آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » شهادة للتاريخ

شهادة للتاريخ

 

كتب محمد خير الوادي

 

بعد تصريح وزير التجارة الامريكي ،الذي المح فيه الى عزم الولايات المتحدة ، الطلب من الكويت رد المبالغ التي انفقتها القوات الامريكية خلال عملية تحرير الكويت ، اود ان اوضح بعض الحقائق التي سمعتها وعايشتها في تلك الفترة حول الموضوع.

اولا: في مطلع عام1991 سافرت الى منطقة حفر الباطن السعودية بالقرب من الحدود مع العراق . وكنت آنذاك رئيسا لتحرير صحيفة تشرين . التقيت اللواء علي حبيب قائد القوات السورية ، الذي تحدث طويلا عن مهمات القوات السورية هناك في منع اي توسع عراقي داخل الاراضي السعودية . سالته : وماذ عن ” جيرانكم الامريكيين؟، وكانت القوات الامريكية تتمركز في معسكر مجاور . اجاب : “هم يعيشون حياة مترفة خمسة نجوم ، تصور ان المملكة العربية السعودية تدفع كامل نفقات وجودهم هنا ، من اجور النقل وتحميل المعدات وقيمة المحروقات والطعام والشراب . حتى ثمن مياه الشرب ، وهي من نوع ايفيان والتي تأتي الى الامريكيين من فرنسا ، وكذلك قيمة قطع لحم البقر التي تأتي من امريكا ، يدفعها السعوديون . اضافة الي نفقات برامج الترفيه عن الجنود الامريكيين ” . واضاف مبتسما : ” حدثت مشكلة في دفع فواتير المشروبات الكحولية ، فالقاتون السعودي يمنع ذلك ، لكنه تم الالتفاف على الامر بتسجيل زجاجات الويسكي والروم والبيرة وغيرها ،على انها عصائر وشرابات مقوية للجسم !”.

اردت من ايراد هذه الواقعة ،التدليل على ان مبلغ المائة مليار دولار ، والذي تتحدث عنه اليوم ادارة ترامب ، وتطالب باسترجاعه من الكويت ، هو مبلغ مشكوك بامره .

ثانيا : بعد ان تم تحرير الكويت ، سافرت الى الكويت بداية عام 1992 . وهناك شاهدت بلدا مدمرا ـ ترتفع فيه اعمدة الدخان من 750 بئرا نفطيا احرقها صدام ، بعد اجباره على الانسحاب من الكويت . التقيت عددا من المسؤوليين الكويتيين الذين تحدثوا بمرارة عن جرائم صدام . ولكنني شعرت ان هناك مرارة اعمق ،مكبوتة لديهم عند التطرق الى الدور الامريكي .صحيح ان الكويت اعلنت امتنانها رسميا للولايات المتحدة ، ولكنني سمعت في احاديث بعض المسؤولين الكويتيين عتبا ،لا بل غضبا ،على بعض الامريكيين الذي اعطوا الضوء الاخضر لصدام في غزو الكويت . وانا ساذكر بعض الوقائع المتعلقة بذلك . قبيل الغزو العراقي للكويت بايام ،اجتمع صدام مع السفيرة الامريكية في العراق آنذاك أبريل غلاسبي .وشرح صدام للسفيرة ” المظالم ” التي تعرض لها العراق من جانب الكويت ، و اخبرها بنيته غزو الكويت . وكان رد فعل السفيرة : لا املك رأيا في خلاف العراق مع الكويت ، وهو ما فسره صدام على انه ضوء اخضر له للمضي في خطته . وهناك واقعة اخرى ذكرها لي بعض المسؤوليين الكويتيين آنذاك ، وهي ان وزارة الخارجية الامريكية ارسلت قبل لقاء السفيره هذا ، تأكيدات لصدام ، ان واشنطن ليست لديها التزامات دفاعية او أمنية خاصة تجاه الكويت . الا يعني هذا اشارة امريكية غير مباشرة من ان واشنطن لن تتدخل في الصراع ؟

هذه المعلومات تشير الى ان امريكا تتحمل جزءا كبير من مسؤوليىة الغزو العراقي للكويت ، ولذلك ، فلا يحق لها المطالبة بتعويضات او استرداد المبالغ التي انفقتها اثناء عملية تحرير الكويت .ثم ينبغي الا يغيب عن الذهن ، ان امريكا فيما بعد ، قد احتلت العراق ، ونهبت موارده الغنية . فلماذا لا يتحدث الوزير الامريكي الذي يطالب الكويت اليوم باعادة مبلغ مائة مليار دولار ، عن المكاسب المالية والسياسية الهائلة التي جنتها واشنطن من احتلالها للعراق ؟

اعتقد ـ ان مطالب واشنطن المالية هذه ، تندرج ضمن سياسة البلطجة والعصا الغليظة ،التي تلوح بها ادراة ترامب في وجه اصدقائها اليوم ، وتبتزهم ماليا وسياسيا .
(اخبار سوريا الوطن ٢-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الدرس الأول محاماة

عاش الشاعر سعيد عقل 102 (مائة وسنتين). يحظى شعره بالإعجاب، والقبول، وتثير مواقفه السياسية ومبالغاته «اللبنانية» الجدل والنقض والاعتراض. والأرجح أنه كان يطيب له أن ...