آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » «الصمود» الصيني يؤتي ثماره | بكين – واشنطن: رجوع عن حافة «الهاوية»

«الصمود» الصيني يؤتي ثماره | بكين – واشنطن: رجوع عن حافة «الهاوية»

 

ريم هاني

 

عقب مفاوضات استمرت ليومين بين الوفدين الصيني والأميركي في العاصمة السويسرية جنيف، تمكّن العملاقان الاقتصاديان، على ما يبدو، من الابتعاد، في آخر لحظة، عن حافة «الانفصال الاقتصادي الشامل»، معلنَين، أمس، التوصل إلى اتفاق «مؤقّت» لخفض التعرفات الجمركية المتبادلة. ولمدة ثلاثة أشهر، سيتم تخفيض الرسوم الأميركية من 145% إلى 30%، على معظم الواردات الصينية بما في ذلك المعدّل المرتبط بالفنتانيل بحلول 14 أيار، في حين ستنخفض الرسوم الصينية البالغة 125% على البضائع الأميركية إلى 10%، وفقاً لبيان مشترك، وتصريحات مسؤولين من الطرفين خلال مؤتمر صحافي عُقد في جنيف أمس، ما سيمهّد الطريق للمزيد من المفاوضات المستقبلية.

 

وبحسب وكالة «بلومبرغ»، أعلنت الصين أيضاً أنها ستعلّق إجراءاتها المضادّة غير الجمركية المفروضة على الولايات المتحدة منذ الثاني من نيسان، في إشارة واضحة إلى إضافة بكين، في 4 نيسان، سبعة معادن نادرة إلى قائمة مراقبة الصادرات، علماً أنّ إزالة تلك القيود تشكّل أولوية بالنسبة إلى واشنطن، بعدما تسببت باضطرابات لدى مجموعة من الصناعات.

 

وفي بكين، من المرجّح أن يُنظر إلى الاتفاق، الذي يخفّض التعرفات بشكل كبير من دون أي «تنازلات» من الصين، على أنّه «انتصار»، طبقاً لما كتبته لين سونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد في بنك «آي إن جي لشؤون الصين الكبرى»، في مذكّرة بحثية. وبالتزامن مع الإعلان عن التخفيضات الجمركية، أصدرت الصين «كتاباً أبيض حول الأمن القومي، تعهّدت فيه بإضافة المزيد من الأدوات إلى مجموعتها المخصّصة للرد على أي إجراءات ضدها، وتحسين آليات مواجهة العقوبات». ومن جهته، أعلن نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ، الذي ترأّس الوفد المفاوض في جنيف، أن واشنطن وبكين اتّفقتا على إنشاء «آلية تشاور» في ملف التجارة.

 

وعلى الجانب الأميركي، أكّد وزير الخزانة الأميركية، سكوت بينست، الذي كان على رأس الوفد الأميركي، أنّ الطرفين متفقان على أنّهما «لا يريدان الانفصال»، متابعاً: «أجرينا مناقشة قوية ومثمرة للغاية حول الخطوات القادمة بشأن الفنتانيل»، فيما قد تسفر المحادثات عن «شراء الصين المزيد من المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة». ورداً على سؤال من «بلومبرغ» حول سبب موافقة الوفد الأميركي على تخفيض أكبر بكثير من ذاك الذي كان قد أعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قبل اللقاء، قال الممثل التجاري، جاميسون جرير، إنّ «كل شيء هو عبارة عن مفاوضات»، علماً أنّ ترامب كان يؤيد إبقاء تعرفات بقيمة 80% على البضائع الصينية، تاركاً مهمة حسم القرار لوزارة الخزانة.

 

وتعقيباً على الاتفاق الأخير، يؤكد المحلّل والكاتب وعضو مجلس الإدارة في «الجمعية الصينية لدراسات الشرق الأوسط»، رونغ هوان، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «صمود الصين في وجه الحرب التجارية أسفر عن هذا الاتفاق. ونحن نؤكد دائماً أننا نسعى إلى الاتفاق والتعاون من خلال النضال، لا عبر تقديم التنازلات»، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة هي من طلبت إجراء المحادثات، نظراً إلى أنّها «الأكثر تضرراً من حرب الرسوم الجمركية، وأنّ المنتجين والمستهلكين الأميركيين يحتاجون إلى مثل هذا الاتفاق».

 

ويردف رونغ أنّ النتيجة التي تمّ التوصل إليها كانت «متساوية»، عقب إلغاء معظم الرسوم الجمركية وتجميدها، مشيراً إلى أن الطرفين ناقشا اهتماماتهما على طاولة المفاوضات «بشكل معمّق»، إيماناً منهما بأهمية «الشراكة التجارية للحفاظ على النمو الاقتصادي العالمي».

 

يرى محلّلون أنّ الاتفاق لن يؤثّر كثيراً على الاتجاه العام للعلاقات المتدهورة بين بكين وواشنطن

 

 

وإذ من غير الممكن «حل كل الخلافات بين ليلة وضحاها»، طبقاً للمصدر نفسه، إلا أنّ الاتفاق الأخير «يُعدّ خطوة إيجابية مهمة نحو القضاء على الخلافات التجارية عبر الحوار المتساوي، ولا سيما عقب إنشاء آليات للتشاور التجاري بين البلدين لعقد المناقشات والاجتماعات مستقبلاً». وفي بكين، يُنظر إلى التحسن في العلاقات التجارية بـ«تفاؤل»، وسط تطلّع صنّاع السياسة الصينيين إلى «مزيد من التعاون في مجالات أكثر، في حال تمّ التوصل إلى أرضية مشتركة بين البلدين، بشكل يصبّ في مصلحة المستهلكين والمنتجين لدى الطرفين والنمو الاقتصادي العالمي».

