آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » وقائع اجتماعيْن عربيَّيْن في الرياض والدوحة حول فلسطين وإيران

وقائع اجتماعيْن عربيَّيْن في الرياض والدوحة حول فلسطين وإيران

 

ابراهيم الأمين

 

■ السيسي يتراجع: مدينة في سيناء جاهزة لإيواء مؤقّت لنصف مليون فلسطيني من غزة

■ دول الخليج خائفة: إيران ستردّ على قصف مواردها بقصف قواعد عسكرية ومنابع النفط

 

كلّ الأخبار الواردة من كيان الاحتلال تؤكّد أن استئناف الحرب ضد قطاع غزة ليس منفصلاً عن مشروع أكبر يبدو أنه محلّ توافق مع الإدارة الأميركية، في ظل إجماع واسع داخل الكيان على مواصلة المعركة ضد «كل المحور الذي تقوده إيران»، ومع تفوّق رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بإشارته لخصومه الداخليين إلى أن أميركا هي من يقود الحرب، ولا يمكن لإسرائيل أن تبقى خارجها.

 

قبل ثلاثة أسابيع، أفادت الأنباء الواردة من الكيان بأن تعثّر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو نتاج قرار واضح من صاحب القرار في إسرائيل. فقد لاحظت الفرق الأممية والمنظمات الدولية الناشطة في مجال المساعدات تبدّلاً واضحاً في لهجة ضباط العدو المعنيين بالملف، والذين صرّحوا بأن فك الحصار عن غزة ليس ممكناً الآن، وأنه طالما لم يقبل العرب بفكرة استقبال نصف سكان غزة على الأقل، لن يحصل القطاع على المساعدات، قبل أن يزداد الكلام عن سعي «حماس» إلى «فرض إدارتها الكاملة على القطاع»، ومبادرتها خلال أسابيع قليلة إلى إعادة بناء هيكلها الإداري والخدماتي، لتنظيم عملية عودة السكان إلى مناطق الشمال. وادّعى ضباط العدو بأن «حماس» تدير بنفسها عملية توزيع المساعدات، وأنها تقتطع منها حصة لترميم كتائبها العسكرية. وطوال الوقت، كان ضباط العدو يبرّرون التشدد في إدخال المساعدات، بالبحث عن أموال تُرسل إلى غزة، متذرّعين ببرنامج تقوده إيران لتعزيز «حماس» وبقية قوى المقاومة في القطاع.

 

تعهّد ابن سلمان بإقناع ترامب فأجّل الأخير الاجتماع وبدأ الحرب ضد اليمن مع استئناف الحرب في غزة

 

ومع تولّي رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد إيال زامير مهامه، لاحظت الجهات المنخرطة في برامج المساعدات تغييرات، وبدأ الأجانب في القدس يسمعون كلاماً عن عودة قريبة إلى القتال، وأن تل أبيب أقنعت الإدارة الأميركية بأن عليها إدارة الملف مباشرة، وإبعاد الوسطاء العرب، وهو ما قبل به فريق ترامب الذي قاد مباشرة ملف التفاوض مع «حماس».

 

وترافق ذلك مع تحذير الأميركيين الأطراف العربية من الذهاب بعيداً في توفير الدعم لسكان غزة، فيما نشطت الدبلوماسية الأميركية مع السعودية ومصر للتخلي عن رفضهما لتهجير أبناء القطاع، والذهاب إلى نقطة وسطية تحت عنوان «التهجير الطوعي والمؤقّت».

 

بداية تحوّل في موقف القاهرة

مصادر دبلوماسية عربية بارزة كشفت لـ«الأخبار» أن موقف القاهرة وعمان الذي رفع السقف عالياً في مواجهة مشروع تهجير سكان القطاع، شهد منذ نحو شهر تحوّلاً جوهرياً. ولمس مسؤولون عرب كبار ذلك في اجتماعين عُقدا في الرياض والدوحة. وبدا أن البحث يتعلق ليس فقط باحتمال عالٍ لعودة الحرب إلى غزة، بل بتوسيعها نحو ساحات أخرى، خصوصاً اليمن وإيران. ولخّص دبلوماسي مشارك في الاجتماعين الخاصين بتطورات المنطقة لـ«الأخبار» النتائج بالآتي:

 

أولاً، كان اجتماع الرياض هو الأول من نوعه لجهة المشاركة الكاملة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في طرح الأفكار والبحث عن الحلول، وهو كان ألحّ على المشاركين في البحث في قرارات واقعية وعملانية تشكّل منطلقاً لأي خطوات تقوم بها الدول العربية، متحدّثاً عن تداعيات ما يجري اليوم على البلاد العربية لعقود طويلة آتية. ولوحظ أن الحماسة شملت أيضاً رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، مع تأييد كويتي واضح، واهتمام مصري بمعرفة طبيعة الدور الذي ستلعبه دول الخليج في المرحلة المقبلة، ونوع العلاقات التي ستقوم بينها وبين الولايات المتحدة.

