تُعد رحلة رجل الأعمال المصري محمد منصور واحدة من أكثر قصص النجاح إلهاماً في عالم المال والأعمال. من شاب يعمل في محل بيتزا لتأمين لقمة العيش، إلى واحد من أبرز رجال الأعمال في الشرق الأوسط بثروة تُقدّر بـ3.5 مليار دولار، وفق تصنيف “فوربس”، يقدّم منصور مثالاً حقيقياً على أن المثابرة والتعلم من الأزمات يمكن أن يصنعا المعجزات.
البداية من الإسكندرية… ثم اختبار المرض
ولد محمد منصور في عائلة أرستقراطية، وكان والده أحد كبار مصدّري القطن في العالم. لكن أحوال العائلة انقلبت رأساً على عقب بعد قرارات التأميم التي أصدرها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والتي شملت مصادرة ممتلكاتهم، ما دفع منصور إلى الاعتماد على نفسه أثناء دراسته الجامعية في “كارولينا الشمالية”.
وبينما كان يواجه تحديات الحياة كطالب مفلس يعمل في مطعم بيتزا، تلقى صدمة أخرى حين شُخص بإصابته بسرطان الكلى بعد التخرج. لكن، كما يقول، فإن الأمل والطبيب المعالج ساهما في شفاءه الكامل من المرض.
دروس من الحياة: من الحادث إلى النجاح
في سن العاشرة، نجا منصور من بتر وشيك لإحدى قدميه بعد حادث خطير، لكنه قاوم المرض بقوة، وقضى ثلاث سنوات في الفراش يقرأ ويتعلم. هذا الحادث غرس فيه قناعة عميقة بأن لا وقت يمكن إضاعته في الحياة.
مقولته المفضلة التي يعيد تكرارها هي مقولة أينشتاين: “الحياة مثل الدراجة الهوائية، لتحافظ على توازنك، عليك الاستمرار في التحرك”.
من السيارات إلى الذكاء الاصطناعي
بعد عودته إلى مصر، بدأ محمد منصور العمل إلى جانب والده في إعادة بناء الشركة العائلية، ثم اتجه إلى قطاع السيارات، فأسس شراكة مع شركة “جنرال موتورز”، ليحتفل لاحقاً بتصنيع مليون سيارة، بعد أن بدأ الحلم بتصنيع 50 فقط.
لاحقاً، توسّعت أعمال مجموعة منصور لتشمل معدات البناء عبر الشراكة مع “كاتربيلر”، ما جعل علامته التجارية أكبر موزع لهذه المعدات حول العالم.
استثمارات في شركات التكنولوجيا العملاقة
أنشأ محمد منصور شركته الاستثمارية “مان كابيتال” في لندن لإدارة ثروات العائلة، وكانت خطوة استراتيجية أتاحت له الاستثمار في شركات ناشئة مثل “فيسبوك”، و”تويتر”، و”سبوتيفاي”، و”إير بي إن بي”، قبل إدراجها في البورصات العالمية.
اليوم، يركّز منصور على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ويؤمن بأنه الثورة المقبلة التي ستغير العالم. وقد أسس شركة رأس مال مغامر في سان فرانسيسكو تحمل اسم “1984”، للاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة.
رد الجميل… مؤسسة “رايت تو دريم”
من بين أكثر مشروعاته تأثيراً، أسس محمد منصور وأبناؤه مؤسسة Right to Dream، التي تجمع بين التعليم والرياضة. تمتلك المؤسسة فرق كرة قدم في مصر وسان دييغو وغيرها من الدول، وشاركت في كأس العالم قطر 2022 بسبعة لاعبين.
دروس من القلب: لا للغرور ولا للمجازفة العشوائية
في حديثه مع قناة “العربية”، شدد منصور على أهمية التواضع، والصبر، والمجازفة المحسوبة. كما نصح الشباب بضرورة الإحاطة بفريق ذكي والاعتماد على الاستماع قبل اتخاذ القرار.
واختتم حديثه قائلاً: “النجاح السريع قد يبدو مغرياً، لكنه في كثير من الأحيان يؤدي إلى أزمات مالية. أما النجاح الحقيقي فيأتي بالتدرج والمثابرة”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم