كتب ابن الجولان السوري:طاهر ابوصالح
التمس العذر مسبقاً لأنني سأتكلم لأول مرة، واتمنى أن تكون أخر مرة، بشكل طائفي، ولكن في بعض الأحيان الضرورات تبيح المحظورات.
يطالعنا بين الفينة والأخرى رئيس وزراء إسرائيل وبعض وزرائه، معلنين عشقهم للطائفة الدرزية والاستعداد للدفاع عنها ضد ما يحدق بها من مخاطر، وفي هذا السياق يخطر على بالي بعض الأسئلة التي أحب ان اوجهها للسيد نتنياهو ووزرائه والحكومة بشكل عام. أولاً الدروز في الجليل والكرمل فُرضت عليهم الخدمة بالجيش الإسرائيلي وبهذا فهم يتساوون مع اليهود بالواجبات، فلماذا لا تساويهم حكومة إسرائيل بالحقوق؟ وبدلاً من مساواتهم ذهبت الكنيست الإسرائيلي لأبعد من ذلك فحولت التفرقة العنصرية الى قانون من خلال سن “قانون القومية” وجعلت من غير اليهود أي العرب مواطنين من الدرجة الثانية وبضمنهم طبعاً الدروز، وكذلك صادرت اراضيهم، وسنت الكنيست قانون كامينتس، وبدأوا باستصدار اوامر هدم لبيوتهم التي بنيت على اراضيهم، واعتبرتها دوائر التنظيم الاسرائيلية غير مرخصة، وهكذا ثبتّوا المقولة المتداولة بين الدروز أن ” الدروز يهود بالواجبات وعرب بالحقوق”.
أما بالنسبة لدروز الجولان فحدث ولا حرج، وأنا لا اريد ان اعود الى سنوات السبعين والثمانين والحكم العسكري الذي عانى منه أهل الجولان، ولا الى أيام الإضراب الذي أعلنوه بعد ضم الجولان وحصار القرى وزج القيادات والناشطين بالسجون، فقط سأذكركم بمشروع المراوح الأخير الذي لم ننته منه بعد، والذي يهدف لمصادرة الآلاف من الدونمات من أراضينا الزراعية، وعندما وقف أهل الجولان بوجه هذا المخطط ضربتهم الشرطة بيد من حديد واقتلعت عيون بعض شبابهم وحطمتم عظام الأخرين.
أما بالنسبة لدروز لبنان؛ فهل نسيتم بعد غزو إسرائيل للبنان في حزيران 1982 كيف استغل حزب الكتائب، الوجود الإسرائيلي للسيطرة على الجبل فاصطدم مع الدروز في معارك ضارية ووقفت إسرائيل بأحسن حال تتفرج على قتل الدروز وتدعم الكتائب بالسر، فقد تحالفت إسرائيل مع الكتائب وحاول أمين الجميل تمرير اتفاق السابع عشر من أيار عام1983 والذي أُسقط لاحقاً، وكلنا يذكر ظاهرة انشقاق بعض الجنود من دروز اسرائيل والالتحاق بدروز لبنان، الذين كان يقودهم الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة الإستاد وليد جنبلاط.
أما بالنسبة لدروز السويداء؛ اين كان هذا العشق عندما قامت داعش بالتواطؤ مع النظام البائد بالهجوم على قرى السويداء الشرقية في تموز من عام 2018، وقتلوا المئات وخطفوا النساء والأطفال؟ الم يكن الدروز احباءكم في حينه؟ وسلاحكم الجوي يسرح ويمرح بأجواء سوريا؟ هل كنتم عاجزين عن قصف داعش شرقي السويداء، وأين كنتم عندما هُوجم الدروز في جبل السماق في قرية “قلب لوزة “في حزيران من عام 2015 وقتل العديد منهم على ايدي المتطرفين الإسلاميين؟
سأكتفي بهذه الأمثلة فقط لأعّري عورة العشق المزيف أمام من يهتف لإسرائيل، كنتم دائماً تريدون تقسيم سوريا وإقامة دويلة درزية ، على غرار ما فعلتم بجنوب لبنان (دويلة سعد حداد) وكلنا يذكر مخططكم بعد هزيمة حزيران 1967 حيث أردتم نقل دروز الجليل والكرمل الى الجولان، التي افرغتوها من السكان بعد طرد سكانها السوريين، لتسيطروا على قراهم، ولم تنجحوا ، وأنتم تعلمون جيداً أن دروز الجولان هم من أفشل التقسيم. واليوم تريدون ان تستغلوا ضعف سوريا لتعيدوا الكرّة من جديد، على حساب الدروز، ولكن اعلموا ان اشراف السويداء وقيادتهم الدينية والزمنية سيفشلون مخططكم للمرة الثانية، فهم أحفاد سلطان باشا الأطرش الذي أفشل مخطط إقامة دولة للدروز في بداية العشرينات من القرن الماضي ووحد سوريا.
أنتم دولة تسعى وراء مصالحها ولا ضير في ذلك، كل الدول تفعل ذلك، ولكن كفّوا عن ظلم هذه الطائفة واستعمالها أداة لمشاريعكم، فلن تنجحوا، فقط ستثبتون بفعلكم هذا طبيعتكم التي نعرفها عنكم؛ على أنكم دولة استعمارية توسعية بامتياز، وستصلون الى النتيجة التي وصل اليها نابليون عندما حاصر عكا وطلب من الدروز دعمه واعداً إياهم بإقامة دويلة للدروز، فرفضوا ووقفوا ضده فعاد الى بلاده يجر اذيال الهزيمة.
وأخيراً اريد ان أقول لبعض إخواننا من باقي الطوائف؛ وآسف عل هذه اللهجة، والتي لم اعتد عل استعمالها، ولكن وصلنا الى مرحلة يجب ان نضع فيها الحقائق على الطاولة بكل صراحة، إن كتاباتكم التحريضية على الدروز لا تجعلكم وطنيين وأشراف، وتحول الدروز الى عملاء، فتاريخ الدروز يشهد لهم وخاصة في السويداء، وليسوا بحاجة لشهادة أحد، بل بعملكم هذا للأسف تصبون الماء على يد إسرائيل ومشاريعها، عليكم الوقوف بجانب المستهدفين من اخوانكم بني معروف في التصدي لمشاريع التقسيم، فماذا يفيدكم ادانة الدروز إذا تقسمت سوريا؟
ان هذه التهجمات من البعض، والذين لا يعبرون حتماً عن الأشراف من باقي الطوائف وهم كثر، يذكرني بهزيمة حزيران عام 67، عندما أعلنت القيادة المهزومة ان من تمسك من سكان الجولان الدروز في أرضه ورفض المغادرة هم سبب الهزيمة، في حين هرب قائد الجبهة العقيد أحمد المير بلباس مدني وهو يمتطي حماراً، وذلك بعدما أعلن وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد سقوط القنيطرة قبل دخول الجيش الإسرائيلي اليها بساعات، وعرف هذا البلاغ ببلاغ ال 66، لتثبت الأيام بعد سنوات من النضال، ان من حافظ على عروبة الجولان هم السكان الذين تمسكوا وصمدوا بأرضهم.
يجب ان يدرك الدروز وغيرهم، ان إسرائيل وكذلك الدول بشكل عام تحب وتسعى وراء مصالحها فقط، وفي حال تعارضت مصلحتها مع مصلحة اي مجموعة كانت تنقلب عليها فوراً، فأنظروا الى ما فعله نتنياهو وحكومته مع المخطوفين في غزة، فمع أن غالبيتهم من اليهود الإسرائيليين، ولكن عندما شكلت عودتهم خطراً على استمرار حكومته تركهم لمصيرهم، فتخيلوا ماذا يمكن أن يفعل مع غير اليهود!
(أخبار سوريا الوطن١-الاصايل)