عبدالله سليمان علي
كشف الصحافي الأميركي داريل فيلبس قبل أيام عن انضمام الحزب الإسلامي التركستاني إلى صفوف وزارة الدفاع السورية. وفيما لاذت الأخيرة بالصمت ولم يصدر عنها تأكيد أو نفي للخبر، شكك سوريون في صحة الخبر من باب غرابته فقط، وليس استناداً إلى معطيات أو أدلة معينة.
وقال فيلبس الذي أصبح يُعرف باسم بلال عبد الكريم منذ اعتناقه الإسلام: “انضم الحزب الإسلامي التركستاني رسمياً إلى هيكلية الجيش السوري المشكّل حديثاً تحت مسمى الفرقة 84”. وأشار إلى أن الخطوة “تأتي استجابة لدعوة وزارة الدفاع جميع الفصائل المتبقية إلى الاندماج تحت القيادة الوطنية”.
وأضاف أنه “يُنظر إلى انضمام الحزب على أنه خطوة مهمة نحو توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا”، مشيراً إلى أنه لم يُكشف بعد عن مهمات الفرقة الجديدة أو مناطق انتشارها.
وأعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة الأسبوع الماضي عن “دمج كل الوحدات العسكرية ضمن وزارة الدفاع”، مشدداً على ضرورة التحاق ما تبقى من المجموعات العسكرية الصغيرة بالوزارة في مدة أقصاها 10 أيام من تاريخ الإعلان، استكمالاً لجهود التوحيد والتنظيم، مشيراً إلى أن “أي تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها”.
ولم يستثن وزير الدفاع الحزب الإسلامي التركستاني ولا أي فصيل آخر من عملية الدمج، باستثناء ما سمّاها “المجموعات الصغيرة” التي أعطاها مهلة 10 أيام لحسم موقفها.
ولم يصدر عن وزارة الدفاع أي نفي للخبر الذي نشره الإعلامي الأميركي الذي سبق أن اعتقلته “هيئة تحرير الشام” قبل سنوات، بسبب عدم رضاها عن تغطيته لبعض التطورات في إدلب.
ويعزز ما سبق صحة انضمام الحزب الإسلامي التركستاني إلى وزارة الدفاع السورية، بل إن هذا الانضمام هو المسار الطبيعي الذي يمكن أن تتخذه الأمور، خصوصاً أنه سبق للقيادة العامة ترفيع القائد العسكري للحزب عبدالعزيز خرديرباري إلى رتبة عميد.
ويعتبر الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا فرعاً من فروع الحزب الأصلي الذي يتخذ من أفغانستان مقراً له بقيادة الشيخ عبدالحق.
ويقود الحزب في سوريا الأمير العام أبو عمر كوثر. وقائده العسكري هو عبد العزيز أبو محمد الذي يعرف أيضاً باسمه الحركي زاهد قاري. وفي آذار/مارس من العام الماضي صدر قرار من مجلس شورى التركستاني في أفغانستان بتعيين كل من عبدالعزيز والشيخ طوبى نائبين للقائد العام في سوريا.
وتختلف التقديرات في تحديد عدد المقاتلين العاملين تحت لواء الحزب التركستاني، وغالباً ما تتباين بحسب الظروف السياسية والعسكرية المحيطة.
وفي هذه المرحلة التي تشهد تركيزاً دولياً على قضية المقاتلين الأجانب، ثمة ميل عام إلى تقليل أعدادهم إعلامياً، إذ بدأ بعض وسائل الإعلام يتحدث عن رقم زهيد هو 1500 مقاتل، بينما كان “تلفزيون سوريا” يقدر العدد قبل سقوط النظام بقرابة 3000.
وقد ذهبت الدراسات والبحوث المعدة عن الحزب التركستاني إلى تقدير عديده بقرابة 5000 مقاتل.
ويتمركز مقاتلوه في ريف اللاذقية الشمالي وريف جسر الشغور، ولهم مستوطنات شبه مستقلة لكونهم اصطحبوا عائلاتهم معهم. ومعظم المنتسبين ينتمون إلى أقلية الإيغور المسلمة في الصين، وتحديداً من إقليم شينجيانغ.
واعتبر بعض المراقبين خطوة ضمّ الحزب إلى وزارة الدفاع بمثابة تحدّ للمطالب التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء لقائه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في الرياض، وعلى رأسها طرد المقاتلين الأجانب.
لكن الخطوة تتسق مع خطاب الشرع من حيث وعده بمنح المقاتلين الأجانب الجنسية السورية تكريماً لهم، وتقديراً للأدوار التي قاموا بها في إسقاط النظام السوري السابق.
ورفعت الولايات المتحدة الحزب الإسلامي التركستاني من قائمة الإرهاب عام 2020، بسبب عدم وجود أدلة على استمرار وجوده وفق القرار الذي أصدره وزير الخارجية الأميركي آنذاك مايك بومبيو.
وكانت واشنطن قد وضعت الحزب على قوائم الإرهاب عام 2002 بسبب ارتباطه بتنظيم “القاعدة”.
في المقابل، تعتبر الصين الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (إقليم شينجيانغ) خطراً يهدد أمنها القومي بسبب مطالبته باستقلال الإقليم. وتتهم السلطات الصينية الحركة بارتكاب أعمال عنف وهجمات إرهابية، بلغت بحسب إحصائها نحو 200 هجمة بين عامي 1990 و2001، مما أسفر عن مقتل أكثر من 162 شخصاً وإصابة نحو 440 بجروح متفاوتة.
وفي جلسة مجلس الأمن عن الوضع في سوريا المنعقدة الأربعاء، شدد المندوب الصيني الدائم على خطورة المقاتلين الأجانب ولا سيما منهم الإيغور، معتبراً أن وجودهم يشكل خطراً على استقرار المنطقة.
ولا يستبعد بعض المراقبين أن تغض الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الطرف عن انضمام التركستانيين إلى الجيش السوري، مشيرين إلى أنه قد تكون لبعض فئات المقاتلين الأجانب أدوار وظيفية في المستقبل للحد من النفوذ الصيني في إطار الصراع المتصاعد بين واشنطن وبكين.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار