آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الصين تحارب أميركا بـ17 معدناً نادراً

الصين تحارب أميركا بـ17 معدناً نادراً

 

فؤاد بزي

 

أشعلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرباً تجارية استهدفت الصين بشكل خاص. فردّت هذه الأخيرة بتوجيه واحدة من أقسى الضربات للصناعات المتقدّمة في الولايات المتحدة، وأوقفت تصدير المعادن النادرة إلى أميركا والتي تعد العمود الفقري للصناعات التكنولوجية. هذه الخطوة نقلت إنتاج الصناعات الأميركية المتقدّمة مثل صناعة السيارات والأجهزة الذكية وحتى الصناعات العسكرية كصناعة قطع طائرات F35 وصواريخ التوماهوك، إلى مرحلة الخطر الشديد بعدما بدأت مخزوناتها بالنفاد. فالشحنات الصينية، ولو أعيد جدولتها فقط من دون أن تلغى نهائياً، ستؤدي إلى تأخير خطوط الإنتاج الأميركية 60 يوماً لأنها تعتمد بنسبة 70% على الواردات الصينية من هذه المعادن.

 

تستخدم المعادن النادرة في الصناعات التكنولوجية الحديثة، مثل صناعة السيارات الكهربائية وأنظمة التوجيه على سبيل المثال لا الحصر. ويصل عددها إلى 17 عنصراً معدنياً طبيعياً، وتعرف بالمعادن النادرة نظراً إلى ندرتها وصعوبة استخراجها من المناجم، إذ لا تتجاوز نسبة تركّزها في القشرة الأرضية 0.03%، مقارنة مع نسبة تركّز تبلغ 5.63% للحديد، و8.23% للألمنيوم، و28.2% للسيليكون.

 

أما المعادن النادرة التي تحوّلت إلى أداة في هذه الحرب التجارية لكونها تستخدم في المركبات التكنولوجية الحديثة، فهي اللانتانوم Lanthanum والسيريوم Cerium، والباراسيديوم Paraseodynium، والنيودينيوم Neodynium، والبروميثيوم Promethium، ساماريوم Samarium، أوروبيوم Europium، غادولينيوم Gadolinium، تيربيوم Terbium، ديسبيروسيوم Dysprosium، الهولميوم Holmium، إيربيوم Erbium، ثوليوم Thulium، ييتربيوم Ytterbium، لوتيتيوم Lutetium، سكانديوم Scnadium، ييتريوم Yttrium.

 

 

تنتمي هذه المعادن كيميائياً إلى عائلتين من عائلات جدول العناصر الدوري الثمانية؛ عائلة «المعادن الانتقالية» التي تحتوي على العدد الأكبر من المعادن المعروفة مثل الحديد والفضة والذهب. وعائلة «اللانتانيد» النادرة وصعبة الاستخراج بسبب خصائص أفرادها المتشابهة. ولا تحتوي مناجم المعادن النادرة، على كميات مركزة، بل تتواجد على شكل مركّبات معقدة تضمّ عدداً كبيراً من المعادن تفصل عن بعضها البعض بصعوبة. ولفهم هذه المسألة، يمكن الاستفادة من المقارنة مع مناجم الذهب. فرغم ندرة المعدن الأصفر والطلب الكبير عليه، إلا أنّ مناجمه تحتوي على عروق من المعدن الثمين واضحة وسهلة الاستخراج بمعاول العمال في بعض الأحيان من دون الحاجة إلى آلات معقدة.

 

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، تسيطر الصين على المخزون العالمي من المعادن النادرة المقدر بنحو 116 مليون طن، وفقاً لأرقام هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. تبلغ حصّة الصين منه 44 مليون طن، أي 38%. وعلى مستوى الإنتاج، تسيطر الصين على 90% من الإنتاج العالمي، إذ تنتج نحو 225 ألف طن سنوياً، وفقاً للمصدر نفسه، فيما يبلغ الإنتاج العالمي، والذي تتشارك فيه 12 دولة نحو 250 ألف طن سنوياً.