 

ثانياً، خلص المجتمعون إلى أنْ لا بديل عن حل الدولتين، وعن تفاهمات عربية – عربية أولاً، وتفاهمات فلسطينية – فلسطينية، قبل مناقشة الخطوات العملانية مع الجانب الأميركي.

 

وكان لافتاً أن قطر التي تعلن وقوفها الدائم إلى جانب «حماس» بادرت إلى تليين موقفها من مسألة دور الحركة في إدارة غزة، لكن مع رفض إزاحة الحركة عن المشهد، فوافقت على إطار يقضي عملياً بإبعاد «حماس» عن أي دور قيادي في القطاع في المرحلة المقبلة. كما بحث المجتمعون في الحاجة إلى تفاهم يحول دون اندلاع حرب أهلية فلسطينية في حال قرّر الأميركيون دعم جهات في مواجهة «حماس».

 

ثالثاً، قال المجتمعون إنهم يريدون ضمانات أميركية بوقف عمليات القضم الجارية في الضفة الغربية. وأبلغ ولي العهد السعودي الحاضرين رفض بلاده العرض الأميركي بتولّي السعودية إدارة الأماكن المقدّسة في القدس الشرقية، واتُّفق على إبقاء الأمر في عهدة ملك الأردن، على أن يترافق ذلك مع إقناع فريق محمود عباس بالشروع في عملية إصلاح شاملة للسلطة الفلسطينية، ما يسمح لها بلعب دور شامل في الضفة وغزة، على أن يتعهّد العرب بحماية الضفة من أي مشروع ضمّ.

 

رابعاً، واجه المجتمعون مشكلة إعادة الإعمار في غزة. وكان الحديث صريحاً لجهة وجود شروط كبيرة تضعها الولايات المتحدة وليس إسرائيل فقط. وفي هذه النقطة، فوجئ الحاضرون بإشارة مصرية مقلقة، إذ أبلغ الرئيس عبد الفتاح السيسي الحاضرين باستعداد بلاده لتسهيل العملية من خلال الموافقة على عملية «إجلاء مؤقّتة لنصف مليون فلسطيني من غزة إلى مدينة مخصّصة لهم في شمال سيناء».

 

وهي خطوة تتطلب من القاهرة فتح الحدود أمام الراغبين من أبناء القطاع بالمغادرة الطوعية، ما أثار قلق الجانب الأردني الذي قال إنه مستعدّ للمساعدة في إيواء لاجئين يكونون حصراً من عائلات الجرحى ولفترة زمنية محدّدة.

 

المواجهة مع إيران

بيد أن اللقاءات الجانبية التي عُقدت في الرياض تناولت مسألة أكثر أهمية تتعلق بما تنوي أميركا القيام به ضد إيران. وجرى تبادل للمعلومات بشأن ما وصل إلى القادة العرب من معطيات حول نية إدارة ترامب توجيه تهديدات مباشرة إلى طهران لإجبارها على تقديم تنازلات في الملف النووي من جهة، وفي ملفات المنطقة ككل.

 

وتعهّد أمير قطر بالتوجه إلى إيران لبحث الأمر، والبحث في ما تنوي طهران القيام به، خصوصاً أن الجهات العسكرية والأمنية في دول الخليج سمعت من الجانب الأميركي معلومات حول «تحضيرات» لوجستية على الأرض.

 

وترافق الأمر مع معلومات عن نية إيران، رداً على أي اعتداء تقوم به الولايات المتحدة ضدها، توجيه ضربات قد تشمل دول الخليج نفسها.

 

وفيما توجّه أمير قطر تميم بن حمد إلى طهران لبحث الملف، أُبلغ القادة العرب بأن اجتماعاً كان مقرراً بين الرئيس ترامب وولي العهد السعودي أُرجئ لبعض الوقت، ليتبيّن لاحقاً أن ابن سلمان لم يحصل على إجابات مطمئنة قبل التوجه إلى واشنطن، خصوصاً أنه كان أعرب أمام القادة العرب عن ثقته بقدرته على «التعامل مع ترامب»، بعدما قرّرت بلاده استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وهي لن تفعل ذلك من دون مقابل.