 

وينسحب هذا التفاؤل على محللين آخرين يرون أن الاتفاق يمهّد الطريق لمزيد من المحادثات، وربما اجتماع محتمل بين ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، مشيرين إلى أنّه لدى الوصول إلى تلك المرحلة، «قد يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق تجاري أوسع، وإنهاء حرب التعرفات الجمركية». وفي هذا السياق، تنقل صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن سونغ جويو، نائب مدير «مركز الدراسات الأميركية» في «جامعة فودان» في شنغهاي، قوله إنّ هذه الخطوة تشكّل «نقطة تحول رئيسية بعد الحرب التجارية التي بدأتها واشنطن».

 

على أنّه على الضفة المقابلة، وعلى الرغم من الارتفاع الذي شهدته الأسهم في جميع أنحاء آسيا، أمس، يحذّر مراقبون آخرون من أنّ الإعلان المشترك الأخير «لا يرقى إلى مستوى الاتفاق التجاري»، بل هو مجرد «بداية لمزيد من جولات المفاوضات»، لافتين إلى أنّه على الرغم من أنّ البيان الذي صدر الإثنين يخفّض من درجة اشتعال الحرب التجارية، إلا أنّه «لن يؤثّر كثيراً على الاتجاه العام للعلاقات المتدهورة بين بكين وواشنطن، واللتين أصبحتا أقرب من أي وقت مضى إلى الانفصال الاقتصادي الكامل».

 

وفي هذا الإطار، ترى كبيرة الاقتصاديين لشؤون منطقة آسيا والمحيط الهادئ في «بنك ناتيكسيس الاستثماري»، إليسيا غارسيا هيريرو، في حديث إلى «واشنطن بوست»، أنّ «الصفقة الأخيرة ليست حلاً»، بل آلية لتخفيف حدّة «الانفصال»، وجعله يتم «بشكل أبطأ وأقل تكلفة». كما تصف المحللة الاجتماع الأخير بأنّه «في الأساس محاولة، ونأمل أن تكون ناجحة، لتجنب الركود العالمي».

 

وعلى الضفة نفسها، تفيد وكالة «بلومبرغ» بأنّه على الرغم من أن الأسواق رحّبت بالتقارير الأخيرة عن التقدم المحرز في المفاوضات، فإن التاريخ يظهر أن التوصل إلى اتفاق مفصّل قد يستغرق وقتاً طويلاً، في حال «كان ذلك ممكناً أصلاً». وتردف أنّه في عام 2018، اتفق الجانبان أيضاً على تعليق نزاعهما «بعد جولة من المفاوضات»، إلا أنّ الولايات المتحدة سرعان ما تراجعت عن هذا الاتفاق، لتعقب ذلك فترة طويلة (أكثر من 18 شهراً) من التعرفات الجمركية والمحادثات الإضافية قبل توقيع «المرحلة الأولى» من الاتفاق التجاري في عام 2020.

 

ردود فعل في بكين

 

وقوبل الاتفاق الصيني – الأميركي الأخير بموجة من ردود الفعل في أوساط وسائل الإعلام الصينية؛ إذ ورد في تقرير نشرته وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء، عقب اختتام المحادثات الأحد، أنّه «على واشنطن تقدير حسن النية الذي تظهره الصين»، وأنّه «لهذا النوع من حسن النية والصبر حدودهما، ولن نستمر في استخدامهما أبداً مع أولئك الذين يقمعوننا ويبتزّوننا من دون توقف، أو لا يترددون في التراجع عن كلمتهم».

 

من جهته، كتب هو شي جين، المحرر السابق لصحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، الإثنين، على مدوّنة «ويبو» الصينية، أنّ بكين «لم تتنازل مقدار بوصة واحدة عن مبادئها»، مضيفاً: «أعتقد بأن نقطة التحول هذه هي نتيجة شجاعة الصين في القتال».

 

وبالتزامن مع بدء المحادثات السبت، كانت شبكة «يويوان تانتيان» التابعة لـ«تلفزيون الصين المركزي» قد نشرت رسماً كاريكاتورياً لوزير التجارة الأميركي وهو يهرع إلى سويسرا، ويجرّ معه عربة تسوّق فارغة، قبل أن تتبعه الأحد برسم متحرّك يظهر الصين وهي ترفض بشكل متكرر الإجابة على مكالمات هاتفية تردها من «رقم مجهول»، مع تعليق يتساءل عن سبب عدم قدرة واشنطن على «التصرف بهدوء».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة الاقتصاد والصناعة تعتمد المنتدى الاقتصادي السوري للتنمية مصدراً للمعلومات والاستشارات

أصدر وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار قراراً اليوم باعتماد المنتدى الاقتصادي السوري للتنمية مصدراً للمعلومات والاستشارات والدراسات الخاصة بالشأن الاقتصادي. ونص القرار الذي نشرته الوزارة ...