 

يذكر أنّ الصين تستثمر في مناجم المعادن النادرة في دول أفريقية مثل جنوب أفريقيا وتنزانيا ومدغشقر، ما يزيد من قوّة قبضتها على السوق العالمية للمعادن النادرة. كما إنّ الدول الأغنى بهذا النوع من المعادن ليست على وفاق سياسي مع الولايات المتحدة، أو أقله ليست مستعدة لبيعها بأسعار متهاودة مثل البرازيل وفيتنام، إذ تتشارك هاتان الدولتان المركز الثاني لناحية المخزون العالمي من المعادن النادرة بحصة تقرب من 22 مليون طن لكلّ منهما. ورغم ذلك، فإنّ إنتاج هذه المعادن في كلّ من فيتنام والبرازيل منخفض جداً، ولا يزيد على ألف طن سنوياً.

 

الصين تستثمر في مناجم المعادن النادرة في دول أفريقية مثل جنوب أفريقيا وتنزانيا ومدغشقر

 

وفي سياق مرتبط، يعكس استهلاك الدول من المعادن النادرة، قدرتها على إنتاج التكنولوجيا المتقدمة. فبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة، تحتلّ الصين المركز الأول، إذ تستهلك نحو 60% من الإنتاج العالمي من المعادن النادرة، وتليها اليابان بنسبة 20%، ثم تأتي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المركز الثالث باستهلاك يصل لنسبة 10%.

 

وفي حال ترافق امتلاك مصادر المعادن النادرة والقدرة على إنتاجها مع المعرفة، نصبح أمام شبه سيطرة كاملة على دوائر إنتاج الأجهزة الذكية ومكوناتها، فضلاً عن الصناعات العسكرية وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية. مثلاً، يستخدم الييتريوم Yttrium في إنتاج الشاشات من فئة LED وOLED، ويستعمل الإيربيوم Erbium في أجهزة الاتصالات العاملة بتقنية الألياف البصرية، أما اللانتانوم Lanthanum، فيدخل في صناعة عدسات الكاميرات العالية الجودة في الهواتف الذكية.

 

ورغم أنّ كميّة المعادن النادرة المستخدمة في صناعة الأجهزة الذكية ليست كبيرة إذا قيست بحجم الجهاز الواحد، فإن كميّة الباراسيديوم Paraseodynium المستخدم في صناعة السماعات لا تزيد عن 0.01 غرام، وكميّة الغادولينيوم Gadolinium المستعمل في مكونات الذاكرة تصل إلى 0.005 غرام. وتصبح هذه الكميات كبيرة جداً إذا قيست بمستوى الإنتاج العالمي من الأجهزة الذكية. بحسب موقع Statista ينتج 1.5 مليار هاتف ذكي سنوياً على مستوى العالم. عندها، ستصبح كمية الغادولينيوم المطلوبة عالمياً تناهز 7.5 أطنان سنوياً، وإلى جانبها 15 طناً من الباراسيديوم.

 

«النيودينيوم» الأكثر استهلاكاً

 

لا تعد المعادن النادرة من السلع الغالية الثمن نسبياً رغم ندرتها. يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من النيودينيوم Neodynium نحو 6 آلاف و400 دولار. ويعدّ هذا المعدن الأكثر استهلاكاً عالمياً، ما يعني أنّ الطلب عليه مرتفع، وتصل نسبة إنتاجه إلى 30% من مجمل الإنتاج العالمي للمعادن النادرة نظراً إلى اعتباره مكوناً أساسياً في المغناطيسات العالية الجودة، والمستخدمة في صناعة توربينات الرياح والأجهزة الإلكترونية الحديثة، فضلاً عن عدم وجود بدائل يمكن أن تحلّ مكان مغناطيسات النيودينيوم.

 

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تخطيط استثماري سوري برؤى من خارج الصندوق.. تكامل ميزات “الأقاليم الجغرافية” السورية في خدمة التنمية الكليًة

نهى علي:   ثمة خاصيّة اقتصادية استثمارية في سوريا، لا بدّ أن تؤخذ باعتبار كل من يتصدّى لمهمة تخطيط الأفق الاستثماري السوري، و فتح نوافذ ...