 

 

عُهد إلى أمير قطر مناقشة الإيرانيين في خطة بديلة لتفادي الحرب ورسالة

واشنطن عبارة عن مهلة وتهديد

 

وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن القيادة السعودية صُدمت جراء تجاهل البيت الأبيض لهواجسها، وزادت صدمتها عندما سمعت من واشنطن عن استعدادها لحملة عسكرية ضد اليمن. وتحدّث الأميركيون بلهجة الواثق عن أن الجيش الأميركي سيعيد تثبيت أمن الملاحة في البحريْن الأحمر والعربي، وفي كل الممرات المؤدية إلى البحر الأبيض المتوسط.

 

القلق من تطور الأمر إلى مرحلة التعرّض لإيران دفع قادة عسكريين وأمنيين خليجيين إلى الاجتماع قبل أسبوعين في الدوحة، بمشاركة رجال استخبارات من دول المنطقة ومستشارين من دول غربية.

 

وتركّز البحث على سبل مواجهة احتمالات تصعيد كبير بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وبين إيران. وانطلق البحث من ثلاثة اعتبارات:

الأول، إن الولايات المتحدة قد توافق ليس على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، بل مصادر إنتاج النفط والطاقة. وقد تفعل ذلك من خلال حملة عسكرية تستخدم فيها قواعدها العسكرية في المنطقة، أو حتى المناطق البحرية والأجواء التابعة لدول الخليج. وناقش الحاضرون سبل التعامل مع الرد الإيراني، وسط معلومات بأن إيران ستوجّه ضربات انتقامية كبيرة ضد القواعد الأميركية في الدول العربية، وقد تلجأ إلى ضرب المراكز النفطية في هذه الدول، ولن تكتفي بالرد على الجيش الأميركي أو على إسرائيل.

 

الثاني، إن اندلاع حرب بهذا الحجم قد يتطور إلى ما يتوقّعه كثيرون، خصوصاً أن احتمال اشتعال جبهات عدة يصبح قوياً، ولا سيما في العراق وسوريا واليمن ولبنان، بمعزل عن الوقائع القائمة في هذه الدول الآن. وقد وجد الحاضرون أن قيادة واشنطن تنوي القيام بعملية كبيرة ضد إيران بالتعاون مع إسرائيل، ما يفتح الباب أمام أوضاع لم تكن على الطاولة من قبل، وأن هناك احتمالاً بأن يكون الرد اليمني موجهاً أيضاً ضد دول الجزيرة.

 

الثالث، مناقشة سبل التعامل مع التطمينات التي تقدّمها الولايات المتحدة للدول العربية، والتي تفيد بأن إيران ضعيفة، وغير قادرة على المقاومة، وأن الشعب الإيراني سيخرج في انتفاضة واسعة ضد النظام، وأن حلفاء إيران باتوا أضعف من أن يقوموا بأعمال مؤثّرة في دول المنطقة.

 

استعجال الحرب الواسعة

وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي إلى القيادة الإيرانية تطلب ضمانات فورية بمنع أي تقدّم في البرنامج النووي، وإخضاعه لرقابة شاملة من قبل الغرب، ووقف التدخل في أوضاع المنطقة، والانكفاء إلى الداخل الإيراني ووقف التعامل مع أي مجموعات من اليمن إلى لبنان والعراق وصولاً إلى فلسطين.

 

ولا تخلو الرسالة من تهديد مباشر بأنه في حال لم تستجب إيران لهذه الطلبات، فإن إدارة ترامب تجد نفسها مضطرة إلى التعامل معها بطريقة مختلفة.

 

الموقف الأميركي ترك لإسرائيل التعبير عنه بطرق مختلفة، وكانت ذروتها في البيان الذي أذاعه رئيس حكومة العدو ليل أمس، لمناسبة رأس السنة الإيرانية، ودعوته الشعب الإيراني للتعامل مع السنة الجديدة على أنها فرصة للتغيير والتخلص من النظام القائم. وهي رسالة تحمل تهديداً مباشراً للنظام في إيران بأن إسرائيل على وشك القيام بأمر كبير بالتعاون مع الأميركيين ومع أطراف خارجية أخرى.

 

أمس، كان لافتاً أن دولاً أوروبية، أعادت تفعيل تحذيرات إلى مواطنيها بعدم التوجه إلى إيران، أو دعوتهم إلى مغادرة الأراضي الإيرانية فوراً!

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إسرائيل تستأنف العمليات البرية… و«حماس» تحملها تداعيات التوغل في محور نتساريم

    أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، أن قواته استأنفت العمليات البرية في وسط وجنوب قطاع غزة في وقت قال فيه مسؤولون محليون في قطاع ...