسلطنة العثمانية، مما أثر في الوضع السياسي للأكراد. خلال هذه الفترة، بدأت بعض الحركات الكردية تسعى للحصول على حقوق ثقافية أو سياسية، وبرزت بعض المطالب بالاستقلال أو الحكم الذاتي.

  • بعد حرب الاستقلال التركية وتأسيس جمهورية تركيا في عام 1923، بدأت السياسات العثمانية تجاه الأكراد تتغير. وكان هناك زيادة في القمع تجاه الحركات القومية الكردية.

ولا عجب ان يجد الكرد في الحالة السورية منذ العام 2011 فرصة للبروز والتعبير عن ذاتهم في خضم انقسامات سياسية اجتماعية اخذت طابعا طائفيا ومناطقيا فيما يشبه الحرب الاهلية، مع تدخلات خارجية عقدت تحالفات عضوية مع فئات في الداخل السوري.

وخلاصة القول ان إمكانية التفاهم مع الكيان العسكري والسياسي الكردي الطابع شرق سورية قائمة وممكنة ولا يحتاج الامر الى الذهاب لخيارات عسكرية بالتحالف مع قوى خارجية، لان ذلك سيترك ندوبا في مستقبل سورية القادم سرعان ما تظهر في اية لحظة تتعرض فيها البلاد لاهتزاز داخلي. والاهم هو نبذ خطاب نحن والأخر في التعامل مع الكرد او غير الكرد من المكونات السورية.

اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يقطع ترامب رأس نتنياهو؟

    نبيه البرجي   عادة ما يقطع الأميركيون رؤوس حلفائهم، باستثناء رؤوس “الاسرائيليين”، كونها الرؤوس المقدسة. لكنه الآن دونالد ترامب بشعار “أميركا المقدسة”، هل ...