أنس جوده
استمر النظام السابق بالحكم حوالي خمسين عاما وكان متجذراً في بنية الدولة والمجتمع ولديه قاعدة شعبية واسعة وإلتفات دولي كبير وهائل، ولاحقا لمرحلة الأسد الأب ومنذ ربيع دمشق قال الجميع للإبن عليك بالمشاركة فالحكم لايقوم على رجل واحدة ، ولكنه بدأ بإعطاء الوعود الجميلة التي تبين كذبها لاحقاً، واستكبر وبدلاً من المشاركة دمر بقية القواعد الاجتماعية التي ساعدت على حفظ التوازن وبدأ بفقدان قوته.
وبعد الخروج من تداعيات حرب تموز وأزمة اغتيال الحريري قيل له عليك بالمصالحة الوطنية لكنه تجبّر وأغلق الملف دون عودة، وبدا مسلسل الخسارة.
ولاحقاً مع اندلاع الاحتجاجات في بدايات ال ٢٠١١ تم نصحه عليك بالمشاركة والمصالحة ، ولكنه فقد عقله وأجرم فدخل في نفق اللاعودة، وفقد نصف البلاد وجزءا كبيرا من دعم العباد.
وبعد انتهاء مرحلة العمليات العسكرية الكبرى في ال ٢٠١٨ ، قيل له عليك بالمسار السياسي والمشاركة ولكنه ركب العناد فوصل لمرحلة السقوط.
وفي كل المراحل ورغم قوته وجبروته فشل بالكامل ولم يكن قادرا على قيادة البلد نحو الانتقال السياسي لوحده فسقط واسقط الدولة والمجتمع معه .
طبعا هذا الكلام لايعني أبدا تجاهل أبعاد التدخلات الدولية والاصطفاف الأعمى مع ايران، وتأثيرات القضية الفلسطينية، والنزاع على قضايا الطاقة وخطوط النقل ومشاريع الاستثمارات الاحتكارية ضمن الشرق الأوسط الكبير، ولكن كل التدخلات لايمكن أن تتم إلا بوجود شروخ داخلية وصراعات محلية تكون هي الأساس في إشعال الفتن .
لماذا هذا الكلام اليوم … هذا الكلام حتى لايظن أحد ويغترّ أنه بمجرد وصوله للحكم قادر على قيادة البلاد لوحده وعلى فرض رؤيته وأجندته على مستقبلها خصوصا ً في ظل تحالفات هشة وعدم وجود تمثيل مجتمعي واسع، وحتى يكون واعياً تمام الوعي عن مسؤوليته في إكمال تحطيم البلاد وفقدان جغرافياتها كنتيجة منطقية للإقصاء يستغلها الخارج ويسكت عنها الداخل بل قد يطالب بها بعضه كوسيلة للحماية كما تمت المطالبة بها سابقاً.
المشاركة عنوان الاستقرار والمصالحة أساس استدامة السلام، أما احتكار السلطة والتذاكي في كسب الوقت وإعطاء الوعود الجميلة، واستخدام مسار العدالة بغاية تحقيق الثأر فهي وصفة واضحة ومجربة لتكرار العنف والخراب واستمرار مسلسل الاقتطاع والقص والتفتيت.
(أخبار سوريا الوطن١-صفحة الكاتب)