آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » من ذاكرة الانتداب إلى رهانات الحاضر ..!

من ذاكرة الانتداب إلى رهانات الحاضر ..!

 

 

 

م.حسان نديم حسن

 

الساحل السوري بتاريخ حضارته العميقة وتنوعه الاجتماعي والثقافي لا يمكن اختزاله في بعد طائفي أو جغرافي بل هو جزء لا يتجزأ من الهوية السورية الجامعة وحضوره في أي نقاش سياسي يجب أن ينبثق من هذا الفهم الشامل.

لذلك فإن إعادة طرح فرضيات تعيد إنتاج منطق الوصاية أو الحماية الخارجية على هذه المنطقة أو غيرها من الجغرافيا السورية لا تنسجم مع الواقع القانوني الدولي ولا مع تطلعات الشعوب التي دفعت أثماناً باهظة في سبيل الحفاظ على استقلالها ووحدتها.

فمنطق السيادة اليوم لا يقتصر على المفهوم القانوني فحسب بل يتجلى في قدرة الدولة على احتواء مكوناتها المجتمعية ضمن عقد وطني عادل يوفر الأمان ويضمن التمثيل المتوازن ويستند إلى مبادئ المواطنة.

حين تغيب هذه المرتكزات يتراجع الإحساس بالانتماء لصالح الهويات الفرعية و يجد البعض أنفسهم مدفوعين نحو خيارات متطرفة لا تعكس بالضرورة قناعاتهم بل تعبيراً عن شعور بالخذلان أو التهديد.

من هنا فإن أي حديث عن الحماية الخارجية أياً كان شكله إنما يعكس اختلالاً في التوازن الداخلي أكثر مما يعكس مشروعية سياسية قائمة على توافق حقيقي.

فالمسألة ليست في مدى إمكانية تدخل قوة خارجية من عدمها بل في الأسباب التي تجعل هذا الطرح يجد من يتبناه أو يتداوله.

وهنا تبرز مسؤولية الدولة أولاً والنخب الثقافية والسياسية ثانياً في صياغة مشروع جامع يعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع ويرفع منسوب الأمل في حل وطني حقيقي يخرج البلاد من دائرة التجاذب الدولي .

وفي مقابل ذلك فإن القوى الدولية مهما بدا حضورها ناعماً أو غير مباشر فهي لا تتحرك بدافع إنساني أو ثقافي بل وفق مصالح استراتيجية واضحة غالباً ما تتقاطع مع استدامة التوتر لا حله فالسيطرة لم تعد تُمارس بالاحتلال المباشر بل عبر أدوات أكثر نعومة وتأثيرًا : من النفوذ الاقتصادي إلى شبكات التأثير الإعلامي إلى التوظيف السياسي للهويات المتمايزة.

وكلما كانت البنية الداخلية أكثر هشاشة زادت فعالية هذه الأدوات وعمق أثرها. وبالتالي فإن مواجهة هذه الديناميات لا تتم عبر الانغلاق أو التوجس بل عبر بناء نموذج سياسي قادر على إدارة التنوع و على صون الاستقلال دون الانفصال عن الواقع الدولي.

إن مقاربة العلاقة مع أي قوة دولية ينبغي أن تكون من موقع الندية لا التبعية فالسيادة لا تتحقق بإعلانها فقط بل بترجمتها إلى سياسات عادلة وإلى حضور دولي قوي وإلى منظومة قانونية تساوي بين المواطنين وتحتكم إلى إرادة الشعب.

في النهاية لا مخرج من هذه الدوامة إلا بمشروع وطني جامع يعيد تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع على أسس جديدة ويضع حداً لاستخدام الجغرافيا أو الهويات كأدوات في صراعات الكبار. مشروع يؤمن بأن وحدة البلاد ليست فقط حدوداً مرسومة بل وعي وتاريخ ومستقبل يبنى بالتكامل.

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا للتقسيم ولا للعدو ولا للأجنبي ولا لإنتهاك حرمة الدم السوري

    غسان كامل ونوس   من دون تحفّظ، أو تردّد، أو شكّ أقول:   – لم يكن الكيان الصهيونيّ الغاصب يوماً، ولن يكون، سوى ...