آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » العدالة الانتقالية والحقيقة 

العدالة الانتقالية والحقيقة 

 

 

أنس جوده

 

لا سلام بدون عدالة، قاعدة مركزية وأساسية في أي مسار انتقالي ولايمكن تجاوزها ولا تأجيلها، ولا تطبيقها بطريقة انتقائية بل يجب أن يشمل المسار جميع من انخرط في العمليات العسكرية وكل من أنتهكت حقوقه الأصلية من حق الحياة والسكن وحرية القول والعمل والتعليم والصحة .

 

صحيح أن مفهوم العدالة خصوصا ًفي المراحل الانتقالية نسبي بالكامل، فما يعتبر عدالة عند مجموعات سكانية قد يعتبر أعمالاً ثأرية إنتقامية عند الآخرين ، أو لايعتبر محققا لأدنى شروط العدالة عند البعض الآخر، ولكن هذه النسبية يجب أن لا تبقى غائمة وضائعة بل لابد من محددات وطنية يتم التوافق عليها تحقق الحد المطلوب من العدالة التي تمكن المجتمع من تجاوز الماضي والتطلع نحو المستقبل، وليس هناك أي معيار واضح في ذلك سوى (شعور) من أنتهكت حقوقهم أو ذويهم وأصدقائهم (بالرضى ) والقدرة على تجاوز الجراح .

 

بداية المسار تكون بالبحث العميق في الشعور بالظلم وتثبيت الانتهاكات وتوثيقها ووضعها في نصابها الصحيح، فالكثير من المظالم قائمة على شعور أحد الأطراف أنه تحمل كل الانتهاكات لوحده وأن مظلوميته هي المظلومية الوحيدة وهذا يعود لعدم قدرته على رؤية مظلوميات الآخرين ولا معرفتها لأسباب كثيرة أهمها سرديات الحقد والتعصب وخطاب الكراهية اللازم لشد العصب في فترة الصراع .

 

قبل البدء بالعدالة نحن بحاجة للحقيقة ، حقيقة كل ماجرى منذ نهاية الخمسينات حتى اليوم ، بحاجة لمعرفة الظلم والشعور بالدونية والتجبر والاحتكار والاستغلال والقتل والإخفاء والتعصب، بحاجة لمعرفة الكذب والتزلف والنفاق والمؤامرات الداخلية والخارجية والتمسكن حتى التمكن، نحن بحاجة للاعتراف من الجميع بكل ما يعرفونه أو ارتكبوه، نحن بحاجة لمعرفة جهود الجنود المجهولين وظروفهم وماقدموه بصمت لبلادهم في أي موقع كانوا.

 

الحقيقة هي أساس العدالة، ومعرفتها بحد ذاتها هي خطوة كبيرة في تحقيق العدالة وتخفيف الشعور بالاحتقان والظلم والغبن، سوريا بحاجة للجان المصارحة والحقيقة والبوح بدون خوف من سيوف القتل عندها سيتبين أن الكثير من سرديات الكراهية هي مجرد لغو لا وجود له، وسنعرف أيضاً أن الكثير من المظلومين يكفيهم مجرد الاعتراف ومجرد معرفة ماجرى، وسنعرف جميعاً أن أصحاب الحق موضوعيون وعاقلون أكثر من شبيحة الصفحات الصفراء الذين لايعنيهم إلا استمرار الفتنة، وسنرى بأم أعيننا كيف سيتعانق الطرفان باكيان من الظلم الذي وقع عليهما معاً، وسيعرف الجميع أنهم ضحايا لفتنة واحدة، وسنرى حكماً وطناً جديداً يتسع للجميع.

(اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إلا توزيع الجلاءات الوطنية …!

  يونس خلف صحيح أنه لم يستطع كل أبناء سورية الخروج من مناطق النظام .. ولم تسمح لهم ظروفهم على الهجرة أو اللجوء .. وصحيح ...