آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تعرفات ترامب لا ترحم الحلفاء: “حربٌ” على جانبَي الأطلسي

تعرفات ترامب لا ترحم الحلفاء: “حربٌ” على جانبَي الأطلسي

 

سعيد محمد

لا يزال الأوروبيون يأملون في التوصّل إلى صفقة تجنّبهم حرباً تجارية مع حليفهم الأميركي، خصوصاً في ظلّ تحذيرات أطلقها خبراء من أن حرب التعرفات الجمركية، في حال اندلعت على جانبَي الأطلسي، ستكون عواقبها وخيمة على الجميع. وفيما فرضت الولايات المتحدة تعرفات بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمينيوم إلى السوق الأميركية، من كل أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا، تدخل حيز التنفيذ في الـ12 من آذار المقبل، قالت مصادر بروكسل إن دول الاتحاد عازمة على اتّخاذ “إجراءات مضادة حازمة ومتناسبة”، إذا فشلت المحادثات في تجاوز الأزمة. وبحسب المصادر، فإن الدول الأعضاء في التكتُّل وافقت بالفعل على فرض رسوم تصل إلى 50% على ما قيمته 4.8 مليارات يورو من الواردات الأميركية، يمكن أن تدخل حيّز التنفيذ نهاية الشهر المقبل، ما لم تصوّت على تسريع فرضها وفق تطوّر الأحداث. وفُهم أنه في جعبة الأوروبيين إجراءات أخرى للردّ على أيّ تصعيد أميركي محتمل.

 

وتشمل المنتجات الأميركية التي قد تُستهدف في مرحلة أولى: ويسكي البوربون، ودراجات نارية من طراز “هارلي ديفيدسون”، وزوارق بخارية، وبعض منتجات الصلب والألمينيوم؛ علماً أن الويسكي تحديداً شكّل موضوعاً لنزاع سابق بين الجانبَين في فترة ولاية ترامب الأولى، لكن الخلافات جُمّدت في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وكان المستشار الألماني، أولاف شولتس، واضحاً، حين أعلن أنه “لا يسعنا إلا أن نقول، وبحذرٍ شديد، ولكن بوضوح كبير: يجب على أيّ جهة تفرض علينا تعرفات جمركية أن تتوقّع تعرفات مضادة”. أيضاً، نقلت صحف باريس عن وزير الصناعة الفرنسي، مارك فيراتشي، قوله إنه “يجب على أوروبا أن تستجيب بطريقة حازمة وموحّدة للتعرفات الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب”، وهو ما عزّزته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عشية توجُّهها إلى باريس للقاء نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، على هامش قمّة الذكاء الاصطناعي، عندما قالت: “سيعمل الاتحاد الأوروبي على حماية مصالحه الاقتصادية.

 

سنحمي عمّالنا وشركاتنا ومستهلكينا”. ويبدو أن لقاء باريس لم يسفر عن نتائج محدّدة، إذ اكتفت دير لايين بشكر نائب الرئيس على المناقشات الجيّدة حول “التحديات المشتركة”، مؤكدةً أنها تتطلّع إلى استمرار التعاون بين الجانبَين، فيما تحدّث فانس عن اهتمام ترامب بالعلاقات مع أوروبا، مضيفاً أنّ “ثمّة علاقة اقتصادية مع القارة يمكن البناء عليها”، وأن الإدارة الأميركية “تريد ضمان انخراطنا بالفعل في شراكة أمنية جيّدة لكل من أوروبا والولايات المتحدة”، في إشارة منه إلى ملف آخر تعمل عليه إدارة ترامب، يتعلّق بزيادة إنفاق الدول الأعضاء في “الناتو” على شراء الأسلحة والمعدات وأنظمة الدفاع الأميركية بأكثر من ضعف المستويات الحالية.

 

وسبق أن دعت بروكسل وزراء التجارة في الدول الـ26 الأعضاء، إلى اجتماع في المقرّ الرئيسي للمفوضية في العاصمة البلجيكية، أمس، لمزيد من المشاورات. وقال المفوض التجاري للاتحاد، ماروش شيفتشوفيتش، للبرلمان الأوروبي قبل الاجتماع، إن التكتُّل لا يزال يدفع في اتّجاه إجراء محادثات مع الأميركيين، وعقد صفقة لتجنُّب حرب تجارية مفتوحة. وأضاف أمام النواب: “ما زلنا ملتزمين بالحوار البنّاء. ونحن على استعداد للمفاوضات، والبحث عن حلول مفيدة للطرفين حيثما أمكن ذلك”. وتابع: “لا نرى أيّ مبرّر لفرض تعرفات جمركية على صادراتنا، وهو ما يؤدي إلى نتائج عكسية اقتصادياً، خاصة بالنظر إلى سلاسل الإنتاج المتشابكة بعمق. إن التعرفات الجمركية هي ضرائب، والضرائب سيئة للأعمال، وأسوأ للمستهلكين”.

