آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » القصة الكاملة لتطويع «ترومان»: هكذا كسرت صنعاء «القوة المميتة»

القصة الكاملة لتطويع «ترومان»: هكذا كسرت صنعاء «القوة المميتة»

 

لقمان عبد الله

 

 

سرّعت جملة من التطورات العسكرية «البالغة الخطورة» بين الجانبين الأميركي واليمني، والتي لم تخرج إلى العلن، تخلّي واشنطن عن هدفها المعلن المتمثل بمنع صنعاء من «تهديد أمن الملاحة الدولية»، والاكتفاء، في المقابل، بتعهد من الأخيرة بعدم استهداف أصول الأولى العسكرية والمدنية، والتخلي، كذلك، عن حماية الأصول والمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي الأسبوع الذي سبق قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقف الضربات الجوية، أصدرت «القيادة المركزية الأميركية» بياناً أعلنت فيه أنها توقفت عن مشاركة التفاصيل حول العمليات في اليمن.

 

وفيما لم تسلط وسائل الإعلام الضوء على البيان الأميركي بشكل كبير، رأى مراقبون فيه محاولة من القيادة العسكرية الأميركية للتعتيم على «أحداث كبيرة» هناك، بعدما دأبت، بشكل ممنهج، على تكذيب البيانات اليمنية حول الاشتباكات التي كانت تدور بين المسيّرات والصواريخ اليمنية من جهة، والمنظومات الدفاعية المخصصة لحماية حاملة الطائرات «ترومان» من جهة أخرى، أو التقليل من أهميتها، رغم أنّ تلك الاشتباكات كانت تستمر، في كل مرة، لساعات طويلة.

 

وأثارت سياسة «التعتيم» تلك، تساؤلات في أوساط بعض الخبراء والأعضاء في لجان الخارجية والأمن والدفاع في الكونغرس، حول الأهداف الكامنة خلفها، ودفعتهم إلى توجيه انتقادات إلى «البنتاغون»، خصوصاً أن الطرف المقابل دأب على التأكيد، على لسان قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، أنّه «يسيطر على المجال الجوي اليمني»، رغم تعرض اليمن يومياً لضربات جوية أميركية، واستباحة الطائرت الأميركية والإسرائيلية والبريطانية لمجاله الجوي.

 

وبالفعل، أقرّ الكثير من المحللين الغربيين بحقيقة هذه السيطرة؛ إذ أعلنت، مثلاً، مراسلة قناة «إن بي سي نيوز» الأميركية لشؤون البنتاغون والأمن القومي، كورتني كوبي، في منشور على منصة «إكس»، أنّه «رغم العدد الكبير من الغارات الجوية التي شنت ضدهم، لا يزال الحوثيون يسيطرون على المجال الجوي»، مشككةً في ادعاءات إدارة ترامب حول نجاح هجماتها.

 

خلف الكواليس

أمّا في ما يتعلق بـ«الحقيقة» غير المعلنة خلف الهدنة الأخيرة، فقد خلص القادة العسكريون في واشنطن، على ما يبدو، إلى أنّ الصواريخ الفرط صوتية، كتلك التي أُطلقت على «مطار بن غريون» في تل أبيب الأسبوع الماضي، والتي قيل إنها نسخة مطورة من صاروخ «فلسطين 2» الفرط صوتي، والقادر، بدوره، على المناورة وتجاوز منظومة «ثاد» البحرية المثبتة على إحدى القطع المرافقة لحاملة الطائرات الأميركية، على غرار ما حصل عندما تجاوز صاروخ «فلسطين» المعدل منظومة «ثاد» في إسرائيل مرتين متتاليتين الأسبوع الماضي، قادرة على إصابة إحدى حاملات الطائرات الأميركية، والتي تعادل مساحتها تقريباً أربعة ملاعب كرة قدم. وقدّر المسؤولون إمكانية استهداف الحاملات أثناء توقفها لإقلاع الطائرات أو هبوطها، مشيرين إلى أنّ منسوب الخطر «يرتفع» مع استمرار عملها في البحر الأحمر.

 

وجد الأميركيون أنفسهم «مجبرين» على إلقاء طائرتي «أف – 18» في البحر خلال أسبوع واحد

 

 

ونقل القادة العسكريون هواجسهم تلك إلى إدارة دونالد ترامب، ما أدى، جنباً إلى جنب عوامل أخرى، إلى تسريع اتخاذ قرار وقف إطلاق النار، لا سيما أنّ نتائج السيناريو المشار إليه، في حال تحققه، قد لا تقتصر على إحداث ضرر في الحاملة، بل ربما تصل حدّ تدميرها أو انفجارها، وبالتالي التسبب في كارثة غير مسبوقة في تاريخ البحرية الأميركية، نظراً إلى أنّ وزن الرأس المتفجر للصاروخ يقدّر بنصف طن من المتفجرات. وفي الوقت نفسه، وعقب نجاح اليمن في تحييد «فخر صناعة الطائرات» الأميركية، مسيرة «أم كيو – 9»، أقر عدد من الخبراء الأميركيين بتقدم الدفاعات الجوية اليمنية، وقدرتها المتزايدة على منع الطائرات الحربية الأميركية من إصابة أهدافها بدقة، أو على الأقل من التحليق في السماء اليمنية براحة.