 

الصدام الأميركي – الأوروبي أمر لا مفرّ منه

 

لكن خبراء اقتصاد في بنوك أوروبية كبرى حذّروا من أن “الصدام الأميركي – الأوروبي أمر لا مفرّ منه”، وأن إدارة ترامب لن تتردّد في فرض مزيد من التعرفات الجمركية، التي لم يكن الصلب والألمينيوم سوى باكورتها، في ما يتعلّق بالاقتصادات الأوروبية، وأن الأمور “ستصبح أسوأ” خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وكان الرئيس الأميركي أعلن أن مزيداً من التعرفات الجمركية على الاتحاد الأوروبي قيد الدراسة، مؤكداً أنه سيفرض قريباً تعرفات متبادلة على جميع الدول (اعتباراً من يوم أمس)، وبما يتوافق مع التعرفات التي تفرضها تلك الدول على المنتجات الأميركية. وهو كرّر، في عدة مناسبات، انتقاده للعجز التجاري في علاقة بلاده مع الأوروبيين الذين “لا يأخذون سياراتنا، ولا يأخذون منتجاتنا الزراعية. إنهم لا يأخذون منّا شيئاً تقريباً، ونحن نأخذ منهم كل شيء”.

 

وبعدما تقلّصت صناعات الصلب الثقيلة في القارة القديمة تدريجياً، ووصلت إلى أدنى مستوياتها هذا القرن في عام 2023 – حوالى 3.7 ملايين طن سنوياً -، فإن من شأن التعرفات الأميركية أن تضرّ بها بشدّة، وذلك بعدما حذّر كبار المنتجين من أن السوق الأوروبية ستتعرّض للإغراق من خلال سعي المنتجين العالميين إلى تعويض تراجع صادراتهم إلى الولايات المتحدة بسبب تعرفات ترامب، وطالبوا بروكسل بتوفير الحماية لهم.

 

وفي هذه الأثناء، امتنعت المملكة المتحدة – التي لم تَعُد عضواً في الاتحاد الأوروبي – عن الردّ على التعرفات الجمركية الأميركية الأحدث على الصلب والألمينيوم، على رغم أن هذه الأخيرة قد تصيب صناعة الصلب البريطانية في مقتل، إذ يحاول رئيس الوزراء، السير كير ستارمر، تجنُّب التورّط في حرب تجارية محتملة على جانبَي الأطلسي، ويريد استغلال المرحلة لصالح بناء ميزة تفوق استراتيجية على الأوروبيين تسمح لبريطانيا بمزيد من التشبيك مع الاقتصاد الأميركي، وبخاصة في مجالات التكنولوجيا، والخدمات المهنية، والمصرفية. وقال سفير المملكة المتحدة الجديد في واشنطن، اللورد بيتر ماندلسون، إن بلاده يجب أن تغتنم “أيّ فرصة تنشأ نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، وأن تكسب لقمة العيش في العالم من خلال كونها “ليست أوروبا”.

 

ولا تفرض المملكة حالياً تعرفات مؤثّرة على البضائع الأميركية، فيما يميل الميزان التجاري في العلاقة مع الولايات المتحدة إلى مصلحة الأخيرة بشكل حاسم. لكن خبراء قالوا إن بريطانيا معرّضة لضربة قد تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار أميركي تقريباً، إذا امتدّ تطبيق التعرفات المتبادلة على التجارة البينية مع أميركا، ليشمل ضريبة القيمة المضافة الباهظة التي تفرضها المملكة على أسعار بيع السلع المستوردة – من الولايات المتحدة وغيرها – في السوق المحلية، وتصل إلى 21%. ومن شأن إجراء كهذا أن يخفّض بما يقرب من نصف النقطة المئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة للعامين المقبلين، وذلك وفق تقديرات نشرها “دويتشه بنك”، في وقت يعاني فيه الاقتصاد البريطاني من تحدّيات جمّة.

 

وعلى الرغم من الأجواء المشحونة والترقُّب في العواصم الأوروبية، فإن أسواق الأسهم عبر القارة حافظت بشكل عام على تماسكها مع تراجع طفيف لأسهم شركات الفولاذ والألمينيوم. وعزا مراقبون ذلك، إلى أن الأسواق تنتظر اتّضاح صيغة تطبيق التعرفات المتبادلة، وردّ فعل الاتحاد الأوروبي عليها قبل الشروع في اتّخاذ مواقف استثمارية، فيما يراهن آخرون على نجاح المداولات في الكواليس لعقد صفقة – كما حصل في حالة التعرفات التي فُرضت على كندا والمكسيك وأُجّلت لشهر -، قد يكون الأسبوع المقبل مصيرياً بخصوصها.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١ الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير التجارة الداخلية يستعرض مع أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة حلب تحديات القطاع التجاري وسبل تذليلها

عقد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس ماهر خليل الحسن اجتماعاً مع أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة حلب، جرى خلاله استعراض واقع العمل التجاري في المحافظة، ...