 

كذلك، كانت الاشتباكات التي تدور مع حاملات الطائرات، وتحديداً «ترومان»، تمنع لساعات، وبشكل مستمر، الطائرات من الهبوط أثناء عودتها من عمليات القصف للأراضي اليمنية، ما يدفعها إلى التحليق بعيداً في انتظار انتهاء المعركة، وبالتالي التزود بالوقود جواً، أكثر من مرة، أو الهبوط في المطارات المجاورة. كما أجبرت هذه الاشتباكات، في غير محطة، الطائرات التي لم تكن قد أقلعت بعد، على البقاء لساعات في حظائرها، ومنعتها بالتالي من التعامل مع التهديد الذي تتعرض له الحاملة وفريقها، فضلاً عن التقليل من عدد طلعاتها المقررة فوق الأراضي اليمنية.

 

وإذ زعمت واشنطن، عقب حادثة سقوط طائرة «أف – 18» الأولى، أنها لا تمتلك «الأدلة الكافية» لتأكيد سبب سقوطها، متذرعةً بأنّ الطائرة سقطت «عن طريق الخطأ، بنيران صديقة»، بالتزامن مع هجوم يمني بالصواريخ والمسيّرات، إلا أنّه بالنسبة إلى قوات صنعاء، فإنّ «التزامن» المشار إليه، لم يأتِ عن طريق «المصادفة»، بل بناءً على «حسابات دقيقة» مرتبطة بتوقيت انطلاق تلك المسيّرات والصواريخ، جنباً إلى جنب مدة تحليق الطائرات الأميركية بعد عودتها من القصف، قبل هبوطها على سطح الحاملة «ترومان»، التي أُجبرت، بمعنى آخر، على تفعيل دفاعاتها الجوية، ما تسبب في «الحادثة» المذكورة.

 

وفي المرة الثانية لسقوط طائرة أخرى من الطراز نفسه، ثمّ الثالثة قبل ساعات من إعلان ترامب وقف إطلاق النار، كان هناك دليل قاطع على أنّ «طائرات أف 18 سوبر هورنت» سقطت في البحر أثناء محاولة تفادي هجوم صاروخي يمني، بدا توقيته، كذلك، «دقيقاً جداً»؛ إذ تمّ تحديد المدة التي كانت فيها البحرية الأميركية تنقل الطائرات المحمولة من الحظيرة إلى السطح استعداداً لإقلاعها، علماً أنّ مثل تلك الطائرات لا تبقى دائماً على سطح الحاملة، بل يتم رفعها مباشرةً قبل الاستخدام.

 

اللوم يقع على بكين!

وإذ تعمد واشنطن، عادةً، إلى إلقاء اللوم على طهران في ما يتعلق بتطور القدرات اليمنية، فقد طاولت الاتهامات الأميركية، هذه المرة، الصين؛ حيث نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ «شركة أقمار صناعية صينية مرتبطة بالجيش الصيني تزود المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن بصور لاستهداف السفن الحربية الأميركية، والسفن الدولية في البحر الأحمر». وكانت الصحيفة نفسها قد ذكرت، في تقرير في نيسان، أنّ إدارة ترامب حذرت بكين من أن شركة «تشانغ غوانغ» لتكنولوجيا الأقمار الصناعية المحدودة، وهي مجموعة تجارية مرتبطة بجيش «التحرير الشعبي الصيني»، تُزوّد الحوثيين بالمعلومات الاستخباراتية. وآنذاك، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية إنّ الصين «تجاهلت» المخاوف الأميركية.

 

ومن جهتها، تنفي الصين، بشكل مستمر، الاتهامات الموجهة إليها. ويؤكد لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أنه «منذ تصاعد التوترات في البحر الأحمر، أدّت الصين دوراً نشطاً في تخفيف حدة التوتر»، متسائلاً: «من يحاول لعب دور الوسيط وتعزيز المحادثات لتهدئة الوضع، ومن، على المقلب الآخر، يفرض عقوبات ويمارس الضغوط ويسهم في تأجيج الوضع؟ أعتقد أن المجتمع الدولي يعرف الجواب تماماً»، في انتقاد غير مباشر للولايات المتحدة.

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

باريس تقول إن العلاقات مع الجزائر “مجمدة تماما” منذ تبادل طرد الموظفين وتؤكد “إن مجازر سطيف تستحق أن تُخلّد”

أكد وزير الخارجية الفرنسي الأحد في مقابلة مع فرانس إنتر/فرانس تلفزيون/لوموند، أن العلاقات بين باريس والجزائر لا تزال “مجمدة تماما” منذ قيام الجزائر بطرد اثني ...